مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
توحيد المبادئ – الطعن رقم 29117 لسنة 56 القضائية (عليا)
مايو 6, 2020
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
توحيد المبادئ – الطعن رقم 41354 لسنة 56 القضائية (عليا)
مايو 6, 2020

توحيد المبادئ – الطعن رقم 41768 لسنة 57 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 6 من يناير سنة 2018

الطعن رقم 41768 لسنة 57 القضائية (عليا)

(دائرة توحيد المبادئ)

المبادئ المستخلصة:

(أ) دعوى:

التدخل في الدعوى- لا يُقبل طلب التدخل أمام دائرة توحيد المبادئ- طبيعة هذه الدائرة و اختصاصها يتأ بيان و قبول طلب التدخل أمامها ؛ لأنها لا تفصل في نزاع بين طرفين, بل تحسم أمر اتجاهات متعددة لفهم و تفسير و تطبيق النصوص القانونية – يتعين عدم قبول ذلك الطلب([1]).

(ب) قانون:

قواعد التفسير- كل تفسير للنص القانوني يفضي إلى دستوريته يتعين حمله عليه ؛حتى لا يكون التفسير سبيلا إلي وقوع النصف يعيب عدم الدستورية – تطبيق : إذا أمكن تفسير النص بما لا يخالف مبدأ المساواة المقرر دستوريا بين المخاطبين به وغيرهم، وجب إعمال هذا التفسير، ولو كان تفسيرا واسعا له.

(ج) الأزهر الشريف:

مبعوثو الأزهر إلى الخارج- معاملتهم ماليا- مناط معاملتهم طبقا لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992- وافق مجلس الوزراء بتاريخ 18/7/1955 على أن يعامل موظفو وزارة التربية و التعليم بالخارج من الفنيين والإداريين (الكادرالعالي) معاملة نظرائهم من رجال السلك السياسي، ثم صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 36 لسنة 1977 قاضيا بأن تطبق في شأن المبعوثين إلى الخارج من الأئمة و الدعاة بوزارة الأوقاف ،الأحكام المقررة لموظفي وزارة التعليم بالخارج طبقا لقرار مجلس الوزراء المشار إليه ، ثم صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992 قاضيا بأن تطبق في شأن مبعوثي الأزهر إلى”المراكزالإسلامية” في الخارج الأحكام المقررة لموظفي وزارة التعليم بالخارج طبقا للقرار المشار  إليه.

يتعين في هذا المقام تفسير عبارة “المراكزالإسلامية” بما يتفق و أهداف التشريع و الحكمة التي تغياها ,دون الوقوف عند المدلول الحرفي لها ,أو مسمى الجهة المبتعث إليها، وهو ما يقتضي تفسيرها بمايتسق و التعريف الموضوعي لها، والمتمثل في تحقيق هدف نشرالثقافة الإسلامية و شرح مفاهيم الدين الإسلامي الصحيح و تعليم اللغة العربية، وبما يحقق المساواة بين فئة المبعوثين إلى الخارج من وزارة الأوقاف ،و فئةالمبعوثين إلى الخارج من الأزهر، وكذا المساواة بين المبعوثين إلى الخارج من الأزهرنفسه، وبمراعاة أن تلك المراكز تختلف باختلاف الأنظمة التشريعية بكل دولة في الخارج – ترتيبا على ذلك:متى ثبت ابتعاث الأزهري إلى الخارج لتحقيق الأغراض المنوه عنها، فقد توفر في شأنه مناط الإفادة من أحكام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992 المشار إليه ، أيا كان مسمى الجهة التي ابتعث إليها.

بسم الله الرحمن الرحيم

مجلس الدولـة

المحكمة الإدارية العليا

دائـرة توحيـد المبـادئ

بالجلسة المنعقدة علناًفى يوم السبت الموافق 6 /1 /2018 م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار / أحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم

                 رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمـــة

وعضـــويــة السـادة الأساتـذة المستشارين / يحيى خضرى نوبى ومحمد محمود فرج حسام الدين وأسامة محمود عبد العزيز محرم وأنور أحمد إبراهيم خليل وناجى سعد محمد محمود الزفتاوى وتوفيق الشحات السيد محجوب وعبد الرحمن سعد محمود عثمان ود. محمد ماهر أبو العينين ومحمد حجازى حسن مرسى ود. حسنى درويش عبد الحميد درويش .

