مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
توحيد المبادئ – الطعن رقم 9004 لسنة 62 القضائية (عليا)
أبريل 29, 2020
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
سلطة مصلحة الجمارك في تحديد الرسوم الجمركية علي السلع المستوردة
مايو 1, 2020

توحيد المبادئ – الطعن رقم 10639 لسنة 54 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 5 من مايو سنة 2018

الطعن رقم 10639 لسنة 54 القضائية (عليا)

(دائرة توحيد المبادئ)

المبادئ المستخلصة:

  • قرار إداري:

دعوى الإلغاء- ميعاد رفعها- المسلك الإيجابي في بحث التظلم، وأثره في امتداد الميعاد:

استجابة لاعتبارات عملية ظهرت عند التطبيق؛ تبنت المحكمة الإدارية العليا اتجاها مفاده امتداد ميعاد رفع دعوى الإلغاء إذا سلكت جهة الإدارة مسلكا إيجابيا في بحث التظلم، بحيث يبدأ حساب ميعاد رفعها من التاريخ الذي تكشف فيه جهة الإدارة عن نيتها تجاه التظلم، أي من تاريخ إبلاغ المتظلم بقرارها المتضمن موقفها النهائي من التظلم؛ وذلك درءا لدفع المتظلم إلى مخاصمة الإدارة قضائيا، في وقت تكون هي فيه جادة في سبيل إنصافه- امتداد الميعاد في هذه الحالة لا يعدو أن يكون خروجا عن الأصل العام المتمثل في التزام المدعي بإقامة دعواه في المواعيد المحددة على وفق نص المادة (24) من قانون مجلس الدولة (الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972)- هناك ضوابط لتحديد المسلك الإيجابي لجهة الإدارة الذي يعتد به في هذا الشأن، ومنها:

1- أن يكون مسلك الجهة الإدارية واضحا في سبيل إجابة المتظلم إلى تظلمه بعد استشعارها حقه فيه.

2- أن تنبئ ظروف الحال عن اتجاه نية الإدارة لاتخاذ بعض الإجراءات نحو الاستجابة لطلبات المتظلم، ولو جزئيا.

 3- أن يتسم المسلك الإيجابي لجهة الإدارة بالجدية والوضوح.

ترتيبا على ذلك: مجرد قيام جهة الإدارة ببحث التظلم من جميع جوانبه، بما يتطلبه ذلك البحث من استيفاء بعض المعلومات والبيانات والمستندات التي تمكنها من تكوين الرأي السليم في موضوع التظلم، والرد على المتظلم، ليس هو المسلك الإيجابي المقصود الذي يعتد به في هذا الشأن؛ وذلك لأن سلوك الجهة الإدارية مسلكا إيجابيا في بحث التظلم المقدم إليها هو أمر طبيعي، وهو واجبها الذي يفترض قيامها به بالنسبة لأي تظلم.

تطبيقا لهذا: قيام هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ببحث التظلم من قرارات رفض أو عدم تخصيص الوحدات السكنية أو قطع الأراضي، بما يستتبعه ذلك من إعادة الاستعلام والتحري عن بيانات طالب التخصيص، لا يعد مسلكا إيجابيا يترتب عليه مد ميعاد رفع دعوى الإلغاء، بل هو من قبيل الإجراءات اللازمة لبحث موضوع التظلم والرد على المتظلم، ولا ينبئ عن الاتجاه نحو الاستجابة لطلبات المتظلم.

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

دائرة توحيد المبادئ

*************

 

بالجلسة المنعقدة علناً في يوم السبت الموافق 5/5/2018م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار / أحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم

                                                          رئيس مجلس الدولة و رئيس المحكمـــــة

 

وعضـوية الســـادة الأســاتذة المستشــــارين / يحيى خضرى نوبى و محمد محمود فرج حسام الدين وأسامة محمود عبد العزيز محرم وأنور أحمد إبراهيم خليل وناجى سعد محمد محمود الزفتاوى وتوفيق الشحات السيد مبروك وعبد الرحمن سعد محمود عثمان ود. محمد ماهر أبو العينين ومحمد حجازى حسن مرسى ود. حسنى درويش عبد الحميد درويش .

