مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
توحيد المبادئ – الطعن رقم 29804 لسنة 55 القضائية (عليا)
مايو 6, 2020
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
توحيد المبادئ – الطعن رقم 18234 لسنة 51 القضائية (عليا)
مايو 6, 2020

توحيد المبادئ – الطعن رقم 7377 لسنة 46 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 11 من فبراير سنة 2017

الطعن رقم 7377 لسنة 46 القضائية عليا

(دائرة توحيد المبادئ)

المبادئ المستخلصة:

(أ) قانون– نفاذ القوانين المتعلقة بالاختصاص- القواعد الإجرائية التي يسنها المشرع لتحديد وسائل اقتضاء الحقوق المتنازع عليها تتصل بمراكز قانونية تقبل التعديل والتغيير، وتطبق بأثر مباشر في المســــائل التي تتناولها- من بين تلك القواعد الإجرائية: قواعد تحــديد اختصاص المحاكم، ولائيا أو نوعيا أو محليا، فهي تطبق بأثر فوري، على أن يستثنى من ذلك :

1 القوانين المعدلة للاختصاص متى كان تاريخ العمل بها بعد إقفال باب المرافعة فى الدعوى

2 القوانين المعدلة للمواعيد متى كان الميعاد قد بدأ قبل تاريخ العمل بها

3- القوانين المنظمة لطرق الطعن بالنسبة لما صدر من الأحكام قبل تاريخ العمل بها، متى كانت هذه القوانين ملغية أو منشئة لطريق من تلك الطرق.

(ب) دستور– أثر الحكم الصادر بعدم دستورية نص- الحكم بعدم دستورية النص لا ينصرف إلى المستقبل فحسب، بل ينصرف إلى الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم الدستورية، فيعد النص القانوني المقضي بعدم دستوريته كأن لم يكن، وينتفي أثره في الماضي والحاضر والمستقبل، أي إن له أثرا رجعيا- يستثنى من هذا الأثر الرجعي: الحقوق والمراكز التى استقرت عند صدور الحكم بعدم الدستورية بحكم حاز قوة الأمر المقضي، أو بانقضاء مدة التقادم، كما يستثنى من الأثر الرجعي: النصوص الضريبية، فلم يجعل المشرع للحكم بعدم دستورية نص خاص بها إلا أثرا مباشرا فى جميع الأحوال الاستثناء الخاص بأثر الحكم بعدم دستورية نص ضريبي جاء عاما ومطلقا، فيشمل النص الضريبي الموضوعي الذي يتعلق بتحديد وعاء الضريبة وشروط استحقاقها ومقدارها، وكذا غيره من النصوص، كالنص الذي يحدد اختصاص المحكمة بنظر المنازعات الضريبية، فكلاهما يعد نصا ضريبيا، خاصة أن العلة من عدم الرجعية للأحكام الصادرة بعدم الدستورية تتحقق بشأن النص المحدد لاختصاص المحكمة بنظر المنازعة الضريبية، وهو عدم إثارة النزاع الضريبى مرة أخرى بعد صدور حكم نهائى فيه.

(ج) اختصاصالاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة– لئن كان من سلطة المشرع إسناد ولاية الفصل فى بعض المنازعات الإدارية التى تدخل فى اختصاص محاكم مجلس الدولة إلى جهات وهيئات أخرى متى اقتضت ذلك المصلحة العامة، إلا أن سلطته فى هذا الخصوص مقيدة بعدم الخروج على النصوص الدستورية، فلا يجوز إسناد الاختصاص فى منازعات بعينها إلى غير قاضيها الطبيعى إلا في أحوال استثنائية اقتضتها الضرورة الملحة وتطلبتها المصلحة العامة- هذا الأمر ليس بمنأى عن الرقابة القضائية للمحكمة الدستورية العليا، بل يخضع لتقييمها.

(د) ضرائب– مفهوم الضريبة، وطبيعتها، والجهة المختصة بنظر المنازعات المتعلقة بها- الضريبة العامة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرا بما لديها من ولاية على إقليمها لتنمية مواردها المالية، باعتبار أن حصيلتها تعد إيرادا عاما يئول إلى الخزانة العامة ليندمج مع غيره من الموارد المالية التي تدبرها لتشكل جميعها وعاءً واحدا لإيرادتها الكلية- نصوص القانون هي التي تنظم حدود العلاقة بين الملتزم بها من ناحية والدولة من ناحية أخرى- الالتزام بالضريبة ليس التزاما تعاقديا، بل مرده إلى نص القانون وحده، فهو مصدره المباشر، وتتدخل الدولة لتقرير الضريبة وتحصيلها ليس باعتبارها طرفا في رابطة تعاقدية، لكنها تفرضها في إطار من قواعد القانون العام- محاكم مجلس الدولة هي صاحبة الولاية دون غيرها بالفصل في جميع المنازعات الضريبية.

(هـ) اختصاص– الأحكام التى تصدر عن محكمةٍ في منازعاتٍ أصبحت بعد إصدارها لها غيرَ مختصةِ بنظرها لصدور تشريع ينفي عنها هذا الاختصاص، تعد أحكاما صادرةً عن محكمةٍ مختصة، ويعُتد بها، وتكون لها حجيتها- الحكمة من ذلك هي استقرار المعاملات والمنازعات التى فصلت فيها المحكمة- القول بغير ذلك يؤدي إلى إثارة النزاع مرة أخرى أمام المحاكم، ويترتب عليه اضطراب المعاملات بين الأفراد أنفسهم، أو بينهم وبين الدولة.

(و) ضرائب– الضريبة العامة على المبيعات- اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيا بنظر المنازعات الخاصة بها- لا يجوز لمحاكم مجلس الدولة نظر الدعاوى الضريبية المتعلقة بتطبيق أحكام قانون الضريبة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، التى صدرت بشأنها أحكام حائزة لقوة الأمر المقضي عن محاكم القضاء العادي قبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا القاضي باختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيا بنظر تلك المنازعات.