نــواب رئيس مجلس الدولـة

بحضور السيد الأستاذ المستشار / رجب عبد الهادى محمد تغيان

                                                 نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة                  

وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس                              سكرتير المحكمة     

أصدرتالحكمالآتى :-

في الطعـــن رقـــم 41768 لسنــــة 57 قضائية عليا

المقــــام مــن: عطيــة أمـين عطيــة فــــرج

ضـــــــــد

1- شيخ الأزهر الشريـــــف                   بصفته

2- وكيل الأزهر الشريف                       بصفته

3- أمين عام مجمع البحوث الإسلامية          بصفته

في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية – الدائرة الثانية شرقية
بجلسة 26/6/2011 في الدعوى رقم 13326 لسنة 13 ق.

الإجــــراءات

في يوم الاثنين الموافق 22/8/2011 أودع الأستاذ/ يسري أحمد محمد المنشاوي، المحامي بالنقض، بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن الماثل، قيد بجدولها بالرقم المسطر أعلاه، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية-الدائرة الثانية شرقية – بجلسة 26/6/2011 في الدعوى رقم 13326 لسنة 13 ق،والذي قضى” بقبول الدعوي شكلاً،ورفضها موضوعاً، وإلزام المدعي المصروفات “.

وطلب الطاعن، للأسباب المبينة بتقرير الطعن،الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بأحقيته في معاملته مالياً طبقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992 طيلة مدة إبتعاثه بالخارج ,مع ما يترتب علي ذلك من آثار وفروقمالية , وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عن درجتي التقاضي .

وقد أعلن المطعون ضدهم” بصفاتهم”بتقرير الطعن,على الوجه المقرر قانوناً ,وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ,والقضــــاء مجـــــدداً بأحقيـــــة الطاعــــن فــــــي معاملتـــــه ماليـــــاً خلال مدة إبتعاثه بالخارج طبقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992 ,مع ما يترتب على ذلك من أثار وفروق مالية , وإلزام الجهة المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي .

وقد نظرت الدائرة السابعة – فحص – بالمحكمة الإدارية العليا الطعن,على النحو المبين بمحاضر جلساتها , وبجلسة 25/9/2016 قررت إحالته إلي الدائرة السابعة – موضوع – لنظره بجلسة 16/10/2016 , فنظرته المحكمة بهذه الجلسة والجلسات التالية لها ,وبجلسة 19/3/2017 قررت إحالته إلي الدائرة المشكلةطبقاً لنص المادة (54 مكرر ) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 – دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا – لحسم الخلاف القائم بين أحكام المحكمة الإدارية العليا في شأن مدى سريان أحكام قرار مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992 على مبعوثي الأزهر بالخارج لغير المراكز الإسلامية .

وأودعت هيئة مفوضي الدولة بدائرة توحيد المبادئ تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بترجيح الاتجاه السائد في أحكام المحكمة الإدارية العليا والذي يقضي بأحقية مبعوثي الأزهر, للتدريس ونشر الثقافة الإسلامية والعربية بالخارج,في معاملتهم مالياً وفقاً لأحكام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992 طوال مده إبتعاثهم وإحالة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة الإدارية العليا للفصل فيه علي هدي ما تقدم .

وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة توحيد المبادئ جلسة 3/6/2017، وفيها حضر السيد / محمد شبل عبد العزيز مصطفي ,وطلب التدخل انضمامياً بجانب الطاعن وقدم حافظة مستندات ومذكرة دفاع، وتداول نظر الطعن , علي النحو المبين بمحاضر الجلسات ,حيث أودع وكيل الطاعن حافظة مستندات، وأودع الحاضر عن المطعون ضده خمس حوافظ مستندات ومذكرة دفاع، وبجلسة 4/11/2017 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم ,مع التصريح بتقديم مذكرات خلال أسبوعين، وخلال هذا الأجل لم يتم تقديم أية مذكرات، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة علي أسبابه عند النطق به .