                                                                           نواب رئيس مجلس الدولة

 

وسكرتارية السيد الأستاذ المستشار/ رجب عبد الهادى محمد تغيان

                                                         نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة

 

و سكرتارية السيد / كمال نجيب مرسيس                                     سـكرتير المحكــمة

 

*********************

أصدرت الحكم الآتي :

في الطعن رقم 10639 لسنة 54 ق . عليا

 

    المقـــام مـــن :

رئيس مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة   “بصفته”

     ضــــــــــد : نشأت محمد سلامة

 

فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى

فى الدعوى رقم 5144 لسنة 60ق بجلسة 20/1/2008

 

” الإجــــــــــــــــراءات”

**********

          بتاريخ 6/3/2008 أودع وكيل الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن الماثل فى الحكم المشار إليه والقاضى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات .

          وطلب الطاعن بصفته – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ، وفى الموضوع بإلغاء هذا الحكم والقضاء مجدداً : أصلياً : بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد المواعيد المقررة قانوناً . واحتياطياً : برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى .

          وأعدت هيئة مفوضي الدولة – لدى الدائرة السادسة بالمحكمة – تقريراً بالرأي القانوني فى الطعن انتهت فيه – للأسباب الواردة به – إلى أنها ترى الحكم أصلياً : بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد المقرر قانوناً ، مع إلزام المدعي المصروفات ، واحتياطياً : بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الهيئة الطاعنة المصروفات .

          وجرى تداول نظر الطعن أمام الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا على النحو الثابت بمحاضر جلساتها ، وبجلسة 29/10/2013 قررت إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة للفصل فيما إذا كان قيام الجهة الإدارية ببحث التظلم – فيما يتعلق بقرارات تخصيص الوحدات السكنية وإلغائها – وإعادة الاستعلام والتحري عن بيانات الحاجز يُعدّ مسلكاً ايجابياً يقطع سريان ميعاد الطعن بالإلغاء أم لا ، فى ضوء التعارض بين الأحكام على النحو الوارد بقرار الإحالة ، والذى سنوضحه فيما بعد .

          وبعد إحالة الطعن إلى هذه الدائرة أعدت هيئة مفوضي الدولة بها تقريراً بالرأي القانوني فى الطعن انتهت فيه – للأسباب الواردة به – إلى أنها ترى ترجيح الاتجاه الذى يرى بأن قيام جهة الإدارة ببحث التظلم – فيما يتعلق بقرارات تخصيص الوحدات السكنية وإلغائها – وإعادة الاستعلام والتحرى عن بيانات الحاجز لا يعد مسلكاً ايجابياً من جانبها يقطع سريان ميعاد الطعن بالإلغاء .

          وجرى تداول نظر الطعن أمام هذه الدائرة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها حيث قدم كل من طرفي النزاع أوجه دفاعه ومستنداته .

          وبجلسة 3/2/2018 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات ومستندات خلال شهر حيث قدم فيه الحاضر عن الطاعن بصفته مذكرة دفاع وقدم المطعون ضده مذكرة دفاع ، وقد صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .

” المحكمـــــــــــة “

*********

بعد الإطلاع على الأوراق ، وسماع الإيضاحات ، والمداولة .

وحيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 5144 لسنة 60ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 24/11/2005 بطلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم تخصيص وحدة سكنية له بمشروع مبارك لإسكان الشباب بمدينة 6 أكتوبر مع ما يترتب على ذلك من آثار ، وإلزام جهة الإدارة المصروفات .

وذكر شرحاً لدعواه أن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة سبق وأن أعلنت عن فتح باب الحجز بمشروع مبارك القومى لإسكان الشباب وفقاً للشروط المعلن عنها ، ونظراً لتوافر الشروط فى حقه فقد تقدم لحجز وحدة سكنية بهذا المشروع بمدينة 6 أكتوبر إلا أنه فوجئ بعدم تخصيص وحدة له استناداً إلى أن له سكناً مستقلاً فتقدم بتظلم إلى هيئة المجتمعات  وتم رفض تظلمه ، مما حدا به إلى التقدم بطلب إلى لجنة التوفيق فى بعض المنازعات بوزارة الإسكان برقم 299 لسنة 2005 وبجلسة 27/9/2005 أوصت اللجنة بقبول الطلب ، ثم أقام دعواه ، ونعى المدعى على القرار المطعون فيه مخالفته للواقع والقانون واختتم عريضة دعواه بطلب الحكم له بطلباته سالفة البيان .

وبجلسة 20/1/2008 أصدرت المحكمة حكمها بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو الوارد بالأسباب وألزمت الهيئة المدعى عليها المصروفات .

