مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الفتوى رقم 1632، ملف رقم 37/2/868 ، جلسة 2021/10/13
مايو 14, 2022
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الفتوى رقم 1627، ملف رقم 32/2/5416 ، جلسة 2021/10/13
مايو 15, 2022

الفتوى رقم 1635 ، ملف رقم 37/2/872 ، جلسة 2021/10/13

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

بسم اللــــه الرحمـــن الرحيــــم

                        رقم التبليغ:          

                        بتاريــخ:      /    /2021

                        ملف رقم: 37/2/872

السيد الربان/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لميناء الإسكندرية

تحية طيبة، وبعد،

فقد اطلعنا على كتابكم رقم (2255) المؤرخ في 9/12/2020، المُوجه إلى إدارة الفتوى للوزارات والمصالح العامة بالإسكندرية، بشأن الإفادة بالرأي في مدى خضوع رسوم تراكي السفن والمواعين ورسوم تموين السفن بالمياه العذبة للضريبة على القيمة المضافة المقررة بالقانون رقم (67) لسنة 2016.

وحاصل الوقائع- حسبما يبين من الأوراق– أن الهيئة العامة لميناء الإسكندرية تستقبل يوميًّا الكثير من السفن للقيام بمختلف الأعمال التجارية، الأمر الذي يتطلب تراكي هذه السفن على الأرصفة المخصصة لها، كما أن المواعين ترسو على أرصفة الميناء للقيام بالأعمال المرخص لها فيها، وعلى صعيد آخر تنهض الهيئة بتموين السفن التي ترسو بالمياه العذبة من خلال الاتفاق مع شركة مياه الشرب بالإسكندرية على تقديمها بالمقابل المتفق عليه بين الطرفين، وقد ناط المشرع بالهيئة تحصيل الرسوم المقررة على هذه الخدمات وفقًا لأحكام القانون رقم (24) لسنة 1983 بشأن رسوم الإرشاد والتعويضات ورسوم الموانئ والمنائر والرسو والمكوث، وبصدور قانون الضريبة على القيمة المضافة الصادر بالقانون رقم (67) لسنة 2016، أثير التساؤل عن مدى خضوع هذه الخدمات لتلك الضريبة، وإزاء ذلك طلبتم الإفادة بالرأي.

وباستطلاع رأى إدارة الفتوى على النحو المتقدم، انتهت إلى عرض الموضوع على اللجنة الأولى لقسم الفتوى بمجلس الدولة، والتى قررت بجلستها المعقودة بتاريخ 22/5/2021 إحالته إلى الجمعية العمومية؛ للأهمية والعمومية.