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

دائرة توحيد المبادئ

*************

بالجلسة المنعقدة علناً فى يوم السبت الموافق 11/2/2017 م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد عبد الحميد مسعود

                                                    رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمـــة  

وعضـــويــة السـادة الأســاتـذة المستشــارين / حسن كمال محمد أبو زيد شلال ويحيى خضرى نوبى ومحمد محمود فرج حسام الدين وأسامة محمود عبد العزيز محرم وأنور أحمد إبراهيم خليل وحسن عبد الحميد محمد البرعى ومحمد حجازى حسن مرسى وأحمد محمد صالح الشاذلى وإبراهيم محمد إسماعيل عبد الله وإبراهيم محمد الطنطاوى نور .

                                                                  نواب رئيس مجلس الدولـة

بحضور السيد الأستاذ المستشار / إبراهيم أحمد أبو العلا

                                                          نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة                    

وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس                                            سكرتير المحكمة

***************

أصدرت الحكم الآتي

في الطعـــن رقــم 7377 لسنة 46 قضائيـة عليا

 

المقــــــــــام من :

  • وزير المالية بصفته
  • رئيس مصلحة الضرائب بصفته

 

ضــــــــــــــــــد :

سامى شكر الله شنودة ……….. صاحب شركة أبناء شكر الله للنقل بالسيارات

 

******************

طعناً على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى – الدائرة الثامنة

فى الدعوى رقم 8414 لسنة 50 ق بجلسة 11/4/2000 

” الإجـــــــــــــــراءات “

************

        فى يوم الخميس الموافق 8/6/2000 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين بصفتيهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها بالرقم المذكور بصدر هذا الحكم وذلك طعنا على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى الدائرة الثامنة فى الدعوى رقم 8414 لسنة 50 ق بجلسة 11/4/2000 والقاضى منطوقه بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات .

        وطلب الطاعنان بصفتيهما فى ختام تقرير الطعن بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة عاجلة وفى الموضوع بإلغائه والقضاء مجدداً أصليا : بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالدعوى رقم 3639 لسنة 97 ق جنوب القاهرة واستئنافها رقم 11668 لسنة 114 استئناف القــــاهرة واحتياطيا : برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بالمصروفات عن الدرجتين .

        وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات .

        ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا حيث قررت بجلسة 21/1/2008 إحالة الطعن إلى دائرة الموضـــــوع لنظره بجلسة 12/4/2008 .

        وتدوول الطعن أمام الدائرة المذكورة أخيراً على النحو الثابت بمحاضر جلساتها حتى قررت بجلسة 10/10/2009 إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة موضوع للاختصاص حيث نظرت هذه الدائرة الطعن بجلساتها على النحو الثابت بالمحاضر وبجلسة 5/7/2010 قضت بوقف الطعن جزائياً لمدة شهر وتم تعجيل نظر الطعن حيث قدمت جهة الإدارة حافظة مستندات طويت على المستندات التى كانت قد كلفتها المحكمة بتقديمها وتدوول نظر الطعن مرة أخرى حيث قضت بجلسة 16/4/2011 بوقف الطعن تعليقيا لحين الفصل فى الطعن رقم 12042 لسنة 47 ق من دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا .

        ثم نظر الطعن مرة أخرى بذات المحكمة بجلسة 8/7/2014 وتدوول بجلساتها على النحو الثابت بالمحاضر وبجلسة 6/12/2014 قررت إصدار الحكم بجلسة 28/2/2015 ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 28/3/2015 لإتمام المــــداولة وبالجلسة الأخيرة قررت إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ وكلفت السكرتارية باتخاذ اللازم لأن المداولة بحثت الموضوع فى ضوء الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر من محكمـــــــة اســـتئناف القــــــاهرة بجلسة 26/5/1998 فى الاستئناف

رقم 11668 لسنة 114 و قد أسفرت المداولة عما من شأنه العدول عن المبدأ السابق وهو عدم حجية الأحكام الصادرة من المحاكم المدنية فى المنازعات الضريبية أمام محاكم مجلس الدولة وإرساء مبدأ جديد بخصوص المنازعات الضريبية التى حُسم أمرها بأحكام من المحاكم الإستئنافية ومحكمة النقض فى تاريخ  سابق على حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 7/4/2013 فى القضية رقم 162 لسنة 31 ق دستورية والتى قضت بعدم دستورية الفقرتين الأخيرتين من المادة (17) و المادة (35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم (11) لسنة 1991 والمعدلتين بالقانون رقم (9) لسنة 2005 واللتين أناطتا بالمحكمة الابتدائية الفصل فى المنازعة الضريبية المذكورة وبحكم دائرة توحيد المبادئ الصادر بجلسة 1/3/2014 فى الطعن رقم 5371 لسنة 47 ق واللذين حسما أمر الاختصاص بنظر تلك المنازعات الضريبية لمحاكم مجلس الدولة وإرساء مبدأ جديد بشأن هذه المنازعات التى حسم أمرها على النحو المتقدم بأحكام المحاكم الاستئنافية ومحكمة النقض السابقة على أن يعتد بهذه الأحكام أمام محاكم مجلس الدولة وذلك للأسباب الآتية :

  • أن قيام ذوى الشأن باللجوء إلى القضاء الإدارى بعد سبق اللجوء للقضاء المدنى بإقامة العديد من الدعاوى ( يمثل عدداً لا يستهان به من القضايا التى حُسم أمرها ) يهدد الاستقرار فى المعاملات الضريبية ويتنافى مع رغبة الدولة فى تشجيع الاستثمار وجذب المستثمرين .
  • أن معظم الأحكام المشار إليها صدرت لصالح الدولة وآلت آثارها المالية إلى الخزانة العامة وتم صرفها على النفقات العامة وبالتالى فإن معاودة بحثها أمام القضاء الإدارى سيؤدى إلى نتائج سلبية على موازنة الدولة ( فى ذات المعنى المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 168 لسنة 1998 بتعديل المادة (49) من القانون رقم 47 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية ) .