وشيدت المحكمة حكمها – بعد أن استعرضت المادة (11) من القانون رقم 59 لسنة 1979 بشأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة ، والمادة (24) من اللائحة العقارية لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وما تضمنته كراسة الشروط الخاصة بحجز وتخصيص الوحدات السكنية بمشروع مبارك لإسكان الشباب – على أن الثابت من الأوراق أن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة أعلنت عن فتح باب الحجز لعدد من الوحدات السكنية بمشروع مبارك لإسكان الشباب بمدينة 6 أكتوبر طبقاً للشروط والضوابط الواردة بكراسة الشروط الخاصة بهذا المشروع وأن المدعي تقدم للحصول على وحدة سكنية بهذا المشروع استناداً إلى توافر كافة الشروط فى شأنه إلا أن الهيئة المدعى عليها لم تقم بتخصيص وحدة سكنية له استناداً إلى أنه يحوز وحدة سكنية مستقلة ، وأنه لما كان ذلك وكانت الأوراق قد خلت من ثمة ما يفيد تملك أو حيازة المدعي لأية وحدة سكنية مستقلة سواء باسمه أو باسم أحد أفراد أسرته ولم تقدم الهيئة المدعى عليها ما يفيد غير ذلك ، فضلاً عن أن الثابت بالأوراق أن أصل فاتورتي استهلاك الكهرباء والمياه بالعقار المدون باستمارة الحجز باسم والد المدعي ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر مخالفاً للواقع والقانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار .

وإذ لم يلقَ هذا القضاءُ قبولاً لدى الهيئة الطاعنة فقد أقامت طعنها الماثل ناعيةً على الحكم المطعون فيه أنه جاء مخالفاً لصحيح القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله وشابه القصور فى التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق ، وذلك لأسباب حاصلها أن الثابت بالأوراق أن المطعون ضده تظلم من القرار المطعون فيه بتاريخ 15/2/2005 وتم رفض تظلمه بتاريخ 20/4/2005 إلا أنه تقدم بالتماس إلى الهيئة بتاريخ 11/5/2005 والتى قررت إعادة الاستعلام والتحرى عنه وبناءً على نتيجة ذلك تم رفض التماسه أيضاً ، وتقدم بطلب إلى لجنة التوفيق فى بعض المنازعات بتاريخ 2/7/2005 والتى أصدرت توصيتها بتاريخ 27/9/2005 وأقام دعواه فى 24/11/2005 ، ولما كان مؤدى ذلك أنه علم بالقرار المطعون فيه فى 15/2/2005 تاريخ تظلمه الأول فقد كان يتعين عليه إقامة دعواه فى موعد غايته 14/6/2005 وإذ لم يقم برفعها إلا بتاريخ 24/11/2005 فمن ثم تكون دعواه غير مقبولة شكلاً لرفعها بعد المواعيد المقررة قانوناً ، وبالنسبة للموضوع فإن الثابت من الأوراق المقدمة من الهيئة أمام محكمة أو درجة عدم أحقية المدعي (المطعون ضده) فى الحصول على وحدة سكنية بمشروع مبارك لإسكان الشباب لأنه تبين من الاستعلام والتحرى وإقرار زوجته حيازته مع أسرته لوحدة سكنية مستقلة بالعقار المملوك لوالده مما يكون معه القرار الطعين قائماً على سنده .

وانتهى تقرير الطعن إلى طلب الحكم بالطلبات سالفة البيان .

وحيث إن الثابت من الأوراق أن موضوع النزاع فى الطعن الماثل يتمثل فى طلب إلغاء قرار هيئة المجتمعات العمرانية بعدم تخصيص وحدة سكنية للمطعون ضده بمشروع مبارك لإسكان الشباب مع ما يترتب على ذلك من آثار .

وحيث إنه فى ضوء ذلك فإن حقيقة المسألة المعروضة على هذه الدائرة تنحصر فيما إذا كان قيام هيئة المجتمعات العمرانية ببحث التظلم من قرار عدم – أو رفض – تخصيص وحدة سكنية وإعادة الاستعلام والتحرى عن بيانات طالب التخصيص يُعدُّ مسلكاً ايجابياً يمتد بسببه ميعاد رفع دعوى الإلغاء من عدمه .