ونفيد: أن الموضوع عُرض على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة فى 13 من أكتوبر عام 2021، الموافق 6 من ربيع الأول سنة 1443هـ؛ فتبين لها أن المادة (38) من الدستور تنص على أن: “يهدف النظام الضريبي وغيره من التكاليف العامة إلى تنمية موارد الدولة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية. لا يكون إنشاء الضرائب العامة، أو تعديلها، أو إلغاؤها، إلا بقانون، ولا يجوز الإعفاء منها إلا في الأحوال المبينة في القانون. ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب، أو الرسوم، إلا في حدود القانون…”، وأن المادة (1) من قانون الضريبة على القيمة المضافة الصادر بالقانون رقم (67) لسنة 2016 تنص على أن: “يُقصد فى تطبيق أحكام هذا القانون بالألفاظ والعبارات التالية المعنى المبين قرين كل منها:… المكلف: الشخص الطبيعى أو الشخص الاعتبارى خاصًّا كان أو عامًّا المكلف بتحصيل وتوريد الضريبة للمصلحة سواء كان منتجًا أو تاجرًا أو مؤديًا لسلعة أو لخدمة خاضعة للضريبة بلغت مبيعاته حد التسجيل المنصوص عليه فى هذا القانون، وكل مستورد أو مصدر أو وكيل توزيع، لسلعة أو لخدمة خاضعة للضريبة مهما كان حجم معاملاته، وكذلك كل منتج أو مؤدّ أو مستورد لسلعة أو لخدمة منصوص عليها فى الجدول المرافق لهذا القانون مهما كان حجم معاملاته. المسجل: المكلف الذى تم تسجيله لدى المصلحة وفقًا لأحكام هذا القانون… مورد الـخدمـة: كل شخص طبيعى أو اعتبارى يقوم بتوريد أو أداء خدمة خاضعة للضريبة… الضريبة: الضريبة على القيمة المضافة… السلعة: كل شيء مادي أيًّا كانت طبيعته أو مصدره أو الغرض منه بما فى ذلك الطاقة الكهربائية، سواء كان محليًّا أو مستوردًا… الخدمة: كل ما ليس سلعة، سواء كان محليًّا أو مستوردًا…”، وأن المادة (2) منه تنص على أنه: “تفرض الضريبة على السلع والخدمات بما فى ذلك السلع والخدمات المنصوص عليها فى الجدول المرافق لهذا القانون، سواء كانت محلية أو مستوردة، فى كافة مراحل تداولها، إلا ما استثنى بنص خاص…”، وأن قائمة السلع والخدمات المعفاة من الضريبة على القيمة المضافة تضمنت في البند (17) النص على: “تنقية أو تحلية أو توزيع المياه عدا المياه المعبأة”. وأن المادة (3) من اللائحة التنفيذية لقانون الضريبة على القيمة المضافة المشار إليه الصادرة بقرار وزير المالية رقم (66) لسنة 2017، تنص على أنه: “في تطبيق أحكام القانون، لا يعتبر من قبيل الخدمات الخاضعة للضريبة:… 4- الخدمات العامة التي تؤديها الجهات الحكومية…”.

كما تبين لها أن المادة الأولى من القانون رقم (24) لسنة 1983 بإصدار قانون رسوم الإرشاد والتعويضات ورسوم الموانئ والمنائر والرسو والمكوث تنص على أنه: “يُعمل بأحكام القانون المرافق في شأن رسوم الإرشاد والتعويضات ورسوم الموانئ والمنائر والرسو والمكوث.”، وأن المادة (6) من قانون رسوم الإرشاد والتعويضات ورسوم الموانئ والمنائر والرسو والمكوث الصادر بالقانون المشار إليه تنص على أنه: “(أ) تؤدي السفن التي ترسو على الأرصفة أو السقايل (الأساكل) أو ترسو بجانب سفينة أخرى راسية على أي من تلك الأرصفة أو السقايل التابعة لكل من مصلحة المواني والمنائر أو أي من الهيئات العامة للمواني في المواني المبينة في الجدول رقم (3) الملحق بهذا القانون، وكذلك السقالة التابعة للهيئة العامة للبترول لمرسى البترول الجديد، رسمَ رسوّ قدره قرش ونصف عن كل طن من حمولتها عن كل يوم أو جزء من اليوم. (ب) وتؤدي السفن التي ترسو على المخطاف الداخلي… ويشترط لاستحقاق هذا الرسم أن يكون الرسو بناء على طلب السفينة لإجراء أعمال الشحن أو التفريغ أو لأي أمر آخر يتصل بها”، وأن المادة (8) منه تنص على أنه: “أ) لا تخضع للرسوم المستحقة، وفقا للمواد 5 و6 و7 السابقة السفن والعائمات التي يرخص لها في العمل في المواني المبينة في الجدول رقم (3) الملحق بهذا القانون، كالمواعين والبراطيم والصنادل والزوارق والقاطرات والرافعات والكراكات والجرارات وقوارب الغطاسة والأحواض العائمة وغيرها التي لا تبرحها عادة… (ب) ومع ذلك تؤدي السفن والعائمات المشار إليها في البند السابق عند رسوها على الأرصفة والسقايل (الأساكل) للقيام بعمليات الشحن أو التفريغ رسمَ رسوّ قدره ستة جنيهات عن اليوم أو جزء من اليوم”، وأن المادة (27) منه تنص على أنه: “يجوز لوزير النقل البحري بقرار منه بعد أخذ رأي وزير المالية وبالتنسيق مع هيئة قناة السويس بالنسبة لميناءي بورسعيد والسويس زيادة الرسوم والتعويضات ومقابل الخدمات المنصوص عليها في هذا القانون على ألا تجاوز الزيادة خمسة أمثال هذه الرسوم”، وأن المادة (30) منه تنص على أن: “لوزير النقل البحري تحديد فئات مقابل الانتفاع بالمهمات والمنشآت الثابتة والعائمة التابعة لكل من مصلحة المواني والمنائر أو أي من الهيئات العامة للمواني”.