وقد خلصت المحكمة إلى قرارها بإحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ .

وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فى ختامه الحكم بحجية الأحكام الصادرة من المحاكم الاستئنافية ومحكمة النقض فى المنازعات المتعلقة بالضريبة العامة على المبيعات حتى تاريخ 17/4/2013 أمام محاكم مجلس الدولة مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها عدم جواز نظر تلك المنازعات مرة أخرى أمام محاكم مجلس الدولة وذلك على النحو المبين بالأسباب وإعادة الطعن إلى الدائرة الخامسة بالمحكمة الإدارية العليا للفصل فيها على هدى ما تقدم .

وقد نُظر الطعن بجلسات المحكمة على النحو المبين بمحاضرها حيث أودع الحاضر عن جهة الإدارة مذكرة بالدفاع طلب فى ختامها الحكم: أولا : التمسك بترجيح الرأى الذى انتهى إلى حجية الأحكام الصــــادرة من المحـــــاكم الإستئنافية ومحكمة النقض فى المنـــازعات المتعلقة

بالضريبة العامة على المبيعات حتى تاريخ 17/4/2013 أمام محاكم مجلس الدولة مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها عدم جواز نظر تلك المنازعات مرة أخرى أمام القضاء الإدارى وثانياً : الحكم بالطلبات الواردة بتقرير الطعن .

وبجلسة 1/10/2016 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 3/12/2016 وبهذه الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 14/1/2017 وبهذه الجلسة الأخيرة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم فيها إلى جلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .

” المحكـمــــــــــــــــــــة “

**************

بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع الإيضاحات ،  والمداولة قانوناً.

وحيث إن عناصر المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – فى أنه بتاريخ 4/10/1995 أقام المطعون ضده دعواه بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة جنوب القاهرة الابتدائية قيدت بجدولها برقم 1616 لسنة 1995 ضرائب كلى طالبا الحكم بعدم خضوع نشاط الشركة لضريبة المبيعات وما يترتب على ذلك من إلغاء تسجيلها بمصلحة الضرائب مع إلزام الطاعنين بصفتيهما بالمصروفات .

وأورد المطعون ضده ( المدعى ) شرحاً للدعوى أنه صاحب شركة نقل بضائع بالسيارات بين القاهرة والمحافظات الأخرى وهذا النقل غير مكيف وغير سياحى إلا أن مصلحة الضرائب طالبته بالتسجيل لديها حتى لا يقع تحت طائلة القانون وذلك استناداً للتعليمات الصادرة تحت رقم 3 لسنة 1993 والتى تستلزم خضوع نشاط النقل لضريبة المبيعات الأمر الذى حدا به إلى تسجيل شركته لدى المصلحة برقم 180/525/100 فى 20/5/1995 , وأضاف فى عريضة دعواه أنه تدارك بعد ذلك أن شركته لا تخضع لضريبة المبيعات وأن تسجيل شركته لدى المصلحة تم بالمخالفة لأحكام القانون فتقدم بطلب فى 11/6/1995 لتلغى المصلحة تسجيل شركته لديها إلا أن المصلحة تجاهلت هذا الطلب مما حدا به إلى إقامة دعواه طعناً على هذا القرار استناداً إلى الأسباب الآتية :

  • عدم خضوع نشاط النقل بالسيارات لضريبة المبيعات طبقا لأحكام القانون رقم 11 لسنة 1991 و القرار الجمهورى رقم 77 لسنة 1992 .
  • عدم خضوع نشاط النقل بالسيارات للضريبة المذكورة طبقا لما انتهت إليه فتوى الجمعية العمومية للفتوى والتشريع بمجلس الدولة .
  • انتهت محكمة الاستئناف بالإسماعيلية إلى عدم خضوع شركات النقل بالسيارات لضريبة المبيعات .
  • عدم بلوغ حد التسجيل للشركة إعمالا لحكم المادة (18) من القانون رقم 11 لسنة 1991.

واختتم صحيفة دعواه بطلب الحكم بطلباته سالفة الذكر .

ونظرت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية الدعوى على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قضت بجلسة 20/4/1996 بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى وأبقت الفصل فى المصروفات ، ونفاذاً لهذا الحكم وردت تلك الدعوى إلى المحكمة المذكورة أخيراً حيث قيدت بجدولها برقم 8414 لسنة 50 ق.

ونظرت تلك المحكمة الدعوى على النحو الوارد بمحاضر جلساتها حيث قضت بجلسة 11/4/2000 بحكمها المذكور سلفا والمطعون فيه , وقد شيدت قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن نشاط الشركة موضوع النزاع هو نقل البضائع بالسيارات وهذا النشاط لم يرد النص عليه فى الجدول رقم (2) المرفق بقانون الضريبة على المبيعات كما لا يدخل فى مفهوم خدمات التشغيل للغير ومن ثم فأن القرار المطعون فيه بفرض ضريبة على هذا النشاط يكون قد جاء مخالفا لأحكام القانون ويتعين القضاء بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلغاء تسجيل الشركة لدى المصلحة وعدم مطالبتها بأية مبالغ لحساب الضريبة المذكورة وخلصت المحكمة إلى حكمها المطعون فيه .

ولم يلق هذا الحكم قبولا لدى الطاعنين بصفتيهما فأقاما الطعن عليه ناعيين على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله للأسباب الآتية :

  • عدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها لأن المطعون ضده سبق أن أقام الدعوى رقم 3639 لسنة 1997 مدنى كلى جنوب القاهرة طلب فيها عدم خضوع نشاط الشركة للضريبة على المبيعات وبجلسة 19/8/1997 قضت المحكمة المذكورة بما طلبه المذكور وقد طُعن على الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة حيث قيد الطعن برقم 11668 لسنة 114 ق وقضى فيه بجلسة 26/5/1998 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى وألزمت المستأنف ضده المصروفات عن الدرجتين .
  • أن فتوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة الوارد ذكرها بأسباب الحكم المطعون فيه هو رأى استشارى ويختلف عن نهج القسم القضائى بالمجلس .