وحيث إن ثمة اتجاهين يتنازعان المسألة المذكورة ، أحدهما : أن قيام هيئة المجتمعات العمرانية ببحث التظلم – من القرار المشار إليه – وإعادة الاستعلام والتحري عن بيانات طالب التخصيص لا يعد مسلكاً إيجابياً يمتد بسببه ميعاد رفع دعوى الإلغاء ، وذلك استناداً إلى أن قضاء المحكمة الإدارية العليا جرى على أن المسلك الإيجابى من الجهة الإدارية الذى من شأنه مد أجل رفع دعوى الإلغاء هو المسلك الإيجابى فى سبيل إجابة المتظلم إلى طلبه عندما تستشعر أن له حقاً مهضوماً وليس المسلك الإيجابى فى بحث التظلم لأن ذلك واجب عليها (حكمها فى الطعن رقم 411 لسنة 50ق.عليا بجلسة 10/11/2007، وحكمها فى الطعن رقم 3819 لسنة 56ق.عليا بجلسة 23/1/2013 ، وبذات المعنى حكمها فى الطعن رقم 309 لسنة 26ق.عليا بجلسة 2/11/1986) ، وأنه لا يكفى للقول باتخاذ الإدارة مسلكاً إيجابياً نحو الاستجابة للتظلم أن تكون قد أبدت آراء قانونية لصالح المتظلم بل يجب أن تكون الإدارة قد شرعت فى تنفيذ هذا الرأي واتخذت خطوات فعلية نحو الاستجابة لهذا الرأي ( حكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 1733 لسنة 36 ق.عليا بجلسة 3/8/1993 ) ، كما أن إخطار الجهة الإدارية للمتظلم للحضور لبحث تظلمه لا يعتبر فى حد ذاته مسلكاً إيجابياً نحو الاستجابة إلى طلبات الطاعن (حكمها فى الطعن رقم 1660 لسنة 33ق.عليا بجلسة 27/4/1991) .

الاتجاه الآخر الذى أخذت به بعض أحكام المحكمة الإدارية العليا – فيما يخص القرارات المشار إليها – هو أن قيام هيئة المجتمعات العمرانية ببحث التظلم وإعادة الاستعلام والتحري عن بيانات طالب تخصيص الوحدة السكنية يُعدُّ مسلكاً إيجابياً من شأنه مد ميعاد رفع دعوى الإلغاء حتى ولو تكرر التظلم وتكرر قيام الجهة الإدارية بإعادة الاستعلام طالما أن كل تظلم قدم فى ميعاده المقرر . (حكمها فى الطعن رقم 27755 لسنة 54ق.عليا بجلسة 22/5/2013 وحكمها فى الطعن رقم 33765 لسنة 55ق.عليا بجلسة 18/1/2012) ، وأن العبرة فى ذلك هى بالموقف النهائى للجهة الإدارية فى بحث الموضوع حتى ولو تعددت التظلمات طالما أنها قدمت فى الميعاد وأعادت الجهة الإدارية بحث الموضوع من جديد باعتبار أنه لا توجد ثمة مصلحة للمدعي فى المسارعة إلى الطعن القضائى ما دامت الجهة الإدارية مازالت تبحث الموضوع ويمكن أن تجيبه إلى طلبه . (حكمها فى الطعن رقم 27755 لسنة 54ق.عليا بجلسة 22/5/2013 سالف الإشارة ) .

وحيث إن المادة (24) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن ” ميعاد رفع الدعوى أمام المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوماً من تاريخ نشر القرار الإدارى المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو فى النشرات التى تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن به . وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى الهيئة الإدارية التى أصدرت القرار أو الهيئات الرئاسية ، ويجب أن يبت فى التظلم قبل مضى ستين يوماً من تاريخ تقديمه ، وإذا صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسبباً ويعتبر مضي ستين يوماً على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه. ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن في القرار الخاص بالتظلم ستين يوماً من تاريخ انقضاء الستين يوماً المذكورة”.

        وحيث إن مفاد ذلك أنه حرصاً من المشرع على استقرار المراكز القانونية المترتبة على القرارات الإدارية  فقد نص في المادة (24) سالفة الذكر من قانون مجلس الدولة المشار إليه على تنظيم ميعاد رفع الدعوى أمام المحكمة بطلب إلغاء هذه القرارات بأن حدَّد ميعاد ستين يوماً لرفعها تبدأ من تاريخ نشر القرار الإداري في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن به، وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى الجهة الإدارية التي أصدرت  القرار أو إلى الجهات الرئاسية وأوجب على الجهة المقدم إليها التظلم أن تبت في التظلم قبل مضي ستين يوماً من تاريخ تقديمه وإذا مضت هذه المدة دون البت  في التظلم فإن ذلك يعتبر بمثابة رفضه ويكون ميعاد رفع الدعوى في هذه الحالة خلال مدة الستين يوماً التالية لانتهاء الستين يوماً المذكورة.