كما تبين لها أن القانون رقم (6) لسنة 1967 بإنشاء هيئة عامة لميناء الإسكندرية- المعمول به اعتبارا من 20 من أغسطس سنة 1966- نص في المادة (1) منه على أن: “تنشأ هيئة عامة لإدارة ميناء الإسكندرية تسمى الهيئة العامة لميناء الإسكندرية يكون مركزها مدينة الإسكندرية ويصدر بتنظيمها وتحديد اختصاصاتها قرار من رئيس الجمهورية…”، وأن المادة (2) من قرار رئيس الجمهورية رقم (3293) لسنة 1966 باختصاصات ومسئوليات الهيئة العامة لميناء الإسكندرية تنص على أن: “تختص الهيئة العامة لميناء الإسكندرية دون غيرها بإدارة ميناء الإسكندرية وفقًا للسياسة العامة الموضوعة لمواني الجمهورية وذلك بما يكفل حسن سير العمل في الميناء وانتظامه والارتفاع بمستواه إلى أقصى درجة من الكفاية بالنسبة لكافة أوجه النشاط فيه. وللهيئة على الأخص: (أ) إنشاء وصيانة أرصفة رسو السفن وحواجز المياه والممرات الملاحية وتوسيع وتطهير وتعميق الميناء. (ب)… (ج)… (د)… (هـ) استغلال وصيانة وإدارة المحطة البحرية والأراضي والمنشآت الأخرى المملوكة للهيئة أو التي يعهد إليها بإدارتها واستغلالها. (و)… (ز)… (ح) وضع تعريفة الخدمات التي تؤديها الهيئة أو الشركات التابعة لها في ميناء الإسكندرية بعد اعتمادها من الوزير المختص وإبداء الرأي في الرسوم والعوائد التي تطبق في الميناء بمعرفة الجهات الأخرى المتخصصة بذلك قانونا…”، وأن المادة (7) منه تنص على أن: “تتكون موارد الهيئة من: (أ) الاعتمادات التى تخصصها لها الدولة.

(ب) إيراداتها الناتجة من نشاطها أو الأموال المملوكة لها. (ج)… (د)…”. وأن المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (1039) لسنة 1979 بشأن الهيئات العامة الاقتصادية وصناديق التمويل ذات الطابع الاقتصادي تنص على أن: “تعتبر هيئات اقتصادية في تطبيق المادة (3) من القانون رقم 53 لسنة 1973 المشار إليه الهيئات العامة وصناديق التمويل الآتي بيانها: 1-… 14- الهيئة العامة لميناء الإسكندرية…”.

واستعرضت الجمعية العمومية أحكام قرار وزير النقل رقم (488) لسنة 2015 بشأن لائحة مقابل الخدمات التي تُؤدى للسفن في الموانئ البحرية المصرية، ومقابل الانتفاع بالمهمات والمنشآت الثابتة والعائمة التابعة لهيئات الموانئ البحرية والهيئة المصرية لسلامة الملاحة البحرية، ومقابل الخدمات الإلكترونية المقدمة من هيئات الموانئ البحرية للمتعاملين معها، وأحكام قرار وزير النقل رقم (800) لسنة 2016 بإصدار لائحة تنظيم مزاولة الأنشطة والأعمال المرتبطة بالنقل البحري ومقابل الانتفاع بها.

