مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الثانية – الطعن رقم 13375 لسنة 55 القضائية (عليا)
سبتمبر 18, 2021
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الأولى – الطعن رقم 17505 لسنة 55 القضائية (عليا)
سبتمبر 18, 2021

الدائرة السابعة – الطعن رقم 12918 لسنة 55 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 28 من إبريل سنة 2013

الطعن رقم 12918 لسنة 55 القضائية (عليا)

(الدائرة السابعة)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حسن كمال محمد أبو زيد شلال

نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. محمد ماهر أبو العينين ومحمد محمد مجاهد راشد وحسن محمود سعداوي محمد ود. مجدي صالح يوسف الجارحي.

نواب رئيس مجلس الدولة

المبادئ المستخلصة:

(أ) ضرائب– الضريبة على الدخل- وعاؤها- جعل الدستورُ القانونَ أداةً لإنشاء الضرائب والإعفاء منها- لكلِّ ضريبةٍ وعاءٌ، وعندما يُحدِّد المشرِّعُ وعاءَ الضريبة ويحصر مفرداته، فلا مناص من الانصياع لهذا التحديد- لا يجوزُ إدراج ما لم يرد النص عليه ضمن مفردات هذا الوعاء- وعاء الضريبة على المرتبات يتحدد على أساس ما يُؤدَّى للموظف من مرتبٍ مقابل العمل الفعلي، وما يؤدَّى إليه من مزايا نقدية وعينية كجزء من هذا المرتب، وما يأخذ حُكمَه من مكافآتٍ تُؤدَّى إليه بصفةٍ مستمرة نتاج عمله الأصلي([1]).

– المادة (119) من دستور 1971 (تقابلها المادة 38/2 من دستور 2014).

– المادة (49) من قانون الضرائب على الدخل، الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981، المعدَّل بالقانون رقم 187 لسنة 1993 (الملغى لاحقًا بموجب القانون رقم 91 لسنة 2005 بإصدار قانون الضريبة على الدخل).

(ب) سلك دبلوماسي وقنصلي– أعضاؤه- بدلاتهم- بدل السكن- ما يُصرَف للعامل تحت مسمى (بدل السكن) هو مقابلُ نفقاتٍ فعلية، تكبدها في سبيل أداء مهام وظيفته، وليس مقابل عمله الأصلي، وهو لا يعد تعويضًا لافتقاده مقومات التعويض، ولا يتسِم بما تتصف به الأجور والمرتبات وما في حكمها، أو المكافآت التى عناها المشرِّع في قانون الضرائب على الدخل، بل هو مجرد وفاء لمبالغٍ قام صاحب الشأن بسدادها على نفقته، ومن ثم لا يخضع هذا البدل للضريبة على الدخل- تلتزم جهة الإدارة بدفع ذلك البدل للمستحق له باعتبارها الملزَمةَ أصلا بتوفير السكن.

– المادة (53) من قانون نظام السلك الدبلوماسي والقنصلي، الصادر بالقانون رقم 45 لسنة 1982.

(ج) تقادم– تقادم الضرائب والرسوم- التفرقة بين ما تم دفعه بغير وجه حق، وما تم دفعه بوجه حق (أي بسندٍ)- ما تم دفعه بغير وجه حق يسقط الحق في استرداده بالتقادم الخمسي طبقا للمادة (377) من القانون المدني– ما تم دفعه بوجه حق يسقط الحق في اقتضائه بالتقادم الطويل، ولا يخضع للمادة المذكورة- حكم هذه المادة استثناء لا يجوز التوسع فيه بطريق القياس- تطبيق: لا مجال لإعمال حكم التقادم الخمسي على ما يتم تحصيله من ضريبة أو رسم بحقٍّ، ثم يصدر قرار لاحق بالإعفاء من هذه الضريبة أو الرسم، أو إلغاء التعليمات الخاصة بتحصيل أيهما، حيث تصبح هذه المبالغ المحصلة دَينًا عاديا، يسقط الحق في اقتضائه بالتقادم الطويل([2]).

– المادة (377) من القانون المدني.

