مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الأوامر على عرائض في قانون المرافعات المدنية والتجارية و قضاء مجلس الدولة المصري
أبريل 12, 2020
وقف تنفيذ القرارات الإدارية
أبريل 12, 2020

حجية البريد الإلكتروني في الإثبات

أصبح للتطور التكنولوجي و الاتصال عن بعد أثر كبير في العديد من المجالات التي تتعلق بالإنسان بصفة عامة و بالشركات و بنشاطها التجاري بصفة خاصة.
فالشبكة العنكبوتية “الانترنت” أصبح لها تأثير مباشر علي المراسلات بين الأفراد و ذلك عن طريق البريد الإلكتروني ” Email” ، إذ أنه بضغطة زر تستطيع أن ترسل ما تريد إلي الشق الآخر من العالم و في ذات اللحظة.
و بالتالي كان لذلك كله اثر مباشر في مجال التعاملات التجارية ، ذلك أن من أبرز خصائصها السرعة و الائتمان “الثقة” ، و بذلك أصبح من السهولة و اليسر أجراء العمليات التجارية في لحظة واحدة بما يكفل الربح للطرفين و إنجاح التعامل فيما بينهما.
إلا أنه علي الرغم من ذلك ، أثيرت العديد من التساؤلات و الإشكاليات القانونية في هذا الشأن ، و من بينها ما هي الحجية القانونية للبريد الإليكتروني “Email” ، و ما هي قيمته القانونية في الإثبات.

أولا: فيما يخص القانون المنظم للبريد الإليكتروني

قبل صدور قانون رقم 15 لسنة 2004 المنظم للتوقيع الإلكتروني كانت حجية البريد الإليكتروني و أثباته تخضع لقانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968.
و كانت المحاكم طبقاً لقانون الإثبات تعتبر البريد الالكتروني مجرد مستند كتابي يقع عليه من دفوع ما يقع على المستند الكتابي.
لكن بعد صدور قانون رقم 15 لسنة 2004 المنظم للتوقيع الإلكتروني, أصبح البريد الإلكتروني كونه أحد المحررات الإلكترونية له طبيعة خاصة في الإثبات تختلف عن المستند الكتابي العادي.

إذ أن طبيعة البريد الإلكتروني لا تعدو أن تكون أحد المحررات الإلكترونية التي تتم عن طريق الانترنت بين أطراف مختلفة.
و لذلك فإن الحجية القانونية للبريد الإلكتروني في الإثبات أمام القضاء تخضع لقانون التوقيع الإلكتروني و الذي بدوره قد أضاف لقانون الإثبات كيفية تنظيم المحرر الإلكترونية من ناحية الإثبات و ذلك عن طريق وضع الشروط اللازمة للبريد الالكتروني حتي يصبح مقبولا كدليل للإثبات.

و قد أورد القانون في المادة رقم 18 ثلاثة شروط لازمة حتى تكون لتلك المحررات الالكترونية حجية في الإثبات أمام القضاء:
1) إرتباط التوقيع الإلكتروني وحده دون غيره.
2) سيطرة الموقع وحده دون غيره على الوسيط الإلكتروني.
3) إمكانية كشف أي تعديل أو تبديل في بيانات المحرر الإلكتروني أو التوقيع الإلكتروني

ثانيا: حالة الاتفاق في العقد على حجية البريد الالكتروني:

 

أثناء إنعقاد العقد قد يتفق الطرفين على استخدام البريد الإلكتروني للمراسلة بين الأطراف لتنفيذ العقد.

مما يضفي علىه الحجية القانونية فيما بين أطراف ذلك العقد.

كما يحق للأطراف المتعاقدة الاتفاق على عدم الاعتداد أو استخدام البريد الإلكتروني أثناء فترة سريان الأتفاق فيما بينهم و استخدام وسيلة اتصال أخرى , و يرجع ذلك لأسباب تتعلق بالمتعاقدين و بطبيعة العقد أو نوعية العمل المطالب به.
و بالتالي الاتفاق على هذا البند يتيح لكل ذي مصلحة أن يطلب من المحكمة بعدم الاعتداد بالبريد الإلكتروني كدليل في الاثبات أمامها.
و ذلك تطبيقاً للقاعدة المتعارف عليها قانوناً “العقد شريعة المتعاقدين”.

ثالثا: أثبات صحة أو عدم صحة البريد الالكتروني

 

و بالنظر لطبيعة البريد الإلكتروني , فأنه لا يمكن تقديمه أمام المحاكم إلا على هيئة أوراق مطبوعة تطابق ما يوجد على الدعامة الإلكترونية (الخادم الإلكتروني).و بذلك تتحقق حجية الإثبات المقررة للكتابة الإلكترونية و المحررات الإلكترونية الرسمية أو العرفية لمنشئها ، متي توافرت الضوابط الفنية و التقنية بحيث إن يكون متاحاً فنياً تحديد وقت و تاريخ إنشاء الكتابة الإلكترونية الرسمية أو العرفية.