واستعرضت الجمعية العمومية ما جرى عليه الفقه والقضاء والإفتاء من أن الضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرًا من المكلفين بأدائها، إسهامًا من جانبهم في أعبائها وتكاليفها العامة، دون أن يعود على أحدهم نفع خاص من ورائها، والرسم مبلغ من المال يجبيه أحد الأشخاص العامة كرهًا عن الفرد نظير خدمة معينة يؤديها إليه، وأن إيرادات الدولة لا تقتصر على الضرائب والرسوم فحسب، وإنما تمتد إلى غيرهما من المصادر، من بينها أثمان المنتجات أو مقابل الخدمات التى تُحصلها الجهات القائمة على إدارة أملاك الدولة، وتتجلى أبرز الفروق بين هذا المقابل أو الثمن وبين الرسوم، فى أن الرسم يؤدى جبرًا ومقابل خدمة من طبيعة إدارية يقدمها مرفق إدارى بحسب الأصل, أما مقابل الخدمة أو ثمن المنتج إنما يؤدى لمرفق عام اقتصادى (تجاري أو صناعي) تقوم فيه جهة من الجهات بإدارة أملاك الدولة وفقًا لأساليب الإدارة الاقتصادية، ويحدد فيه الثمن أو مقابل الخدمة وفقًا لمعايير اقتصادية بحتة، مما يخضع للتغيرات التى تفرضها طبائع الأوضاع الاقتصادية.

واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم- وحسبما جرى به إفتاؤها بجلسة 8/1/2020، وجلسة 28/10/2020 في الملف رقم 32/2/4696- أن المشرع بموجب قانون الضريبة على القيمة المضافة الصادر بالقانون رقم (67) لسنة 2016 فرض ضريبة عينية غير مباشرة على واقعة بيع السلع، أو أداء الخدمات، وجعل الأصل هو خضوع جميع السلع والخدمات لها، خلافًا لما كانت عليه الحال بالنسبة إلى الضريبة العامة على المبيعات السابق فرضها بالقانون رقم (11) لسنة 1991، وأنه بشأن تحديد النطاق الشخصي للخضوع لهذه الضريبة، فإن الجهات الإدارية وأشخاص القانون العام إنما تنزل منزلة الأفراد وأشخاص القانون الخاص فى هذا الخضوع، نزولا على أن هذه الضريبة تُستحق فى أصل شرعتها بواقعة التصرف فى السلعة أو أداء الخدمة، مما يتحقق فى أنشطة الأشخاص العامة تَحقُّقَه فى غيرها، دون مُميز يرد إلى طبيعة الشخصية العامة فى هذا المقام، وأنه بشأن تحديد النطاق الموضوعي لهذه الضريبة، وبيان مفردات وعائها، فإن المشرع عرف السلعة بأنها كل شئ مادي، وعرف الخدمة بأنها كل ما ليس سلعة، فإذا كانت الخدمة في مفهومها العام تقوم على بذل العمل ومزاولة التشغيل بقصد إشباع حاجة معينة، فإن المشرع في قانون الضريبة على القيمة المضافة– وعلى ما يستفاد من أعماله التحضيرية- خصّ الخدمة بمفهوم مغاير، إذ اعتبر كل ما ليس سلعة خدمة في تطبيق أحكامه، بقصد توسيع قاعدة الوعاء الضريبي من خلال إخضاع جميع الأنشطة الاقتصادية التي تقوم على تداول السلع أو توريد الخدمات للضريبة، إلا ما يُعفى بنص خاص، وأنه إذا كان المشرع لا يفرق في هذا الخضوع بين تصرفات الأشخاص الاعتبارية العامة وغيرها من الأشخاص الخاصة، وكان القانون يختص الشخص الاعتباري العام- بحسبانه يدير مرفقًا عامًّا- بالقيام بأنشطة ذات طبيعة إدارية بحتة، لا يقوم أداؤها على عناصر ومقومات اقتصادية، فإنه لا فِكاك من القول بأن هذه الأنشطة الخدمية الإدارية لا تدخل ضمن مفهوم الخدمة الخاضعة للضريبة على القيمة المضافة، بحسبانها خدمات عامة أخرجها المشرع من الخضوع لها، وإنما تخضع لما عسى أن يفرضه المشرع من رسوم جبرية لا يجوز اتخاذها – بحسب الأصل- وعاءً أو محلا لأي ضريبة غير مباشرة، إعمالا لمقتضيات العدالة والملاءمة الضريبية.