واختتم الطاعنان بصفتيهما تقرير الطعن بالطلبات سالفة الذكر .

وقد أعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانوني ارتأت فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الجهة الإدارية المصروفات .

وحيث إن المسألة القانونية المعروضة على هذه الدائرة التى أوردتها الدائرة الخامسة تدور حول الاختصاص الولائى بنظر المنازعات المتعلقة بالضريبة العامة على المبيعات حتى تاريخ نشر حكم المحكمة الدستورية الصادر بجلسة 7/4/2013 فى الدعــوى رقم 162 لسنة 31 ق والذى قضى بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (17) والفقرة السادسة من المادة (35) من قانون الضريبة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم (9) لسنة 2005 (( واللتين نصتا على اختصاص المحكمة الابتدائية بالفصل فى المنازعات الضريبية الخاصة بالضريبة على المبيعات )) وأن الاختصاص بنظر تلك المنازعات معقود لمحاكم مجلس الدولة , وما يترتب على ذلك من آثار أهمها مدى الاعتداد بالأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف ومحكمة النقض فى هذه المنازعات أمام محاكم مجلس الدولة حتى تاريخ نشر حكم المحكمة الدستورية المشار إليه .

وحيث إن هذه المسألة المثارة يتنازعها اتجاهان :

أولهما : أن المستقر عليه فى أحكام مجلس الدولة أن الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بالضريبة العامة على المبيعات معقود لمحاكم مجلس الدولة وبالتالى فأن الأحكام التى تصدر من المحاكم المدنية بخصوص تلك المنازعات لا تحوز حجية أمام محاكم مجلس الدولة باعتبارها صادرة من جهة غير مختصة ويستند هذا الاتجاه على الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا دائرة توحيد المبادئ بجلسة 1/3/2014 فى الطعن رقم 5371 لسنة 47 ق.

ثانيهما :الاتجاه الجديد وينتهى إلى حجية الأحكام الصادرة من المحاكم الاستئنافية ومحكمة النقض بشأن المنازعات المتعلقة بالضريبة العامة على المبيعات والتى صدرت فى تاريخ سابق على نشر حكم المحكمة الدستورية الصادر بجلسة 7/4/2013 فى الطعن رقم 162 لسنة 31 ق أمام محاكم مجلس الدولة ويستند هذا الاتجاه إلى عدة مبررات هى :

  • أن قيام ذوى الشأن باللجوء إلى القضــــاء الإدارى بعد سبق اللجــــوء إلى القضاء المدنى ( هذه الدعاوى تمثل عدداً لا يستهان به من القضايا التى حُسم أمرها ) يهدد الاستقرار فى المعاملات الضريبية ويتنافى مع رغبة الدولة فى تشجيع الاستثمار وجذب المستثمرين .
  • أن معظم الأحكام المشار إليها صدرت لصالح الدولة وآلت آثارها إلى الخزانة العامة وتم صرفها على النفقات العامة وبالتالى فإن معاودة بحثها أمام القضاء الإدارى مرة أخرى سيؤدى إلى نتائج سلبية على موازنة الدولة ( ذات المعنى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 198 لسنة 1998 بتعديل المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ) .

وتجدر الإشارة إلى أن قانون الضريبة العامة على المبيعات قد أُلغى بصدور قانون ضريبة القيمة المضافة الصادر بالقـــــانون رقم 67 لسنة 2016 ( بموجب المادة الثانية من مواد الإصدار ) .

وحيث إنه بالنسبة لاختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر المنازعات المتعلقة بتطبيق قانون الضريبة العامة على المبيعات قبل إلغائه على النحو المتقدم .

وحيث إن المادة (167) من دستور جمهورية مصر العربية الصادر سنة 1971 – الملغى ــ تنص على أنه ( يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها وينظم طريقة تشكيلها ويبين شروط وإجراءات تعيين أعضائها ونقلهم ) .

وتنص المادة (172) من ذات الدستور على أن ( مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ويختص بالفصل فى المنازعات الإدارية وفى الدعاوى التأديبية ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى ) .

وتنص المادة (174) من الدســـــتور المصرى الصــــادر بتاريخ 25/12/2012 على أن ( مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة يختص دون غيره من جهات القضاء بالفصل فى كافة المنازعات الإدارية ………… ) .

وتنص المادة (190) من دستور جمهورية مصر العربية المعدل والصادر فى 18/1/2014 على أن ( مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة يختص دون غيره بالفصل فى المنازعات الإدارية والدعاوى والطعون التأديبية ومنازعات التنفيذ المتعلقة بأحكامه ويتولى الإفتاء فى المسائل القانونية للجهات التى يحددها القانون ومراجعة وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية ومراجعة مشروعات العقود التى تكون الدولة أو أحدى الهيئات العامة طرفا فيها ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى ) .

وتنص المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم (47) لسنة 1972

على أن ( تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فى المسائل الآتية :

(أولا) ………….. (ثانياً) ……….. ( ثالثا) ………. (رابعاً) …………. (خامساً)………..

(سادساً)الطعون فى القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية فى منازعات الضرائب والرسوم وفقاً للقانون الذى ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام مجلس الدولة ………………

………………………………………………………….

(رابع عشر ) سائر المنازعات الإدارية ………………………..)

        وحيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد جرى على أن مجلس الدولة أصبح هو صاحب الولاية العامة فى نظر سائر المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعى بما عُقد له بموجب الدستور والقانون من اختصاصات بحيث لا يسوغ أن تنأى منازعة إدارية عن اختصاصه إلا بنص خاص فى الدستور أو القانون الذى يصدر وفقاً لأحكام الدستور وبحسبان أن القرارات الإدارية التى وردت فى المادة العاشرة من قـــانون مجلس الدولة ســــالفة الذكر إنما وردت على سبيل المثال دون أن يعنى ذلك خروج غيرها من القرارات الإدارية عن اختصاص مجلس الدولة وإلا انطوى الأمر على مخالفة للدستور والقانون .

(حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 6/11/1982  فى الطعن رقم 1258 لسنة 26 ).

كما قضت المحكمة الدستورية بأن من سلطة المشرع إسناد ولاية الفصل فى بعض المنازعات الإدارية التى تدخل فى اختصاص مجلس الدولة إلى جهات وهيئات أخرى متى اقتضى الصالح العام ذلك وعلى ذلك فحين يرد نص قانونى بتحديد اختصاص جهة قضائية أخرى غير محاكم مجلس الدولة بنظر منازعة إدارية فأن الاختصاص بنظرها ينحسر دون جدال عن ولاية محاكم مجلس الدولة إلا أن سلطة المشرع فى هذا الخصوص مقيدة بعدم الخروج على النصوص الدستورية فلا يجوز إسناد الاختصاص فى منازعات بعينها إلى غير قاضيها الطبيعى إلا فى أحوال استثنائية اقتضتها الضرورة الملحة وتطلبتها المصلحة العامة .

وأضافت المحكمة الدستورية أن مجلس الدولة هو قاضى القانون العام فى المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية وما فتئ عليها باسطا ولايته على مختلف أشكالها وتعدد صورها وأن المشرع إذا ما قدر ملاءمة إسناد الفصل فى بعض المنازعات الإدارية إلى محاكم السلطة القضائية فأن سلطته فى هذا الشأن مقيدة بعدم الخروج على نصوص الدستور فلا يجوز إيلاء سلطة فى منازعات بعينها إلى غير قاضيها الطبيعى إلا فى أحوال استثنائية تتطلبها المصلحة العامة فى أوثق روابطها وهذا الأمر ليس بمنأى عن الرقابة القضائية لهذه المحكمة ( المحكمة الدستورية ) بل تخضع لتقييمها , وأن ما قرره الدستور من النص على أن يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها لا يجوز اتخاذه موطئا لاستنزاف اختصاص المحاكم أو التهاون من تخصيص الدستور بعضها بمنازعات بذواتها باعتبارها قاضيها الطبيعى وصاحبة الولاية العامة بالفصل فيها , إذ إن الاختصاص المقرر دستوريا لأية جهة من جهات القضاء ليس محض حق لهذه الجهة أو تلك وإنما ولاية خولها الدستور باعتبارها الجهة القضائية التى ارتأى أنها الأجدر بنظر نوع معين من المنازعات .

(حكم المحكمة الدستورية فى القضية رقم 101 لسنة 26 ق جلسة 1/2/2009 )

        وقد تعرضت المحكمة الدستورية فى حكمها الصادر بجلسة 7/4/2013 فى الدعوى رقم 162 لسنة 31 ق إلى مدى دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (17) والفقرة السادسة من المادة (35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2005 ( الملغى ) حيث اســـتعرضت نصوص هذا القانون على النحو التالى :

        تنص المادة الأولى من القانون رقم 9 لسنة 2005 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة على المبيعات المذكور على أن ( يستبدل بنصــــــوص المواد 17 و 29 و 35 و 39 من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم (11) لسنة 1991 النصوص الآتية :     مادة (17) – للمصلحة تعديل الإقرار المنصوص عليه فى المادة السابقة ويخطر المسجل بذلك بخطاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول خلال ثلاث سنوات من تاريخ تسليمه الإقرار للمصلحة و للمسجل أن يتظلم لرئيس المصلحة خلال ثلاثين يوما من تاريخ تسلم الإخطار فإذا رفض التظلم أو لم يبت فيه خلال ستين يوما , يجوز لصاحب الشأن أن يطلب إحالة النزاع إلى لجان التوفيق المنصوص عليها فى هذا القانون خلال الستين يوما التالية لإخطاره برفض تظلمه …………. أو لانتهاء المدة المحددة للبت فى التظلم ويعتبر تقدير المصلحة نهائياً إذا لم يقدم التظلم أو يطلب إحالة النزاع إلى لجان التوفيق خلال المواعيد المشار إليها وللمسجل الطعن أمام المحكمة الابتدائية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صيرورته نهائياً.)

والمادة 35 (استثناء من أحكام القانون رقم 7 لسنه 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات………………………………………………………………………………… إذا قام نزاع مع المصلحة حول قيمة السلعة أو الخدمة أو نوعها أو كميتها أو مقدار الضريبة المستحقة عليها أو مدى خضوعها للضريبة  وطلب صاحب الشأن إحالة النزاع إلى لجنة التوفيق في المواعيد المقررة وفقاً للمادة (17) من هذا القانون  فعلى رئيس المصلحة أو من ينيبه إحالة النزاع إلى اللجنة المذكورة كمرحلة ابتدائية خلال الخمسة عشر يوما التالية لتاريخ إخطاره بالطلب المذكور ………. فإذا لم تتم المرحلة السابقة بسبب عدم تعيين صاحب الشأن للعضو الذي يمثله أو إذا اختلف عضوا لجنة التوفيق ……………………………………… رُفع النزاع إلى لجنة التظلمات …………………… ويعلن قرار اللجنة إلى كل من صاحب الشأن والمصلحة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدوره بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول، ويكون القرار الصادر من اللجنة واجب النفاذ …………………………… وفى جميع الأحوال يحق لصاحب الشأن الطعن على القرار الصادر من لجنة التظلمات أمام المحكمة الابتدائية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إخطاره …………………….)

ونصت المادة الخامسة من القانون رقم (9) لسنه 2005 على أن (يستبدل بكلمة (التحكيم) كلمة (التوفيق) أينما وردت في قانون الضريبة العامة على المبيعات المشار إليه)

ونصت المادة السادسة منه على أن (ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به  من اليوم التالي لتاريخ نشره)

وقد تم نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية بالعدد (13) بتاريخ 31/3/2005 .

