الندب … هل يجوز نقل الموظف من وظيفته إلي وظيفته المنتدب إليها.

الندب في اللغة :

نَدِبَ: (فعل)

ندِبَ يَندَب ، نَدَبًا ،فهوندِب و نديب

نَدِبَ الْجُرْحُ : اِلْتَأَمَ

نَدِبَ جِسْمُهُ : ظَهَرَتْ فِيهِ نُدُوبٌ

نَدَبَ: (فعل)

ندَبَ يَندُب ، نَدْبًا ، فهو نادِب ،و المفعول مَنْدوب

ندَب الشّخصَ إلى الأمر/ ندَب الشّخصَ للأمر: دعاه إليه ،رشَّحه للقيام به.

و بالتالي فإن الندب في خصوص الوظيفة العامة : هي أن يعهد بأداء مهام الوظيفة العامة إلي موظف عام من نفس المستوي الوظيفي لذات الوظيفة المنتدب إليها أو من المستوي الوظيفي الأعلي لها.

و لما كانت الوظائف العامة المدنية ما هي إلا حق للمواطنين و تشغل على أساس الكفاءة والجدارة، وقيام العاملين المدنيين بأداء واجباتهم بقصد رعاية مصالح المواطنين.

و لما كانت الوظيفة العامة تشغل بصفة عامة بموجب قرار  يصدر من رئيس الجمهورية أو من يفوضه (قرار التعين) فيمن يتوافر لديه الشروط اللازمة لشغل الوظيفة العامة، و بالتالي فإنها تشغل بموجب قرار و هو قرار التعين ، و يمثل قرار التعين بمثابة الأداءة الرئيسية لشغل هذه الوظائف.

إلا أنه يجوز لجهة الإدارة استثناء من هذه الأداءة فإنه يجوز أن تشغل الوظيفة العامة بأداءة أخري لبعض الوقت إذا توافرت شروط شغلها فيمن يتم ندبه لشغل هذه الوظيفة.

إلا أنه يثور التساؤل  أحياناً (في ضوء ما تتمتع به جهة الإدارة من سلطة تقديرية بشأن ندب الموظف من عدمه ) بشأن من يتم ندبه للقيام ببعض مهام وظيفة معينة لمدة قد تطول مع توافر شروط شغلها بشأنه، هل يجوز لجهة الإدارة نقل الموظف المنتدب إلي تلك الوظيفة باعتبار أنه قد أصبح له مركز قانوني بشأنها و أصبح من حقه شغلها بصفة دائمة.

و هنا أجابت المحكمة الإدارية العليا بأن ندب الموظف أمر جوازي لجهة الإدارة إلا أنه يكون مؤقتاً ، فإذا استطال الندب دون أن تقوم جهة الإدارة بإنهائه ، فإن ذلك ينبئ عن وجود قرينة علي صلاحيته لشغلها و انصراف نية الجهة الإدارية إلي تثبيته في تلك الوظيفة .

النص القانوني ، و حكم المحكمة الإدارية العليا:

و تنص المادة (٣٣)قانونرقم ٨١ لسنة ٢٠١٦بإصدارقانونالخدمةالمدنية علي أن :
يجوز بقرار من السلطة المختصة، ندب الموظف للقيام مؤقتًا بعمل وظيفة أخرى من ذات المستوى الوظيفى لوظيفته أو من المستوى الذى يعلوه مباشرةً فى ذات الوحدة التى يعمل بها أو فى وحدة أخرى، إذا كانت حاجة العمل فى الوظيفة الأصلية تسمح بذلك.
ولا يجوز ندب الموظف خارج الوحدة إلا بناءً على طلبه.
وتُحدد اللائحة التنفيذية القواعد الخاصة بالندب, على ألا تزيد مدته على أربع سنـوات.
وللوحدة المنتدب إليها الموظف اتخاذ إجراءات نقله من الوحدة المنتدب منها، بعد هذه المدة, وفى حالة رغبة الموظف، ووفقًا لحاجة العمل.
واستثناءً مما تقدم, يجوز بقرار من السلطة المختصة ندب الموظف بعد موافقته إلى الجمعيات والمؤسسات الأهلية ذات النفع العام, وتتحمل الوحدة بكامل الأجر أو بعضه، وذلك على النحو الذى تحدده اللائحة التنفيذية.