واستظهرت الجمعية العمومية كذلك أن المشرع في القانون رقم (6) لسنة 1967 بإنشاء هيئة عامة لميناء الإسكندرية- المعمول به اعتبارا من 20 من أغسطس سنة 1966- أنشأ هيئة عامة لإدارة وتسيير مرفق ميناء الإسكندرية، تسمى الهيئة العامة لميناء الإسكندرية، ومنح ولاية تنظيمها وتحديد اختصاصاتها إلى رئيس الجمهورية، الذي حدد بقراره رقم (3293) لسنة 1966 اختصاصات ومسئوليات هذه الهيئة، حيث ناط بها إدارة هذا المرفق، وتسيير وتصريف شئونه، وكفالة حسن سير العمل به وانتظامه، والارتفاع بمستواه بالنسبة إلى جميع أوجه النشاط، عن طريق إنشاء وتوسيع وتطهير وتعميق الميناء وصيانة منشآته الملاحية، وإنشاء وإدارة واستغلال المخازن والمستودعات والساحات التابعة له، والقيام بعمليات الشحن والتفريغ والنقل، وأعمال الأمن والحراسة بالنسبة للميناء وملحقاته، وإدارة المحطة البحرية وصيانتها، وغيرها من الأعمال والأنشطة التي تضمنتها أحكامه، ولاحظت الجمعية العمومية- وعلى ما يستفاد من المذكرة الإيضاحية لقانون إنشاء هيئة عامة لميناء الإسكندرية آنف الذكر- أن الخدمات التي تؤديها هذه الهيئة تتنوع طبيعتها القانونية بين خدمات ذات طبيعة إدارية مرفقية عامة، وأخرى ذات طبيعة اقتصادية خالصة، وأنه بشأن التمييز بين هذه وتلك فإن الخدمات ذات الطبيعة الإدارية العامة هي الخدمات التي تضطلع بها الهيئة بغرض تحقيق النفع العام المرتبط بمرفق الملاحة والميناء والتجارة البحرية في صورته التقليدية، دون أن تهدف منها إلى تحقيق الربح، وتقدمها نظير رسوم مقررة قانونا، أو بناء على قانون، ومن ذلك خدمات رسو ومكوث السفن والمواعين، والتي رأى المشرع بقانون رسوم الإرشاد والتعويضات ورسوم الموانئ والمنائر والرسو والمكوث الصادر بالقانون رقم (24) لسنة 1983 تقديمها في ثوب مرفقي إداري عام، نظير رسوم حددها وعيّن ألية ونطاق زيادتها بالمادتين (6) و(27) منه، ومن ناحية أخرى فإن الخدمات ذات الطبيعة الاقتصادية التي تؤديها الهيئة هي الخدمات التي تضطلع بها بوصفها مرفقًا اقتصاديًّا، وفقا لآليات سوق الملاحة والمواني والتجارة البحرية، وقوى العرض والطلب، ومقتضيات التفاوض وحجم المعاملات، بهدف استثمار أموالها وتعظيم إيراداتها، من خلال ما تستحقه عنها من مقابل (ثمن) تستأديه وفقًا لتلك المعطيات، ومن ذلك خدمات الانتفاع بالمهمات والمنشآت الثابتة والعائمة التابعة لها، والتي ناط المشرع بالمادة (30) من قانون رسوم الإرشاد والتعويضات ورسوم الموانئ والمنائر سالف الذكر بوزير النقل البحري تحديد فئاتها والمقابل المستحق عنها، وإن المغايرة في الطبيعة القانونية للخدمات المؤداة من هذه الهيئة والمقابل المُؤدى عنها، على الوجه المشار إليه، تستلزم اختلاف حكم خضوعها للضريبة على القيمة المضافة المقررة بالقانون رقم (67) لسنة 2016 آنف الذكر، فبينما لا تخضع الخدمات الإدارية العامة التي تقدمها الهيئة نظير رسوم إجبارية لهذه الضريبة، تخضع الخدمات الاقتصادية الأخرى التي تقدمها نظير أثمان تفاوضية لها.