        ونظراً لأن الإعلان أو النشر هما أداة العلم بالقرار الإداري فقد جرى قضاء المحكمة الإدارية العليا على أنه إذا ثبت علم المدعي علماً يقينياً بالقرار الإداري المطعون فيه فإن ذلك يقوم مقام الإعلان أو النشر وذلك لتحقق الغاية بالفعل التي يستهدفها الإعلان أو النشر، ويثبت هذا العلم من أية واقعة أو قرينة تفيد حصوله دون التقيد بوسيلة إثبات معينة ويرجع تقدير ذلك إلي المحكمة التي لا تأخذ بهذا العلم إلا إذا توافر اقتناعها بقيام الدليل عليه، ويسري ميعاد  إقامة دعوى الإلغاء في حق ذي الشأن من تاريخ هذا العلم اليقيني في حالة ثبوته.

وحيث إن المحكمة الإدارية العليا نزولا منها على اعتبارات عملية ظهرت عند التطبيق أخذت باتجاه مفاده أنه ولئن كان المشرع قد اعتبر فوات ستين يوماً على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن في القرار الخاص بالتظلم ستين يوماً من تاريخ انقضاء الستين يومًا المذكورة، إلا أنه في حالة ما إذا كانت الجهة الإدارية – رغم سكوتها عن الرد خلال الستين يوماً المقررة لها – في سبيلها إلي الاستجابة للتظلم وهو ما اصطلح عليه تسميته بالمسلك الايجابي من جانب جهة الإدارة فإن ميعاد رفع الدعوى في هذه الحالة يكون من التاريخ الذي تكشف فيه الإدارة عن نيتها أي من تاريخ إبلاغ المتظلم بقرارها المتضمن موقفها النهائي من التظلم أي أن ميعاد رفع دعوى الإلغاء يمتد ليكون من هذا التاريخ درءاً لدفع المتظلم إلي مخاصمة الإدارة قضائياً في وقت تكون هي جادة في سبيل إنصافه.

وحيث إنه لما كان الأخذ بهذا الاتجاه وهو امتداد ميعاد رفع دعوى الإلغاء بناءً على المسلك الإيجابي لجهة الإدارة على النحو المشار إليه، لا يعدو أن يكون خروجاً على الأصل العام السالف ذكره المتمثل في التزام المدعي بإقامة دعواه في المواعيد المحددة التي سبق بيانها وفقًا لنص المادة (24) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، فإن ثمة ضوابط لتحديد المسلك الإيجابي لجهة الإدارة والذي يعتد به في هذا الشأن ومنها الآتي:

1- أن يكون مسلك الجهة الإدارية واضحاً في سبيل إجابة المتظلم إلي تظلمه بعد استشعارها حقه فيه.

2- أن تنبئ ظروف الحال عن اتجاه نية الإدارة لاتخاذ بعض الإجراءات نحو الاستجابة لطلبات المتظلم ولو جزئياً.

 3- أن يتسم المسلك الإيجابي لجهة الإدارة بالجدية والوضوح.

 4- أن قيام جهة الإدارة ببحث التظلم من كافة جوانبه بما يتطلبه ذلك البحث من استيفاء بعض المعلومات والبيانات والمستندات التي تمكنها من تكوين الرأي السليم في موضوع التظلم والرد على المتظلم ليس هو المسلك الإيجابي المقصود الذي يعتد به في هذا الشأن وذلك لأن سلوك الجهة الإدارية مسلكاً ايجابياً في بحث التظلم المقدم إليها هو أمر طبيعي وهو واجبها الذي يفترض قيامها به بالنسبة لأي تظلم.

        وحيث إنه بالتطبيق لما تقدم فإن قيام هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ببحث التظلم من قرارات رفض – أو عدم – تخصيص الوحدات السكنية أو قطع الأراضي بما يستتبعه ذلك من إعادة الاستعلام والتحري عن بيانات طالب التخصيص، لا يعد مسلكًا ايجابيًا يترتب عليه مد ميعاد رفع دعوى الإلغاء، بل هو من قبيل الإجراءات اللازمة لبحث موضوع التظلم والرد على المتظلم ولا ينبئ عن الاتجاه نحو الاستجابة لطلبات المتظلم.

فلهذه الأسباب

*******

حكمت المحكمة : بأن قيام هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ببحث التظلم من قرار رفض              – أو عدم – تخصيص وحدة سكنية وإعادة الاستعلام والتحري عن بيانات طالب التخصيص،      لا  يعد مسلكاً ايجابياً يمتد به ميعاد رفع دعوى الإلغاء، وأمرت بإعادة الطعن إلي الدائرة الحادية عشرة بالمحكمة لتفصل فيه على هدي ما تقدم

Comments are closed.

xnxxbf