وحيث إنه من المقرر أن الأصل في الضريبة العامة أنها فريضة مالية تقتضيها الدولة جبراً بما لديها من ولاية على إقليمها لتنمية مواردها المالية باعتبار أن حصيلتها تعد إيراداً عاماً يؤول إلى الخزانة العامة ليندمج مع غيره من الموارد المالية التي تدبرها لتشكل جميعها وعاءً واحداً لإيرادتها الكلية ، وأن نصوص القانون هي التي تنظم حدود العلاقة بين الملتزم بها من ناحية والدولة من ناحية أخرى سواء في مجال تحديد الأشخاص الخاضعين لها أو الأموال التي تسرى عليها وشروط سريانها وسعر الضريبة وكيفية تحديد وعائها وقواعد تحصيلها وأحوال الإعفاء منها والجزاء على مخالفة أحكامها .

وحيث إنه متى كان ذلك وكان قانون الضريبة يصدر على هذا النحو فأنه ينظم رابطتها تنظيماً شاملاً يدخل في مجال القانون العام ويبرز ما للخزانة العامة من حقوق قّبل الممول وامتيازاتها عند مباشرتها وبوجه خاص التأكيد على حق الإدارة في تنفيذ دين الضريبة على الممول وتأثيم محاولة التخلص منه وإذا كان حق الخزانة العامة فى جباية الضريبة فأنه يقابله حق الممول في فرضها وتحصيلها منه على أسس عادلة وأن الالتزام بالضريبة ليس التزاماً تعاقدياً بل مرده إلى نص القانون وحده فهو مصدره المباشر والدولة تتدخل لتقرير الضريبة وتحصيلها ليس باعتبارها طرفاً في رابطة تعاقدية ولكنها تفرضها في إطار من قواعد القانون العام ولا يجوز التبديل أو التعديل فيها أو الاتفاق على خلافها.

ويتضح أن المشرع قد أقر بالطبيعة الإدارية للطعون في القرارات النهائية الصادرة عن الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم بدءاً من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن مجلس الدولة كما جرى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة على النهج نفسه وهو ما أكده قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة في البند السادس من المادة العاشرة منه والتي عقدت الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في الطعون على القرارات النهائية الصادرة عن الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم.

ومن حيث إنه متى كان ذلك فأن المرجع في تحديد بنيان الضريبة العامة على المبيعات وعناصرها ومقوماتها وأوضاعها وأحكامها المختلفة بما في ذلك السلع والخدمات الخاضعة للضريبة والمكلفين بها والملتزمين بأعبائها وقيمة الضريبة المستحقة ومدى الخضوع لها والإعفاء منها إلى قانون هذه الضريبة وإلى القرار الصادر من الجهة الإدارية المختصة بتنفيذ أحكامه وبالتالى فأن المنازعة في القرار الصادر بشأن هذه الضريبة تعد منازعة إدارية بحسب طبيعتها وتندرج ضمن الاختصاص المحدد لمحاكم مجلس الدولة وهو ما أوردته المحكمة الدستورية في القضية رقم 162 لسنة 31 ق بجلسة 7/4/2013 بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (17) والفقرة السادسة من المادة (35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم (11) لسنة 1991 المستبدل بهما القانون رقم (9) لسنة 2005 وأكدت المحكمة الدستورية أن المشرع الدستورى حرص دائماً على دعم مجلس الدولة الذى أصبح منذ دستور1971 جهة قضائية قائمة بذاتها محصنة من أي عدوان عليها وعلى اختصاصها المقرر دستورياً باعتباره قد غدا قاضى القانون العام وصاحب الولاية العامة دون غيره في الفصل في كافة المنازعات الإدارية.

     وقد استقر قضاء دائرة توحيد المبادئ على اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر المنازعات الضريبية. {حكمها الصادر بجلسة 1/3/2014 في الطعن رقم 5371 لسنة 47 ق}.

       وخلاصة ما تقدم أن محاكم مجلس الدولة هي صاحبة الولاية دون غيرها في الفصل     في كافة المنازعات الضريبية ومن بينها المنازعات المتعلقة بتطبيق قانون الضريبة على المبيعات حتى ألغى العمل به بموجب قانون ضريبة القيمة المضافة الصـــادر بالقانون رقم 67 لسنة 2016 .

أما عن حدود الأثر المترتب على حكم المحكمة الدستورية الصادر بجلسة 7/4/2013 في الدعوى رقم 162 لسنة 31 ق الصادر بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (17) والفقرة السادسة من المادة (35) من قانون الضريبة العامة على المبيعات. والمشار إليه تفصيلاً فيما سبق .

وحيث إن المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 بعد تعديلها بالقانون رقم 168 لسنة 1998 تنص على أن (أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة وتنشر الأحكام والقرارات المشار إليها في الفقرة السابقة في الجريدة الرسمية وبغير مصروفات خلال خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ صدورها ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخاً آخر ، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبى لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مباشر وذلك دون إخلال باستفادة المدعى من الحكم الصادر بعدم دستورية هذا النص .

فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائى تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن. ويقوم رئيس هيئة المفوضين بتبليغ النائب العام بالحكم فور النطق به لإجراء مقتضاه.)