(د) تأمين اجتماعي– سداد الاشتراكات- تتحمل جهة الإدارة مسئولية سداد المبالغ المتعلقة بحصة المؤمَّن عليه من أجره- لم يمنح المشرع الموظف الحق في الاختيار بين استقطاع مبلغ التأمين والمعاشات من المرتب، أو قيامه بسداده مباشرة.

– المواد (127) و(129) و(136) من قانون التأمين الاجتماعي، الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975.

(هـ) دعوى– الطعن في الأحكام– طلبات في الطعن- لا يجوز إبداءُ طلباتٍ جديدة لأول مرة أمام محكمة الطعن- تقضي المحكمة بعدم قبولها، ولصاحب الشأن أن يلجأ بشأنها إلى محكمة أول درجة.

الإجراءات

في يوم الإثنين الموافق 23/3/2009 أودع الأستاذ/… المحامي المقبول لدى المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلا عن الطاعن قلمَ كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 20383 لسنة 57ق بجلسة 25/1/2009، القاضي منطوقه: (أولا) بسقوط حق المدعي بالتقادم الخمسي بالنسبة لاسترداد ما تم خصمه من ضرائب الدخل على كسب العمل وبدل السكن،  و(ثانيا) بالنسبة لباقي الطلبات بأحقيته في استرداد ما تم خصمه من ضرائب الدخل على بدل المصروفات الدراسية مع مراعاة التقادم الخمسي، وبأحقيته في استرداد مصروفات نقل الأمتعة والأثاث والعفش، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وإلزامه وجهة الإدارة مناصفة المصروفات.

وطلب الطاعن -للأسباب المثبتة بتقرير الطعن- الحكم بقبوله شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من سقوط الحق بالتقادم الخمسي، والحكم مجددًا بالطلبات، وإلغاء ما قضت به من رفض بعض الطلبات، والحكم مجددًا بجميع الطلبات الواردة بأصل صحيفة الدعوى، مع إلزام جهة الإدارة المصروفات.

ثم قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، وإلزام الطاعن المصروفات.

وتم إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.

وتدوول نظر الطعن بدائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا على النحو المبين بمحاضر جلساتها، ثم قررت إحالته إلى الدائرة السابعة (موضوع) لنظره بجلسة 20/11/2011، والتي نظرته بتلك الجلسة، حيث قدم الحاضر عن المطعون ضدهم حافظة مستندات طويت على مذكرة جهة الإدارة بالرد على الطعن التمس في ختامها الحكم برفضه، وصورة من القرار رقم 286 لسنة 2009 الصادر عن المطعون ضده الأول يتضمن تنفيذ الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري المطعون فيه.

وبجلسة 17/6/2012 قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة ليحدِّد الطاعن طلباته في ضوء حافظة المستندات المقدَّمة من جهة الإدارة والمبينة سالفًا، وبجلسة 4/11/2012 قدم الحاضر عن الطاعن مذكرة خلص فيها إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما عدا ما قضى به من أحقيته في استرداد مصروفات نقل الأمتعة والأثاث، والقضاء مجددًا بأحقيته في استرداد ما تم تحصيله منه كضريبة كسب عمل على بدل السكن وما تم تحصيله بالزيادة في ضريبة كسب العمل على راتبه، وأن تؤدي إليه جهة الإدارة ما قامت بخصمه من الراتب على ذمة حصة اشتراكه في التأمين الاجتماعي، وبأن تؤدي إليه ما حجبت رده إليه من الضريبة على مساهمة الدولة في المصروفات الدراسية بحجة التقادم الخمسي، وقيمة تذاكر السفر على أساس فئة الخارج وعلى أساس سعر صرف الجنيه المصري وقت الوفاء بها وليس وقت استحقاقها لجميع الحقوق المطالب بها، مع إلزام جهة الإدارة المصروفات عن درجتي التقاضي. وبجلسة 3/2/2013 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 21/4/2013، وفيها قررت مدَّ أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وتمام المداولة.

وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونًا، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.

وحيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن الأوراق- في أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 20383 لسنة 57ق. أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في 18/5/2003، طلب في ختامها الحكم بقبولها شكلا، وبإلزام جهة الإدارة صرف جميع المبالغ التى خصمت منه دون وجه حق تحت مسمى ضرائب كسب العمل وضرائب بدل السكن وضرائب المصروفات الدراسية واشتراكات التأمينات ومصاريف نقل العفش، مع إلزام الإدارة المصروفات، وذلك على سندٍ من القول بأنه كان يعمل وزيرًا مفوضًا بالتمثيل التجاري بوزارة التجارة والصناعة، وانتُدِبَ للعمل بسفارات جمهورية مصر العربية بالخارج، وقد دأبت جهة الإدارة على خصم مبالغ مالية تحت مسمى ضرائب بدل السكن وضرائب كسب العمل والمصروفات الدراسية واشتراكات التأمينات، كما امتنعت عن صرف قيمة مصاريف نقل العفش، وطلب في ختامها الحكم له بالطلبات المبينة سالفًا.

…………………………………………………………….

وبجلسة 25/1/2009 قضت المحكمة (أولا) بسقوط حق المدعي بالتقادم الخمسي، بالنسبة لاسترداد ما تم خصمه من ضرائب الدخل على كسب العمل، وبدل السكن. و(ثانيا) بالنسبة لباقي الطلبات بأحقيته في استرداد ما تم خصمه من ضرائب الدخل على بدل المصروفات الدراسية، مع مراعاة التقادم الخمسي، وبأحقيته في استرداد مصروفات نقل الأمتعة والأثاث والعفش، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، مع إلزامه والإدارة مناصفةً المصروفات.

وأقامت المحكمة قضاءها المبين سالفًا على أحكام المواد (187) من قانون الضرائب على الدخل رقم 157 لسنة 1981 المعدَّل بالقانون رقم 187 لسنة 1993، والمادة (53) من قانون نظام السلك الدبلوماسي والقنصلي رقم 45 لسنة 1982، والمواد أرقام (127) و(129) و(136) من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 المعدَّل بالقانون رقم 93 لسنة 1980، والمادة (16) من قرار رئيس الجمهورية رقم 146 لسنة 1958 بشأن اللائحة التنظيمية للخدمة بوزارة الخارجية، وانتهت إلى أنه بالنسبة لما تم خصمه من ضريبة الدخل وكسب العمل، فقد وضع المشرع مدة تقادم هي خمس سنوات لِما يتمُّ استقطاعُه منهما من تاريخ إخطار الممول بربط الضريبة، وأن تاريخ العلم بالنسبة للطاعن هو تاريخ تقاضيه المرتب في 1/1/1994، وإذ أقام الدعوى المطعون في حكمها في 18/5/2003، فمن ثم يطبق بشأنه سقوط الحق بالتقادم.

وفيما يخص طلب المصروفات الدراسية، فإنها لا تخضع للضريبة الموَحَّدة على الدخل، ومن ثم يستحِق المدعي هذا البدل، ويتعيَّن استردادُ ما تم خصمه منه مع مراعاة أحكام التقادم الخمسي.

وفيما يخص اشتراكات التأمين الاجتماعي، فإن استقطاعَ جهة الإدارة لها قد تمَّ على وفق صحيح حكم القانون، ومن ثم يتعيَّن رفضُ طلب المدعي باسترداد ما تم خصمه منها.

وخلصت إلى أحقيته في مصاريف نقل العفش والأمتعة والأثاث حالة سفر عضو البعثة بسبب التعيين أو النقل أو الفصل؛ استنادا إلى إلزام المشرِّع جهة الإدارة بها على النحو الوارد بالمادة (16) من القرار رقم 146 لسنة 1958 المبين سالفًا، وقد خلت الأوراق مما يفيد سداد جهة الإدارة تلك المصروفات.

……………………………………………………………..