ولما كا ما تقدم، وكان الحاصل أن الهيئة العامة لميناء الإسكندرية تستقبل سفنًا ومواعينَ ترسو على أرصفة الميناء، للقيام بأعمال التجارة البحرية وأعمال الشحن والتفريغ، وغيرها من الأعمال المرخص لها في مزاولتها، فإنه متى كان هذا الرسو من ضمن الخدمات التي ألزم المشرع الهيئة تقديمها لمن يطلبها نظير رسوم محددة، وفقا لأحكام قانون رسوم الإرشاد والتعويضات ورسوم الموانئ والمنائر والرسو والمكوث آنف البيان، فإن إرادة المشرع قد انصرفت- اقتضاء- إلى أن تكون إدارة تقديم هذه الخدمة بأداة مرفقية عامة، بحسبانها- من منظوره- أداءً لواجبٍ قانونى لا خيار للهيئة فى أدائه أو تحديد مقابله، مما يتصل بمرفق الملاحة والميناء والتجارة البحرية الذي لا يحتمل ارتباكًا أو اضطرابًا، ويستعصي بحكم ملزوميته عن استبعاد أحد من طالبي الانتفاع به، وهو ما يجعل من هذه الخدمة- رسوّ السفن والمواعين بأرصفة الميناء- من قبيل الخدمات العامة التي لا تخضع للضريبة على القيمة المضافة المقررة بأحكام القانون رقم 67 لسنة 2016.

ومن حيث إنه عن خدمة تموين السفن التي ترسو على أرصفة ميناء الإسكندرية بالمياة العذبة، التي تقدمها الهيئة- مباشرة أو بطريق الإنابة- إلى هذه السفن، من خلال استغلال شبكة المياه والبنية التحتية المُنشأة بمعرفتها لهذا الغرض، فإذا كانت هذه الخدمة ليست من ضمن الخدمات التي خصّها المشرع بالخضوع للرسوم المقررة بقانون رسوم الإرشاد والتعويضات ورسوم الموانئ والمنائر والرسو والمكوث سابق الإشارة إليه، وإنما يُرد أمر تحديد طبيعتها ومقابلها، إلى حكم المادة (30) منه، والتي ناطت بوزير النقل البحري تعيينها، وفقًا للمعايير الاقتصادية السارية، بحسبانها نشاطًا مرتبطًا بالنقل البحري، وبوصفها استغلالا للمهمات والمنشآت الثابتة المملوكة للهيئة، وكانت هذه الخدمة من الأنشطة التي تزاولها الهيئة، باستغلال أموالها وبِنيتها التحتية بقصد تعزيز مواردها المالية، فإنها من الخدمات الاقتصادية التي تخضع للضريبة على القيمة المضافة المقررة بأحكام القانون رقم (67) لسنة 2016 المشار إليه، وعلى اعتبار أنها ليست من قبيل خدمات توزيع المياه التي أعفاها المشرع من الخضوع لهذه الضريبة وفقًا للبند (17) من قائمة السلع والخدمات المعفاة منها، والتي ينصرف معناها إلى توزيع المياه مما تنفرد بتقديمه المرافق الإدارية العامة- بالأصالة أو بالنيابة- إلى عموم المستفيدين دون تمييز اقتصادي أو تجاري يؤثر في انتفاع أو استبعاد أحدهم من الاستفادة منها، أو يؤثر في تقدير أثمانها.

لـــذلــــك

انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى: عدم خضوع خدمة رسوّ السفن والمواعين بأرصفة ميناء الهيئة العامة لميناء الإسكندرية للضريبة على القيمة المضافة المقررة بالقانون رقم (67) لسنة 2016، وخضوع خدمة تموين هذه السفن بالمياه العذبة لهذه الضريبة، وذلك على الوجه المُبين بالأسباب.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحريرًا في:           /           /2021

                          رئـيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع

                  المستشار/

               اسامه محمود عبد العزيز محرم

                          النــائـــب الأول لرئـيـس مـجـلـس الـدولــة

Comments are closed.

xnxxbf