وحيث إنه وفقاً لما تقدم وفى ضوء ما قضت به المحكمة الدستورية بأن نص المادة (49) سالفة الذكر قبل تعديلها بالقانون رقم 168 لسنة 1998 تقضى بعدم تطبيق النص القانوني المقضى بعدم دستوريته من اليوم التالى لنشر الحكم بعدم الدستورية في الجريدة الرسمية وهو خطاب تشريعى موجه لسلطات الدولة وللجميع للعمل بمقتضاه وأن قاضى الموضوع من بين المخاطبين بهذا النص التشريعى ومتعيناً عليه ألا ينزل حكم القانون المقضى بعدم دستوريته على المنازعات المطروحة عليه وذلك يؤكد قصد المشرع في تقرير الأثر الرجعى للحكم بعدم الدستورية وقد أعملت المادة (49) المذكورة سلفاً هذه الرجعية على إطلاقها بالنسبة للنصوص الجنائية إلى حد إسقاط حجية الأمر المقضى لتعلقها بالإدانة في أمور تمس الحرية الشخصية، أما في المسائل الأخرى (غير الجنائية) فيسرى عليها كذلك الأثر الرجعى للحكم بعدم الدستورية ما لم يكن للعلاقات والأوضاع السابقة أساس قانونى آخر ترتكن إليه وتحد من أطلاقات الرجعية وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لقانون المحكمة الدستورية  في تعليقها على نص المادة (49) منه حيث ورد بها أن القانون تناول أثر الحكم بعدم الدستورية فنص على عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لتاريخ نشر الحكم ومؤداه عدم تطبيق النص ليس مستقبلاً فحسب وإنما بالنسبة للوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص، على أن يستثنى من هذا الأثر الرجعى الحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت عند صدوره بحكم حاز قوة الأمر المقضى أو بانقضاء مدة التقادم .

إلا أن المشرع رأى أن يتدخل بتعديل نص الفقرة الثالثة من المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية المشار إليه سلفاً بتخويل المحكمة سلطة تقرير أثر رجعى لحكمها على ضوء الظروف التي تتصل ببعض الدعاوى الدستورية التي تنظرها كما قرر – أثراً مباشراً للحكم إذا كان متعلقاً بعدم دستورية نص ضريبى.

ومؤدى ذلك أن المشرع أكد المفهوم الصحيح لأثر الحكم بعدم الدستورية وهو الأثر الرجعى الا أنه استحدث أمرين كلاهما يعتبر استثناء من الأصل العام وهو الأثر الرجعى للحكم بعدم الدستورية ألا وهما أن تحدد المحكمة في حكمها تاريخاً آخر لبدء إعمال أثر حكمها  والثانى حدده قصراً بالنسبة لأحكامها الصادرة بشأن النصوص الضريبية فلم يجعل لهما إلا أثراً مباشراً فى جميع الأحوال .

(حكم المحكمة الدستورية فى القضية رقم 78 لسنة 25 ق جلسة 13/1/2008 ، حكمها فى القضية رقم 37 لسنة 9ق جلسة 19/5/1990 وحكمها فى القضية رقم 48 لسنة 3 ق جلسة 11/6/1983 ).

وحيث إن المحكمة الدستورية تواتر قضاؤها على أن الحكم بعدم دستورية النص        لا ينصرف إلى المستقبل فحسب وإنما ينصرف إلى الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم الدستورية ويستثنى من هذا الأثر الرجعى الحقوق والمراكز التى استقرت عند صدوره بحكم حاز قوة الأمر المقضى أو بانقضاء مدة التقادم، كما يستثنى من الأثر الرجعى للحكم بعدم الدستورية النصوص الضريبية فلم يجعل لها إلا أثراً مباشراً فى جميع الأحوال.

 وفى ضوء ما تقدم فأن الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف ومحكمة النقض بخصوص منازعات الضريبة العامة على المبيعات حتى اليوم السابق على نشر حكم المحكمة الدستورية الصادر بجلسة 7/4/2013 فى الدعوى رقم 162 لسنة 31 ق فأن هذه الأحكام لها حجيتها أمام محاكم مجلس الدولة ويعتد بها وذلك باعتبار أن هذه الأحكام صدرت من جهة مختصة للأسباب الآتية :

1- إنه من المقرر أن الأحكام القضائية كاشفة وليست منشئة الأمر الذى يستتبع أن يكون للحكم بعدم الدستورية أثر رجعى كنتيجة حتمية لطبيعته الكاشفة ويعتبر النص القانونى المقضى بعدم دستوريته كأن لم يكن وينتفى أثره فى الحاضر والمستقبل والماضى أى له أثر رجعى لأن الحكم بعدم الدستورية كشف عما يوجد بالنص القانونى من عوار دستورى أدى إلى الحكم بعدم دستوريته وهو ما يترتب عليه زوال النص منذ بدء العمل به ويستثنى مــن هـــذا الأصل الحكم بعدم دستورية نص ضريبى فلا يكون للحكم إلا أثر مباشر وقد أفصحت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 168 لسنة 1998 المعدل لنص المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية المشار إليه سلفاً عن العلة من هذا الاستثناء وهى أن إبطال المحكمة لنص ضريبى بأثر رجعى يؤدى إلى رد حصيلتها إلى الذين دفعوها فى الوقت الذى تكون فيه الدولة قد أنفقت حصيلة هذه الضريبة فى تغطية أعبائها مما يعجزها عن مواصلة تنفيذ خطتها فى مجال التنمية ويعوقها عن تطوير أوضاع المجتمع بل أن ذلك قد يحملها على فرض ضرائب جديدة لسد العجز فى موازنتها الأمر الذى يرتب آثارا خطيرة  تنعكس سلباً على المجتمع ويؤدى إلى اضطراب موازنة الدولة وعدم استقرار مواردها .