ولما لم يرتضِ الطاعن هذا القضاء أقام طعنه الماثل، ناعيا على الحكم المطعون فيه مخالفته لأحكامِ القانونِ، وقضاءِ محكمة النقض في الطعن رقم 2916 لسنة 64ق. فيما انتهى إليه من خروج هذه المبالغ عن نطاق تطبيق حكم المادة (377) من القانون المدني، وتكون من ثم المبالغُ المطالب بها في الدعوى (المطعون في حكمها) لا يطبق بشأنها التقادم الثلاثي أو الخمسي، بل يطبق عليها التقادم الطويل بمضي 15 سنة من 3/5/1995، حين أقرت مصلحة الضرائب بموافقتها على عدم خضوع بدل السكن للضريبة المشار إليها.

……………………………………………………………..

وهذا النعي في محله؛ ذلك أن المادة (119) من الدستور تنص على أن: “إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاءها لا يكون إلا بقانونٍ. ولا يُعْفَى أحد من أدائها إلا في الأحوال المبينة في القانون. ولا يجوز تكليفُ أحدٍ أداء غير ذلك من الضرائب أو الرسوم إلا في حدود القانون”.

وتنص المادة (49) من قانون الضرائب على الدخل رقم 157 لسنة 1981 المعدَّل بالقانون رقم 187 لسنة 1983 علي أن: “تسري الضريبة على: 1- المرتبات وما في حكمها والماهيات والأجور والمكافآت والإيرادات…”.

وحيث إن المستفاد مما تقدم -على وفق ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة- أن الدستور جعل القانون أداةَ إنشاءِ الضرائب والإعفاء منها، ولا مراء في أن لكل ضريبة وعاء، وأن المشرِّع عندما يحدِّد وعاء الضريبة ويحصر مفرداته، فلا مناص من الانصياع لهذا التحديد، ومؤدى ذلك: عدم جواز إدراج ما لم يرد النص عليه ضمن مفردات هذا الوعاء. كما أن الضريبة على المرتبات والأجور والمكافآت تطبق على ما تؤديه الحكومة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة للموظف، من مرتب مقابل العمل الفعلي، وما يُؤدَّى إليه من مزايا نقدية وعينية كجزء من هذا المرتب، كما تطبق الضريبة على ما يأخذ حُكمَ المرتب وما يُؤدَّى إلى الموظف بصفةٍ مستمرة من مكافآت نتاج عمله الأصلي.

وحيث إن المشرِّع طبقًا لما قضت به المادة (53) من قانون نظام السلك الدبلوماسي والقنصلي الصادر بالقانون رقم 45 لسنة 1982، قد ألزم وزارة الخارجية توفير السكن الملائم لأعضاء السلك الدبلوماسي وغيرهم من العاملين بالبعثات في الخارج في البلاد ذات المعيشة الصعبة، فإذا ما تعذر عليها الوفاء بهذا الالتزام عينًا لقيام صاحب الشأن بتوفير المسكن، فيُصرف له في هذه الحالة بدل سكن بنسبة 20% من مجموع ما يتقاضاه من مرتبات وبدلات وعلاوات، أو الأجرة الفعلية لمسكنه المعتمَد من رئيس البعثة، أيُّهما أقل، ويطبق ذلك على أعضاء سلك التمثيل التجاري.

وحيث إنه من المسلَّم به أن ما يُصرَف للعامل تحت مسمى بدل السكن هو مقابل لنفقات فعلية، تكبدها في سبيل أداء مهام وظيفته، وليس مقابل عمله الأصلي، ولا يتسِم بما تتصف به الأجور والمرتبات وما في حكمها، وكذا المكافآت التى عناها نص المادة (49) من قانون الضرائب على الدخل، ولا يُعَدُّ ذلك تعويضًا لافتقاده مقوماته، ومن ثم فهو مجرد وفاء لمبالغٍ قام صاحب الشأن بسدادها على نفقته، ومن المتعيَّن في هذه الحالة قيام الوزارة بدفعها له باعتبارها الملزَمةَ أصلا بتوفير السكن، وبالتالي لا يخضع هذا البدل للضريبة على الدخل.

وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن كان يعمل بوظيفة وزير مفوَّض تجاري بوزارة التجارة والصناعة، بمكتب التمثيل التجاري، في الفترة من 22/7/1985 حتى 21/7/1989، وفي الفترة من 21/10/1990 حتى 20/10/1994، وفي الفترة من 24/12/1996 حتى 19/8/1998، ثم أُحيل للمعاش في 20/7/1998، وقد قامت جهة الإدارة خلال تلك الفترات بخصم مبالغ من بدل السكن، تحت مسمى الضريبة على الدخل على هذا البدل، كما خُصِمَت منه للسبب ذاته مبالغ من بدل السكن عند صرف تعويض النقل المفاجئ، وأيضًا قامت بخصم مبالغ من المصروفات الدراسية استنادًا إلى هذا المسمى.

ومن ثم فإنه تطبيقًا للأحكام المبينة سالفًا يكون للطاعن الحق في تقاضي هذه المبالغ التى خُصِمَت منه، محسوبةً على أساس فئة الخارج، أو بالعملة المحلية على أساس سعر الصرف وقت استردادها، دون سقوطها بالتقادم الخمسي، كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه استنادًا إلى حكم المادة (377) من القانون المدني؛ ذلك أن المستقر عليه بقضاء محكمة النقض أنه يُشترَط لتطبيق الفقرة الثانية من حكم المادة (377) من القانون المدني أن يكون المبلغ الذي حصَّلته الدولة قد دُفِعَ باعتباره ضريبةً أو رسمًا، وأن يكون تحصيلُه قد تم بغير وجه حق، أما إذا كان تحصيلُه بحقٍّ ثم صدر قرارٌ لاحق بالإعفاء من هذه الضريبة أو الرسم، أو إلغاء التعليمات الخاصة بتحصيله، فلا يصحُّ أن يُواجَه المموِّل بحكم المادة (377) من القانون المدني المشار إليها، حتى صدور قرار بإلغاء التعليمات؛ لأن ما حُصِّل حتى هذا التاريخ إنما حُصِّل بحقٍّ، ولكنَّ بقاءَه تحت يد الدولة بعد إلغاء التعليمات أضحى بغير سندٍ، ومن ثم يصبح دينًا عاديا يسقط الحق في اقتضائه بمدة التقادم الطويل المقررة في القانون المدني، وهي خمسة عشر عامًا، ولا يصحُّ قياسُ حالة ما تُحصِّله المصلحةُ بغير حق وقت تحصيله، بما يصبح بمقتضى قرارٍ لاحق واجبَ الرد، ذلك أن حكم الفقرة الثانية استثنائي لا يجوز التوسعُ فيه بطريق القياس. (حكم محكمة النقض في الطعن رقم 2916 لسنة 64ق. جلسة 11/12/2001).

لما كان ذلك وكانت المبالغ المطالَبُ بها قد تمَّ خصمُها بحقٍّ بمقتضى نشرات وزارة الخارجية أرقام 5/1982 و78/1988 و15/1994، إلى أن تمَّ وقفُ العمل بها ووقف خصم الضريبة على بدل السكن المقرَّر لأعضاء البعثات الدبلوماسية بالخارج والعاملين بها بتاريخ 1/6/1996، ومن ثم وإذ لم تنقضِ خمسة عشر عامًا من هذا التاريخ حتى تقدم الطاعن إلى جهة الإدارة بطلبه لردها في 31/3/2002، ثم في 14/4/2002 أمام لجنة فض المنازعات، مما يعد قاطعًا لمدة التقادم، ثم إقامته لدعواه في 18/5/2002، فإن الحقَّ في استردادها لم يسقط بالتقادم الطويل وهو خمسة عشر عامًا.

وحيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب خلاف ذلك، فإنه يكون قد خالف أحكام القانون، مما يتعين معه القضاء بإلغائه، والقضاء بإلزام الوزارة المطعون ضدها أن تؤدي للطاعن المبالغ المطالب بها، والتي تم خصمها منه تحت مسمى الضريبة على بدل السكن عن فترات عمله بالخارج المشار إليها، والتي خُصِمَت منه للسبب ذاته عن بدل السكن عند صرف تعويض النقل المفاجئ، وما خُصِمَ منه تحت مسمى ضريبة كسب العمل، والمبالغ التي ساهمت بها الدولة في المصروفات الدراسية لأبنائه خلال فترة عمله بالخارج، وذلك باحتسابها على أساس فئة الخارج، أو بالعملة المحلية على أساس سعر الصرف وقت استردادها.

– وحيث إنه عن طلب الطاعن استرداد ما تم خصمه من اشتراكات التأمينات الاجتماعية، فإن المستفاد من أحكام المواد (127) و(129) و(136) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، المعدَّل بالقانون رقم 93 لسنة 1980، أن جهة الإدارة تتحمل مسئولية سداد المبالغ المتعلقة بحصة المؤمَّن عليه من أجره، ومن ثم لم يكن ما يمنع من استقطاعها من المرتب، ولم يمنح المشرع بهذه النصوص الموظف الحق في الاختيار بين استقطاع مبالغ التأمين والمعاشات من المرتب أو قيامه بسدادها مباشرة، بما يؤدي إلى أن استقطاع جهة الإدارة اشتراكات التأمينات الاجتماعية من الطاعن قد تمَّ على وفق صحيح حكم القانون.

– وحيث إنه عن طلب الطاعن على وفق طلباته الختامية -الواردة بمذكرة الدفاع المقدمة بجلسة 4/11/2012- من إلزام جهة الإدارة أن تؤدي إليه قيمة تذاكر السفر، فإنه يبين من الاطلاع على صحيفة الدعوى الأصلية أنه لم يكن من بين الطلبات المطروحة على محكمة أول درجة، ومن ثم لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة الطعن، فيتعيَّن الالتفاتُ عنه، وللطاعن إن شاء اللجوء إلى محكمة القضاء الإداري في شأنه.

وحيث إنه عن مصروفات الطعن فإنه يُلزم بها من خسر عملا بالمادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من سقوط حق الطاعن في استرداد ما تم خصمه من ضرائب الدخل على كسب العمل وبدل السكن بالتقادم الخمسي، وما قضى به من مراعاة أحكام التقادم الخمسي بالنسبة لاسترداد ما تم خصمه من ضرائب الدخل على المصروفات المدرسية، والقضاء مجددًا بإلزام المطعون ضده بصفته أن يؤدي إليه ما تم خصمه منها كاملا، على النحو المبين بالأسباب، وألزمته المصروفات عن درجتي التقاضي.

([1]) راجع حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 3/7/1999 في الطعن رقم 573 لسنة 43ق.عليا (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في السنة 44، مكتب فني، المبدأ رقم94، ص961).

([2]) راجع وقارن بحكم الدائرة الخامسة بالمحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 13839 لسنة 55 القضائية (عليا) بجلسة 23 من نوفمبر سنة 2013 (قيد النشر بمجموعة السنة 59 مكتب فني)، حيث انتهت المحكمة إلى أنه يطبق حكم المادة (377/2) من القانون المدني (بشأن التقادم الخمسي للمطالبة برد الضرائب والرسوم التي دفعت بغير حق) على المبالغ التي يكون قد تم تحصيلها باعتبارها رسمًا، ثم تبيَّن أن دفعها قد تمَّ بغير حق، للحكم بعدم دستورية النص القانوني المستَنَد إليه.

وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت في القضية رقم 175 لسنة 22 القضائية (دستورية) في جلستها المنعقدة بتاريخ 5/9/2004 بـ: (أولاً): عدم دستورية الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة (111) من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963. (ثانيا): سقوط الفقرة الثانية من المادة (111) من قانون الجمارك سالف البيان. (ثالثًا): سقوط قرار وزير الخزانة رقم 58 لسنة 1963، والقرارين المعدِّلين له رقمي 100 لسنة 1965 و255 لسنة 1993، وكذا قرار وزير المالية رقم 123 لسنة 1994، والقرارين المعدِّلين له رقمي 1208 لسنة 1996 و752 لسنة 1997.