المحكمـــــــــــــــة

بعد الاطلاع علي الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانوناً .

ومن حيث إنه عن طلب التدخل المقدم من السيد / محمد شبل عبد العزيز خصماً منضماً إلي جانب الطاعن،فإنه بالنظر إلى طبيعة هذه الدائرة واختصاصها – حسبما أورده نص المادة (54) مكرراً من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972وتعديلاته – بالبت في المسألة القانونية التي كانت محلاً لتعارض وتناقض الأحكام الصادرة عن دوائر المحكمة الإدارية العليا,أو إقرار مبدأ قانوني علي خلاف أحكام سابقه ,أو العدول عنه , وبتشكيل خاص , وصدور أحكامها بأغلبية تزيد على ضعفي الأغلبية التي تصدر بها أحكام دوائر المحكمة الإدارية العليا, بما يشكل ضمانة أساسية لتوحيد واستقرار المبادئ القانونية , فتنُزل كلمة الحق والعدل والقانون في المسألة القانونية المطروحة عليها ,بعد تمحيص ودراسة متأنية للأسباب التي قامت عليها تلك الأحكام المتعارضة, أو للأسباب الجديدة التي بناء عليها قد يتم العدول عن مبدأ قانوني معمول به ,فإنها بهذه المثابة لا تفصل في نزاع بين طرفين ,وإنما تحسم أمر اتجاهات متعددة لفهم وتفسير وتطبيق النصوص القانونية “حكم دائرة توحيد المبادئ الصادر بجلسة 6/2/2010 في الطعن رقم 12361 لسنة 53 ق.ع” ,ومن ثم يغدو من غير المقبول التدخل أمامها ,وأثراً لذلك يتعين عدم قبول طلب التدخل المنوه عنه والاكتفاء بالإشارة إلى ذلك في الأسباب.

ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 18/6/2006 أقام الطاعن الدعوي رقم 30810 لسنة 60 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ضد المطعون ضدهم “بصفاتهم” بطلب الحكم بقبولها شكلاً وفي الموضوع بأحقيته في المعاملة المالية طبقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992 عن مدة إبتعاثه بالخارج ,مع ما يترتب على ذلك من أثار وفروق مالية وذلك علي سند من أنه من العاملين بالأزهر الشريف بوظيفة مدرس وقد صدر قرار وكيل الأزهر رقم2243 بتاريخ 27/8/2002 متضمناً إبتعاثه إلي دولة نيجيريا , للتدريس ونشر الثقافة الإسلامية , لمدة أربع سنوات دراسية ابتداءً من العام الدراسي 2002/2003 على أن يتحمل الأزهر مرتباته ونفقات سفره خلال فتره بعثته , فسافر إلى مقر بعثته,إلا أنه عومل مالياً بمقتضى قرار النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء رقم 1025 لسنة 1981, مع أنه يتعين معاملته مالياً طبقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992 , الأمر الذي حدا به إلي إقامة دعواه بطلباته آنفة البيان .

وبجلسة 30/12/2007 قررت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة إحالة الدعوى إلي محكمة القضاء الإداري بالشرقية للاختصاص ,فأحيلت الدعوى إليها, وقيدت بجدولها برقم 13326 لسنة 13 ق
وبجلسة 26/6/2011 أصدرت حكمها المطعون فيه والذي قضي” بقبول الدعوى شكلاً ,ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات”وشيدت قضاءها على أن مناط إفادة مبعوثي الأزهر إلى الخارج من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992 هو إيفادهم إلى أحد المراكز الإسلامية بالخارج ,فإذا انتفى هذا الشرط انتفى مناط سريان أحكام هذا القرار عليهم ووجب معاملتهم مالياً وفقاً لأحكام قرار الإبتعاث المشار إليه بديباجة القرار الصادر بإيفادهم إلى الخارج ,وأن المدعي – الطاعن – لم يبتعث إلى أحد المراكز الإسلامية بالخارج ومن ثم ينتفي بشأنه مناط الاستفادة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992وتغدو مطالبته بالاستفادة من هذا القرار فاقدة لسندها جديرة بالرفض .