   ولما كان الاستثناء الخاص بعدم الأثر الرجعى للحكم الصادر بعدم دستورية النص الضريبى وفقاً لحكم المادة (49) سالفة الذكر جاء عاماً ومطلقاً فلم يحدد طبيعة النص الضريبى هل هو موضوعى يتعلق بتحديد وعاء الضريبة وشروط استحقاقها ومقدارها أم نص يتعلق بغير ذلك كالنص الذى يحدد اختصاص المحكمة بنظر المنازعات الضريبية فكلاهما نص ضريبى خاصة أن العلة من عدم الرجعية للأحكام الصادرة بعدم الدستورية تتحقق بشأن النص المحدد لاختصاص المحكمة بنظر المنازعة الضريبية وهو عدم إثارة النزاع الضريبى مرة أخرى بعد صدور حكم نهائى فيه لأن فى إثارة النزاع مرة أخرى بعد الحكم بعدم دستورية النص الذى يحدد اختصاص المحكمة يؤدى إلى إثارة النزاع مرة أخرى أمام المحكمة المختصة ويهدد الاستقرار فى المعاملات الضريبية {خاصة وأن الدعاوى التى فصلت فيها محاكم الاستئناف ومحكمة النقض تمثل عدداً ليس بالقليل} ويمس الموارد الضريبية خاصة أن هذه الحصيلة الضريبية آلت إلى الخزانة العامة وصُرفت على النفقات العامة وبالتالى فأن معاودة نظر تلك الدعاوى التى صدرت بشأنها أحكام أمام محاكم مجلس الدولة سيؤدى إلى نتائج سلبية على موازنة الدولة ومن ثم فأن العلة التى أفصحت عنها المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 168 لسنة 1998 بتقرير عدم الرجعية للنص الضريبى المقضى بعدم دستوريته متحققة أيضاً فى النص الضريبى الذى ينظم مسألة تحديد اختصاص المحكمة التى تنظر المنازعة الضريبية وهو عدم إثارة النزاع الضريبى مرة أخرى أمام محاكم مجلس الدولة بعد أن صدر حكم نهائى بشأنه من محاكم القضاء المدنى حتى لا يتهدد الاستقرار الضريبى .

2- ويعضد الفقرة السابقة أن القواعد الإجرائية التى يسنها المشرع لتحديد وسائل اقتضاء الحقوق المتنازع عليها تتصل بمراكز قانونية تقبل التعديل والتغيير وبالتالى كان سريانها بأثر مباشر فى المســــائل التى تنـــــــاولتها ومن بين تلـــك القـــواعد الإجرائية قـــواعد تحــديــد اختصـــــاص المحاكم سواء ولائياً أو نوعياً أو محلياً وهذه القواعد تسرى بأثر فورى حيث نصت المادة الأولى من قانون المرافعات الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 على أن (تسرى قوانين المرافعات على ما لم يكن فصل فيه من الدعاوى أو ما لم يكن تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها ويستثنى من ذلك :

  • القوانين المعدلة للاختصاص متى كان تاريخ العمل بها بعد إقفال باب المرافعة فى الدعوى.
  • القوانين المعدلة للمواعيد متى كان الميعاد قد بدأ قبل تاريخ العمل بها .
  • القوانين المنظمة لطرق الطعن بالنسبة لما صدر من الأحكام قبل تاريخ العمل بها متى كانت هذه القوانين ملغية أو منشئة لطريق من تلك الطرق .)

  وحيث إن مفاد ذلك أن قواعد تحديد اختصاص المحاكم سواء ولائياً أو نوعياً أو محلياً تسرى بأثر فورى ومن ثم فأن الأحكام التى تصدر من محكمة وأصبحت تلك المحكمة بعد صدور تشريع ينفى عنها الاختصاص يكون الحكم قد صدر من محكمة مختصة ويعُتد بحكمها ويكون له حجيته والحكمة من ذلك هو استقرار المعاملات والمنازعات التى فصلت فيها المحكمة والقول بغير ذلك يؤدى إلى إثارة النزاع مرة أخرى أمام المحاكم ويترتب عليه اضطراب المعاملات بين الأفراد أنفسهم أو بينهم وبين الدولة وهو ما حرص المشرع على تجنبه بالنص على سريان قواعد تحديد الاختصاص بأثر فورى بعدم إثارة النزاع مرة أخرى .

3- أن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر على أن الحكم  بعدم الدستورية لا ينصرف إلى الحقوق والمراكز القانونية التى استقرت عند صدوره بحكم حاز قوة الأمر المقضى أو بانقضاء مدة التقادم .

(حكم دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا الصـــادر بجلسة 1/3/2014 فى الطعن رقم 29199 لسنة 54 ق ) .

     والبين أن المنازعات الضريبية التى صدرت بشأنها أحكام نهائية من محاكم الاستئناف ومحكمة النقض تعلقت بحقوق ومراكز قانونية استقرت بصدور تلك الأحكام بحكم حاز قوة الأمر المقضى ومن ثم لا يجوز أن يتقرر للحكم بعدم الدستورية الخاص بتحديد اختصاص المحكمة الابتدائية بنظر المنـــازعة المتعلقة بتطبيق قانون الضريبة على المبيعات ( قبل إلغائه) أثر رجعى , لأن فى ذلك مساس بتلك المراكز القانونية التى استقرت .

        وعلى ذلك فإن الحكم الصادر من المحكمة الدستورية باختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر منازعات الضريبة على المبيعات يسرى بأثر فورى وبالتالى لا يسرى على الأحكام الحائزة لقوة الأمر المقضى السابقة عليه .

        ومتى كان ما تقدم فإنه يتعين عدم تطبيق الأثر الرجعى للحكم الصادر من المحكمة الـدستــوريـــة بجــلــسة 7/4/2013 فى الدعوى رقم 162 لسنة 31 ق ويعمـل به بأثر فورى,   ومن ثم فإن الأحكام النهائية والباتة الصادرة من محاكم القضاء العادى فى المنازعات الضريبية التى تتعلق بتطبيق أحكام قانون الضريبة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991   ( قبل إلغائه ) تغدو أحكاما صادرة من محاكم مختصة وتكون لها حجيتها أمام محاكم مجلس الدولة  ولا يجوز إثارتها أمامه مرة أخرى .

” فلهـــــــــــــذه الأســــــــــباب “

حكمت المحكمــــــة : بعدم جواز نظر الدعاوى الضريبية المتعلقة بتطبيق أحكام قانون الضريبة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 والتى صدرت بشأنها أحكام حائزة لقوة الأمر المقضى من محاكم القضاء العادى قبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 7/4/2013 فى الدعوى رقم 162 لسنة 31 ق , أمام محاكم مجلس الدولة , وذلك إعمالا لحكم المادة 101 من قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 وإعادة الطعن إلى الدائرة المختصة للفصل فيه على هدى ما تقدم .

Comments are closed.

xnxxbf