و حيث إن المحكمة الإدارية العليا قضت بأن ندب العامل أمر جوازي لجهة الإدارة ، تستعمله بموجب سلطتها التقديرية لتحقيق حسن سير العمل بالمرفق العام ، علي أن يكون هذا الندب مؤقتاً ، و بالتالي إذا استطال ندب العامل دون أن تقوم جهة الإدارة بإنهائه بحسبانه مؤقتاً ، و ظل العام المنتدب يمارس مهام الوظيفة المنتدب إليها و يؤدي واجباتها ، فإنه يصبح له مركز قانوني فيها ، مما ينهض قرينة علي صلاحيته لشغلها و انصراف نية الجهة الإدارية إلي تثبيته في تلك الوظيفة .

(حكم المحكمة الإدارية العليا ، الطعن رقم 3781 لسنة 47 ق عليا ، جلسة 14/3/2009 ، مكتب فني سنة 54 ، المبدأ رقم 40 ، صفحة 328)

ومفاد ما تقدم في ضوء المُستقر عليه في قضاء المحكمة الإدارية العليا ” أن ندب العامل – طبقاً لنص المادة (56) من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47لسنة 1978م (الملغي) (المقابل لها المادة (33)من قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016م) – للقيام بعمل وظيفة أخرى داخل الوحدة أو  خارجها أمر تترخص فيه السلطة المختصة بما لها من سلطة تقديرية بمراعاة حاجة العمل الا أنه يتعين على السلطة المختصة عند استعمالها لهذه السلطة الا تُسئ استعمالها اذ يجب ان تكون الغاية من الندب تحقيق المصلحة العامة لا مجرد وسيلة لعقاب العامل بإبعاده عن وظيفته الاصلية ومن ثم يتعين انه يتضمن قرار الندب تحديد الوظيفة المنتدب اليها وأن تكون حاجة العمل في الوظيفة الأصلية تسمح بالندب فيها و أن يكون الندب موقوتاً بمدة لا تجاوز سنة ويمكن تجديده حتى اربع سنوات وبحيث يجوز بعد انقضاء هذه المدة تجديد الندب الا لضرورة تستند الي ذلك التجديد.(حكم المحكمة الادارية العليا (الدائرة الثانية) في الطعن رقم 7335 لسنة 45 ق .عليا ، جلسة 26 /2/ 2005م ، وفي ذات المعنى حكمها في الطعن رقم 2874 لسنة 50 ق ع ، بجلسة 9/7/2007م ، وحكمها في الطعن رقم 15452لسنة 52ق عليا ــ جلسة 15/4/2012م).

وحيث إن مفاد ما تقدم أنه وإن كان الندب أمراً مؤقتا بطبيعته ، ويكون لشغل وظيفة بصفة مؤقتة داخل الوحدة أو خارجها ، وتترخص في إجرائه جهة الإدارة ، بما لها من سلطة تقديرية ، بمراعاة حاجة العمل في الوظيفة الأصلية ، إلا أنه يتعين أن يتم الندب بمراعاة القواعد والحدود المنصوص عليها في القانون، وأن تستهدف به جهة الإدارة مصلحة العمل، وألا تنحرف باستعمالها سلطتها بشأنه عن غايات الندب وما شرع له ، ومن ثم فلا يجوز الندب إلى وظيفة أدنى ، أو وظيفة من مجموعة نوعية أخرى، أو إلى غير وظيفة، أو اتخاذ الندب ساتراً لجزاء تأديبي. كما يجري قضاء هذه المحكمة على أن الندب من الأمور المتروكة لجهة الإدارة ، ومن الملائمات التي تتمتع فيها بسلطة تقديرية حسبما تمليه مصلحة العمل وتقتضيه المصلحة العامة ، وذلك حتى تستطيع الإدارة أن تلبي حاجات العمل العاجلة ابتغاء حسن سيره وانتظامه ، وحتى يتاح لها اختيار من تأنس فيه القدرة والكفاية للاضطلاع بمهام الوظيفة ، والنهوض بأعبائها واختصاصاتها ، وقد حددت اللائحة التنفيذية مدة الندب بسنة واحدة قابلة للتجديد حتى أربع سنوات كحد أقصى ، ولا يجوز تجاوز هذه المدة إلا في حالة الضرورة “.

(يُراجع حكم المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) في الطعـن رقم 8078 لسنة 55ق .عليا ــ جلسة 22/2/2014م ، وفي هذا المعنى فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة رقم 103 بتاريخ 14/2/2012م ــ ملف رقم 86/6/651ــ بجلسة 18/1/2012م).