إلا أن هذا الحكم لم يلق قبول الطاعن فبادر بإقامة طعنه الماثل ، ومبناه أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ,وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ,وذلك تأسيساً على أنه يتعين الأخذ بالمفهوم العام للمراكز الإسلامية بالنظر إلى التعريف الموضوعي لها وليس التعريف الشكلي , أي بالنظر إلى طبيعة عملها ومضمونه المتمثل في نشر الثقافة الإسلامية وشرح مفاهيم الدين الإسلامي الصحيح , وتعليم اللغة العربية وهو المفهوم الذي يفضي إلى إفادة الطاعن من أحكام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992.

    ومن حيث إن أحكام المحكمة الإدارية العليا ,في شأن مدى جواز معاملة مبعوثي الأزهر إلى الخارج للتدريس ونشر الثقافة الإسلامية مالياً طبقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992 , قد تباينت ,فثمة أحكام قضت بوجوب معاملتهم مالياً – طوال مدة إبتعاثهم للخارج – طبقاً لأحكام هذا القرار بشرط إبتعاثهم للتدريس ونشر الثقافة الإسلامية ولو لم يكن إبتعاثهم إلى أحد المراكز الإسلامية ,وذلك استنادا إلى لزوم الأخذ بالمفهوم العام الشامل لعبارة “المراكز الإسلامية” الواردة في قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992, وذلك اتساقاً مع التعريف الموضوعي لها والمتمثل في نشر الثقافة الإسلامية وشرح مفاهيم الدين الإسلامي الصحيح وتعليم اللغة العربية ,خاصة وأنه لا يوجد نظام محدد يتم تطبيقه بشأن صور وأشكال المراكز الإسلامية ,وإنما تختلف هذه المراكز باختلاف الأنظمة التشريعية بكل دولة في الخارج وحجم الجاليات الإسلامية بها (الطعن رقم 9090 لسنة 55 ق.ع عليا جلسة 23/1/2011,والطعن رقم 3995 لسنة 60 ق .عليا جلسة 19/3/2016 وطعون عديدة أخرى)، وثمة أحكام أخرى قضت بأن معاملة مبعوثي الأزهر إلى الخارج مالياً طبقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992 منوط بأن يكون إبتعاثهم إلى أحد المراكز الإسلامية بالخارج,وذلك تأسيساً على أن المشرع قد نظم المعاملة المالية لمبعوثي الأزهر إلى الخارج على نحو فارق فيه بين من تكون بعثتهم إلى المراكز الإسلامية وبين من تكون بعثتهم إلى جهات أخرى غيرها , فأوجب معاملة الفئة الأولى المعاملة المالية المقررة لموظفي وزارة التعليم بالخارج المقررة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 18/7/1955 ,أما الفئة الأخرى فيتم معاملتهم مالياً طبقاً لقرار النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء رقم 1025 لسنة 1981 – الطعن رقم 22542 لسنة 51 ق.ع جلسة 21/3/2013 وهو الأمر الذي يستنهض ولاية دائرة توحيد المبادئ في إزالة هذا الخــلاف وترجيح الاتجاه الذي يتعين أن تصدر على هداه أحكام المحكمة الإدارية العليا في هذا الشأن.

     ومن حيث إن المادة السابعة من دستور جمهورية مصر العربية المعدل الصادر في 18/1/2014 تنص على أن “الأزهر الشريف هيئه إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه ، وهو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ويتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم وتلتزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه…”.

     وينص القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها في المادة
(2) المعدلة بالقانون رقم 134 لسنة 2014على أن “الأزهر هو الهيئة العلمية الإسلامية الكبرى التي تقوم على حفظ التراث الإسلامي … وتعمل على … وتزويد العالم الإسلامي والوطن العربي بالمختصين وأصحاب الرأي فيما يتصل بالشريعة الإسلامية والثقافة الدينية والعربيةولغة القران…”.