وكانت المادة (111) من قانون الجمارك تنص على أن: “تخضع البضائع التي تودع في الساحات والمخازن والمستودعات التي تديرها الجمارك لرسوم الخزن والشيالة والتأمين والرسوم الإضافية الأخرى التي تقتضيها عمليات إيداع البضائع ومعاينتها وجميع ما تقدمه الجمارك من خدمات أخرى. =

= أما البضائع التي تودع في المناطق الحرة فلا تخضع إلا لرسوم الأشغال للمناطق المودعة فيها ورسوم الخدمات التي تقدم إليها.

وتحدد بقرار من وزير الخزانة أثمان المطبوعات ومعدل الرسوم عن الخدمات المشار إليها في الفقرتين السابقتين للوزير أو من ينيبه خفض رسوم الخزن أو الإعفاء منها في الحالات التي يعينها”.

ثم أصدرت المحكمة الدستورية العليا عددًا من الأحكام قضت فيها بالاستمرار فى تنفيذ هذا الحكم، وعدم الاعتداد بالأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية العليا فى بعض الطعون التي قضت بسريان أحكام التقادم الخمسي طبقًا للمادة (377/2) من القانون المدني في شأن استرداد ما دُفِعَ من رسومٍ قضي بعدم دستورية سندها التشريعي بالحكم المشار إليه، ومن ذلك حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم (2) لسنة 37 القضائية (منازعة تنفيذ)، بجلسة 5/12/2015، وقد بينت المحكمة الدستورية العليا في هذا الحكم أن النصوص المقضي بعدم دستوريتها كانت تنظم استحقاق رسوم الخدمات التي تحصلها مصلحة الجمارك عن البضائع التي تودع في الساحات والمخازن والمستودعات التي تديرها, ومن ثم فهي لا تعد نصوصًا ضريبية مما ورد النص عليها بالفقرة الثالثة من المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وإذ لم تحدد المحكمة تاريخًا آخر لعدم جواز تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته, فمن ثم يغدو إعمال القواعد العامة يستوجب ارتداد أثر الحكم بعدم الدستورية إلى تاريخ صدور النص التشريعي المقرر لهذه الرسوم, ما لم تكن الحقوق والمراكز القانونية التي ترتبط بها قد استقر أمرها بناء على حكم قضائي بات, أو بانقضاء مدة التقادم وصدور حكم بذلك على وفق نص المادة (387/1) من القانون المدني. ومتى كان هذا, وكان بحث اكتمال مدة التقادم وبيان مدى توافر شرائطه يعد مسألة موضوعية تستقل بها محاكم الموضوع, إلا أن إعمال قيد التقادم الذي يحد من الأثر الرجعي لأحكام المحكمة الدستورية العليا, يعد أمرًا يتعلق بإعمال آثار حكمها التي تلتزم بها محاكم الموضوع, ومن ثم فإن قيام تلك المحاكم بتطبيق هذا القيد على نحو يعوق المضي في تنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا تنفيذًا صحيحًا ومكتملا, يخول هذه المحكمة التدخل للأمر بالمضي في تنفيذ أحكامها, وعدم الاعتداد بالعائق الذي أعاق سريانها.    =

= وأوضحت المحكمة أن التطبيق السليم لقيد التقادم الذي يحد من الأثر الرجعي لأحكام المحكمة الدستورية العليا في غير النصوص الضريبية ينطوي على أنه إذا كان سداد الرسوم تم إعمالا لنص قانوني نافذ, ثم قضي بعدم دستورية ذلك النص, مما يعني زوال سبب الالتزام بالسداد, صار المبلغ الذي تم سداده دينًا عاديا يخضع للتقادم المنصوص عليه بالمادة (374) من القانون المدني، ومقداره خمس عشرة سنة؛ لأن الحكم بعدم الدستورية لا يَنفذ أثره على الوقائع المستقبلة فحسب, بل ينسحب إلى الوقائع والعلاقات السابقة على صدور هذا الحكم.

Comments are closed.

xnxxbf