كما أن محكمة النقض قد اتجهت حديثاً إلى أنه يجوز للمحكمة الأخذ بالبريد الإلكتروني والاعتماد عليه لبناء عقيدتها و إصدار حكمها حتى و إن قام الخصم بجحد الصور الضوئية للبريد الإلكتروني.
إذ أنه في حالة جحد الصور الضوئية للبريد الإلكتروني, لا يملك الطرف الآخر أن يقدم أصل المستند أو أية محرر إلكتروني, و ذلك لإن كل مستخرجات الأجهزة الإلكترونية نسخاً ورقية مطبوعة خالية من توقيع طرفيها من المفترض أنها تمثل ما يوجد على الدعامة الإلكترونية.

مفاد ذلك أن طبيعة البريد الإلكتروني تحتم على القاضي أن يقبلها في صورة نسخ ورقية تمثل الأصل الموجود على الدعامة الإلكترونية أو الخادم الإلكتروني و ليس أمام الطرف الآخر الحق في جحدها.
لكن يحق لكل طرف ذي مصلحة أن ينكر أو أن يدعي بتزوير البريد الإلكترني , و له في سبيل إثبات أنها غير صحيحة أو تم تلاعب بها عن طريق الطلب بندب خبير متخصص في ذلك الشأن.

و ينحصر دور الخبير في إعداد تقرير عن مدى مطابقة البريد الإلكتروني المطبوع على نسخ ورقية بما يوجد على الدعامة الإلكترونية و له في ذلك فحص الجهاز الخاص بالمرسل للبريد الإلكتروني و التأكد من صحتها, و تاريخ إرسالها, و عدم التلاعب بها من أية جانب بالإضافة إلى فحص الخادم الإلكتروني و غيرها من الأجهزة التي يرى أنها قد تفيد في إعداد تقريره.

و في ذلك قضت محكمة النقض بأنه : ” إذ كان القانون رقم 15 لسنة 2004 بتنظيم التوقيع الإلكترونى فى الفقرة ( باء ) من مادته الأولى عرف المحرر الإلكترونى بأنه رسالة بيانات تتضمن معلومات تنشأ أو تدمج أو تخزن أو ترسل أو تستقبل كلياً أو جزئياً بوسيلة إلكترونية أو ضوئية أو بأية وسيلة أخرى مشابهة ” ، ونظم حجية تلك الرسائل بنص المادة ( 15 ) منه الذى يجرى بأن ” للكتابة الإلكترونية وللمحررات الإلكترونية فى نطاق المعاملات المدنية والتجارية والإدارية ذات الحجية المقررة للكتابة المحررات الرسمية والعرفية فى أحكام قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية ، متى استوفت الشروط المنصوص عليها فى القانون وفقاً للضوابط الفنية والتقنية التى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون ” ، ومؤدى ذلك أنه لن يعتد بالمحررات الإلكترونية إلا إذا استوفت الشروط المنصوص عليها فى قانون تنظيم التوقيع الإلكترونى واللائحة التنفيذية الصادرة بقرار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات رقم 109 لسنة 2005 ، وقد نصت المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم التوقيع الإلكترونى على ” مع عدم الإخلال بالشروط المنصوص عليها فى القانون ، تتحقق حجية الإثبات المقررة للكتابة الإلكترونية الرسمية أو العرفية لمنشئها إذا توافرت الضوابط الفنية والتقنية الآتية : ( أ ) أن يكون متاحاً فنياً تحديد وقت وتاريخ إنشاء الكتابة الإلكترونية أو المحررات الإلكترونية الرسمية أو العرفية …( ب) أن يكون متاحاً فنياً تحديد مصدر إنشاء الكتابة الإلكترونية أو المحررات الإلكترونية الرسمية أو العرفية ودرجة سيطرة منشئها على هذا المصدر …. ( ج ) ….. فإن حجيتها تكون متحققة متى أمكن التحقق من وقت وتاريخ إنشائها ومن عدم العبث بهذه الكتابة أو تلك المحررات ” ، وعلى ذلك فإنه يتعين الاستهداء بتلك المواد فى شأن المرسلات التى تتم بين أطرافها عن طريق البريد الإلكترونى ، فلا يكون لهذه المرسلات عند جحدها أو إنكارها ثمة حجية إلا بمقدار توافر الشروط المنصوص عليها فى قانون تنظيم التوقيع الإلكترونى ، فإن لم يتم التحقق من توافر تلك الشروط فلا يعتد بها ، فالرسالة المرسلة عن طريق البريد الإلكترونى تعتبر صحيحة إذا توافرت فيها الشروط الواردة بقانون تنظيم التوقيع الإلكترونى ولائحته التنفيذية .
(الطعن رقم 17051 لسنة 87 جلسة ٢٨ /٣/ ٢٠١٩ )

Comments are closed.

xnxxbf