    وفي المادة (66) المعدلة بالقانون رقم53 لسنة 1981 على أنه:”فيما عدا أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر.وأعضاء الإدارات القانونية بهيئات الأزهر، وبمراعاة أحكام هذا القانون وأحكام القانون رقم 19 لسنة 1973 وتعديلاته، يطبق على العاملين في الأزهر بجميع هيئاته أحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 والقوانين المعدلة له، وذلك فيما يخــتص بتعيينهم وإجازاتهم وترقياتهم وتأديبهم وإنهاء خدمتهم، وغير ذلك من شئونهم الوظيفية…” .

     وينص قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 في المادة
(44) على أنه : “يجوز منح رواتب إضافية للعاملين خارج الجمهورية، وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي يصدر بها قرار من رئيس مجلس الوزراء بناءً على اقتراح لجنة شئون الخدمة المدنية.” .

     وفي المادة (58) علي أنه ” يجوز بقرار من السلطة المختصة  بالتعيين ,بعد موافقة العامل
كتابة ,إعارته للعمل في الداخل أو الخارج ، ويحدد القرار الصادر بالإعارة مدتها ,وذلك في ضوء القواعد والإجراءات التي تصدرها السلطة المختصة ,ويكون أجر العامل بأكمله علي جانب الجهة المستعيرة ,ومع ذلك يجوز منحه أجراً من حكومـــة جمهورية مصر العربية بالشروط والأوضاع  التي يحددها رئيس الجمهورية ” .

ومن حيث إنه بتاريخ 18/7/1955 وبناء علي المذكرة المرفوعة من وزارة التربية والتعليم ,وافق مجلس الوزراء علي أن :” يعامل موظفو وزارة التربية والتعليم بالخارج من الفنيين والإداريين (الكادر العالي) معاملة نظرائهم من رجال السلك السياسي ,كما يعامل الموظفون الكتابيون بمكاتب البعثات معاملة أمناء المحفوظات ,وذلك من حيث بدل الاغتراب (نظير بدل التمثيل) ومرتب الزواج وإعانة غلاء المعيشة وفرق خفض الجنيه (في البلاد التي يصرف بها ) وبدل السفر ونفقات العلاج , وغير ذلك من الرواتب الإضافية والمصاريف وذلك اعتبارا من أول السنة المالية 1955-1956″ .

     وينص قرار رئيس الجمهورية رقم 36 لسنة 1977 في شأن المعاملة المالية لبعض موظفي وزارة الأوقاف المبعوثين إلى الخارج في مادته الأولي على أن ” تسري في شأن المبعوثين إلى الخارج من ألائمة والدعاة والإداريين والكتابيين بوزارة الأوقاف، الأحكام المقررة لموظفي وزارة التعليم بالخارج طبقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء الصادر في 18 يوليو1955 المشار إليه،على أن تتحمل وزارة الأوقاف بما يصرف لهم طبقا لأحكام هذا القرار ” .

     وينص قرار النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء رقم 1025 لسنة 1981 في مادته الأولي على أن “تمنح حكومة جمهورية مصر العربية مرتبات المعارين لحكومات الدول المبينة بالجدول المرفق بهذا القرار (ملحق رقم 1) وبالفئات الواردة به، وذلك في الحالات التي يتقرر فيها تحمل الحكومة بأجر المعار ” وقد صدر هذا القرار استناداً إلى نص المادة (58) من القانون رقم 47 لسنة 1978 المشار إليه، وبناء على قرار رئيس الجمهورية رقم 570 لسنة 1981 بتفويض النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء في بعض الاختصاصات.

     وينص قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992 في مادته الأولي على أن “تسري في شأن مبعوثي الأزهر إلي المراكز الإسلامية في الخارج الأحكام المقررة لموظفي وزارة التعليم بالخارج طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 18 يوليو سنة 1955 المشار إليه، على أن يتحمل الأزهر بما يصرف لهم طبقاً لأحكام هذا القرار” .

     وينص قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقم 31 لسنة 2011 بشأن سريان الأحكام المقررة لمبعوثي وزارة الأوقاف في الخارج طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 18 يوليو لسنة 2013 في مادته الأولي على أن: “تسري في شأن المبعوثين إلى الخارج من ألائمة والوعــاظ والمدرسين والإداريين والمكتبيين من الأزهر الأحكام المقررة لمبعوثي وزارة الأوقاف في الخارج طبقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء الصادر في 18 يوليو سنة 1955 المشار إليه وتعديلاته على أن تتحمل موازنة الأزهر بما يصرف لهم طبقاً لأحكام هذا القرار.

     ويكون لشيخ الأزهر بالاتفاق مع وزير الأوقاف تحديد المعاملة المالية ووضع الحدود القصوى لما يتقاضاه كل من مبعوثي الأزهر ووزارة الأوقاف إلى الخارج بما لا يجاوز حدود الفقرة السابقة ” .

    ومن حيث إن مؤدي ما تقدم أن الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة ,عهد إليه الدستور – فيما عهد من اختصاصات – مسئولية الدعوة ونشر علوم  الدين واللغة العربية في مصر والعالم  وألزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أهدافه ,والتي منها تزويد العالم الإسلامي والوطن العربي بالمختصين وأصحاب الرأي فيما  يتصل بالشريعة الإسلامية والثقافة الدينية والعربية ولغة القران ,وفيما عدا أعضاء هيئه التدريس بجامعة الأزهر وأعضاء الإدارات القانونية بهيئات الأزهر، يطبق علي العاملين في الأزهر بجميع هيئاته قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 والقوانين المعدلــة له في جميع شئونهــم الوظيفيـة.

وإذا كان موظفو وزارة التربية والتعليم بالخارج من الفنيين والإداريين (الكادر العالي) يعاملون معاملة نظرائهم من رجال السلك السياسي, كما يعامل الموظفون الكتابيون بمكاتب البعثات معاملة أمناء المحفوظات وذلك من حيث بدل الاغتراب (نظير بدل التمثيل )ومرتب الزواج وإعانه غلاء المعيشة وفرق خفض الجنيه (في البلاد التي يصرف بها ) وبدل السفر,ونفقات العلاج , وغير ذلك من الرواتب الإضافية والمصاريف , وذلك اعتبارا من أول السنة المالية 1955-1956 طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 18 يوليو سنة 1955 , فإن المشرع  بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 36 لسنة 1977 خص المبعوثين إلي الخارج من الائمة والدعاة والإداريين والكتابيين بوزارة الأوقاف بذات المعاملة المالية , فقضي بسريان الأحكام المقررة لموظفي وزارة التعليم بالخارج طبقا لقرار مجلس الوزراء الصادر في 18 يوليه سنة 1955 المشار إليه في شأنهم .

    واعتبارا من 16/3/2011 – تاريخ صدور قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقم 31
لسنة 2011 – أوجب المشرع أن تسري في شأن المبعوثين إلى الخارج من الأئمة والوعاظ والمدرسين والإداريين والمكتبيين من الأزهر الأحكام المقررة لمبعوثي وزارة الأوقاف في الخارج طبقا لقرار مجلس الوزراء الصادر في 18 يوليه سنة 1955 سالف الإشارة .فبات مبعوثو الأزهر ووزارة الأوقاف من الأئمة والوعاظ والمدرسين والإداريين والمكتبيين إلى الخارج يعاملون معامله مالية واحده، وهي المعاملة المالية المقررة لموظفي وزارة التعليم بالخارج طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 18 يوليو سنة 1955 دون نظر إلى الجهة المبتعثين إليها.

وإذا كان قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992 قد نص على أن ” تسري في شأن مبعوثي الأزهر إلي المراكز الإسلامية في الخارج الأحكام المقررة لموظفي وزارة التعليم الخارج طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 18 يوليو سنة 1955 المشار إليه …” خاصا بذلك مبعوثي الأزهر إلي المراكز الإسلامية في الخارج بمعاملة مالية دون ماعداهم من مبعوثي الأزهر إلي الخارج – بحسب ما يبين من ظاهر النص – فإنه يتعين في هذا الشأن تفسير عبارة “المراكز الإسلامية ” تفسيراً يفضي إلي تناغم المنظومة التشريعية المنظمة للمعاملة المالية للمبعوثين من الأئمة والوعاظ والدعاة والمدرسين والإداريين والمكتبيين سواء من الأزهر الشريف أو وزارة الأوقاف ,بما يتفق وإرادة المشرع , وأهداف التشريع والحكمة التي تغياها ,دون الوقوف علي المدلول الحرفي لها ,وهو ما يقتضي  بتفسير هذه العبارة بالمفهوم العام والشامل لعبارة (المراكز الإسلامية ) بما يتسق والتعريف الموضوعي لها والمتمثل في نشر الثقافة الإسلامية وشرح مفاهيم الدين الإسلامي الصحيح وتعليم اللغة العربية فمتى ثبت إنبعاث الأزهري إلي الخارج للتدريس ونشر الثقافة الإسلامية وتعليم اللغة العربية تحقق بشأنه مناط الاستفادة من أحكام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992 سالف الإشارة دون ما نظر لمسمي الجهة التي ابتعث إليها , وبالأحرى دون اشتراط أن يكون إبتعاثه إلي ما تعارف علي تسميته بالمراكز الإسلامية .

     أية ذلك عدة أمور : أولها : أنه لا يوجد نظام محدد يتم تطبيقه بشأن صور وأشكال المراكز الإسلامية , وأن هذه المراكز تختلف باختلاف الأنظمة التشريعية بكل دولة في الخارج وحجم الجاليات الإسلامية بها وقوة نفوذها ومدي قدرتها علي التواجد بما يتواءم مع ما تسمح به التشريعات المحلية : علي النحو الذي تضمنه كتاب وزارة الخارجية – الإدارة القضائية – المرفق بالأوراق، وبديهي إزاء هذا الاختلاف ينبغي تبنى تفسيراً منضبطاً موضوعياً لعبارة  المراكز الإسلامية ينضوي تحت لوائه كافة صور وأشكال ونماذج هذه المراكز  .

     ثانيها: أن الوقوف عند حرفية عبارة ” المراكز الإسلامية ” يقيم تمايزاً وتفرقة لا تستند إلي قاعدة موضوعية بين فئتين من المبعوثين . فئة المبعوثين إلى الخارج من وزارة الأوقاف،وهؤلاء يعاملون مالياً طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 18 يوليو سنة 1955 بصرف النظر عن الجهة المبتعثين إليها أو مسماها وفئة المبعوثين إلى الخارج من الأزهر،وهؤلاء لا يعاملون مالياً مثلهم، طبقاً لقرار مجلس الوزراء المشار إليه،إلا من يبتعث إلى المراكز الإسلامية.أما من عداهم فيعاملون مالياً طبقاً لقرار النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء رقم 1025 لسنة 1981 , وذلك علي الرغم من اتفاق طبيعة عمل المبعوثين من الجهتين المذكورتين ,بل ويقيم هذا التفسير الحرفي تمايزاً ممقوتاً بين المبعوثين إلي الخارج من ألائمة والوعاظ والدعاة والمدرسين والإداريين والمكتبيين من الأزهر ذاته ,فيعامل بعضهم معاملة مالية تختلف عن الأخر رغم اتفاق طبيعة عملهم, وذلك استناداً إلي مسمي الجهة المبتعثين إليها, وهذا التمايز غير المبرر يتعارض ومبدأ المساواة الذي كفله الدستور, ويفضي تبعا لذلك إلي شبهة عدم دستورية قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992 وهو ما يتعين معه إقرار تفسيراً موضوعي لعبارة ” المراكز الإسلامية ” يستقيـــــم معـــــه هذا القرار علي قرينة الدستورية , بحسبان  ذلك أمراً لازماً في هذا الشأن ,إذا  من المعلوم من القانون بالضرورة أن كل تفسير للنص القانوني يفضي إلي دستوريته يتعين حمله عليه حتى لا يكون التفسير سبيلا إلي وقوع النص في حماه المخالفة الدستورية.

ثالثها : انه بصدور قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقم 31 لسنة 2011 سالف البيان , والذي تبني معاملة مالية واحدة لمبعوثي الأزهر ووزارة الأوقاف إلي الخارج من ألائمة  والوعاظ والدعاة والمدرسين والإداريين والمكتبيين أساسها قرار مجلس الوزراء الصادر في 18يوليو سنة 1955 , وكشف عن نيته في اعتماد هذه المعاملة دون تحديد لمسمي الجهة المبتعثين إليها لم يعد ثمة سبيل لإقرار تفسير حرفي لعبارة ” المراكز الإسلامية ” وإلا بات هذا التفسير مقصوراً علي حقبة زمنية لا يتعداها بالمخالفة لما يتعين أن يكون عليه التفسير.

رابعها : أن بيان المراكز الإسلامية التي يتم إرسال مبعوثي الأزهر إليها , الوارد طي حافظة المستندات المقدمة من المطعون ضده أمام هذه الدائرة بجلسة 26/8/2017 يحوي مسميات لا تحمل اسم ” المركز الإسلامي ” كمسجد الفتح بمليانه ، ومسجد مدينة فالنسيا , ومسجد عباد الرحمن بمدريد , وغيرها ,ورغم  ذلك تعتمد كمراكز إسلامية عند الابتعاث إليها ، وهو الأمر الذي يقطع يقينا بأنه لا عبرة في هذا الشأن بمسمي (المركز الإسلامي ) وحده عند تحديد المعاملة المالية لمبعوثي الأزهر بالخارج

خامسها: أن طبيعة عمل المبعوثين علي نفقه الأزهر بالخارج وفقاً لما تضمنه كتاب الإدارة العامة للبعوث الإسلامية بمجمع البحوث الإسلامية المؤرخ 20/7/2005 تتحدد في مجملها علي التدريس ونشر الثقافة الإسلامية وشرح مفاهيم الدين الإسلامي الصحيح وتعليم اللغة العربية، ولا تختلف طبيعة عمل المبعوثين باختلاف مسمي الجهة المبتعثين إليها وأثراً لذلك فإن قواعد العدالة والإنصاف تقتضي معاملتهم مالية واحدة دون تمييز .

ومن حيث إنه ونزولا على ما تقدم يتعين ترجيح الاتجاه السائد في أحكام المحكمة الإدارية العليا بأحقية مبعوثي الأزهر إلى الخارج، للتدريس ونشر الثقافة الإسلامية وتعليم اللغة العربية في معاملتهم مالياً وفقاً لأحكام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992 دون نظر لمسمى الجهة المبتعثين إليها وذلك طوال مدة ابتعاثهم.

فلهـذه الأسبــــاب 

حكمت المحكمة : بترجيح الاتجاه السائد في أحكام المحكمة الإدارية العليا بأحقية مبعوثي الأزهر إلى الخارج للتدريس ونشر الثقافة الإسلامية وتعليم اللغة العربية في معاملتهم مالياً طبقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 1992 طوال مده ابتعاثهم ، دون نظر لمسمى الجهة المبتعثين إليها ، وبإعادة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة الإدارية العليا للفصل فى موضوعه على هدي ما تقدم .

([1])بجلسة 3 من يوليو سنة 2003 انتهت دائرة توحيد المبادئ في الطعن رقم 4471 لسنة 46 القضائية (عليا)إلى أن اختصاصها يقتصر على الفصل في تعارض الأحكام والترجيح بين المبادئ، وأن الفصل في طلبات التدخل المقدمة أمامها يكون منوطا بمحكمة الموضوع، وهو ما يستوجب إحالة طلبات التدخل المبداة أمامها إلى دائرة الموضوع، وإلى مثل هذا انتهت في حكمها الصادر بجلسة 6 من مايو سنة 2004 في الطعن رقم 5850 لسنة 47 القضائية (عليا).

لكنها خالفت هذا في حكمها الماثل، وكذا في حكمها الصادر بجلسة 6 من فبراير سنة 2010 في الطعن رقم 12361 لسنة 53 القضائية (عليا)، حيث انتهت إلى عدم جواز التدخل أمامها، لكنها لم تُحِل طلب التدخل إلى دائرة الموضوع للفصل فيه، كما نَحَت في الحكمين المشار إليهما، مكتفية بالحكم بعدم قبوله.

Comments are closed.

xnxxbf