مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الأولى – الطعن رقم 37875 لسنة 57 القضائية (عليا)
يوليو 26, 2021
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة السابعة – الطعن رقم 25563 لسنة 54 القضائية (عليا)
يوليو 26, 2021

الدائرة الحادية عشرة – الطعن رقم 6069 لسنة 48 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 20 من إبريل سنة 2014

الطعن رقم 6069 لسنة 48 القضائية (عليا)

(الدائرة الحادية عشرة)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ يحيى أحمد راغب دكرورى

نائب رئيس مجلس الدولة

وعضـوية السـادة الأساتـذة المستشارين/ محمد حجازى حسن مرسي، ومحمود إبراهيم محمد أبو الدهب، ومحمد أحمد أحمد ضيف، وأحمد جمال أحمد عثمان.

نواب رئيس مجلس الدولة

المبادئ المستخلصة:

(أ) نزع الملكية– أحكام نزع الملكية- نظم المشرع قواعد وإجراءات نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة على نحو يكفل الموازنة بين مصلحة الدولة وحقها في الاستيلاء على العقارات المملوكة ملكية خاصة اللازمة لمشروعاتها العامة، وكفالة حق الأفراد في عدم التعرض لملكيتهم الخاصة– يتعين أن تكون العقارات لازمة حتما وضرورة للمنفعة العامة، بأن يكون المشروعُ المحقِّقُ للمنفعة العامة فى حاجة حقيقية وضرورية لهذه العقارات لإقامته وتحقيقه، بما يحتم على جهة الإدارة تقرير صفة المنفعة العامة والاستيلاء عليها، وذلك بطريق التنفيذ المباشر بموجب قرار من رئيس الجمهورية أو من يفوضه- يجب لمشروعية الاستيلاء المؤقت قيام حالة طارئة أو مستعجلة تتطلب مواجهتها ضرورة الاستيلاء على عقارات بصفة مؤقتة لدرء خطر داهم أو لإجراء أعمال الترميم أو الوقاية أو غيرها مما يشبهها من أعمال([1])– يجمع كل هذه الأسباب أصل واحد، هو الحالة الطارئة أو المستعجلة التى يتعين المبادرة إلى مواجهتها خشية استفحال نتائجها وتعذر التحكم فى آثارها.

 – المادة (1) من القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة.

(ب) نزع الملكية– أحكام نزع الملكية- قرار الاستيلاء المؤقت على العقار الصادر عن غير مختص بإصداره، وفي غير الأحوال الطارئة أو المستعجلة التي يجوز فيها الاستيلاء المؤقت، هو قرار غير مشروع- لا ينال من ذلك صدور قرار لاحق بتقرير صفة النفع العام على تلك الأرض، أو أنه قد تم تنفيذ مشروع النفع العام بالفعل؛ إذ ليس من شأن صدور هذا القرار أن يضفي المشروعية على قرار الاستيلاء؛ لأن النظر في مدى مشروعية القرار يتحدد بالظروف والأوضاع القائمة وقت إصداره.

(ج) قرار إداري– رقابة مشروعيته- مناط رقابة مشروعية القرار- مشروعية القرار الإداري توزن بمجموع الظروف والأوضاع القائمة وقت إصداره، دون تلك التي تطرأ بعد ذلك([2]).

(د) نزع الملكية– سقوط القرار المقرر للمنفعة العامة- حالاته- قرر المشرع سقوط مفعول القرار المقرر للمنفعة العامة إذا لم يتم إيداعه أو القرار الوزاري بنزع الملكية بمكتب الشهر العقاري خلال سنتين من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية- لم يرتب المشرع في ظل القانون رقم 10 لسنة 1990 أي أثر على واقعة البدء في تنفيذ القرار المقرر للمنفعة العامة على كيانه ووضعه القانونى؛ حيث لم يرد فى القانون المذكور نص مماثل لنص المادة (29) مكررا من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين المعدل بالقانون رقم 13 لسنة 1962 (الملغى)، والذي مؤداه عدم سقوط قرارات النفع العام خلال مدة سنتين إذا كانت العقارات المطلوب نزع ملكيتها قد أدخلت فعلا في مشروعات مرافق عامة أو نفع عام تم البدء في تنفيذها، حتى لو تراخى إيداع نماذج نقل الملكية أو القرار الوزارى بنزع الملكية بمكتب الشهر العقارى المختص إلى ما بعد الميعاد المشار إليه.

– المادة (29) مكررا من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين، المعدل بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 13 لسنة 1962 (الملغى لاحقا بموجب القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة).

– المادة (12) من القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة.

الإجراءات

بتاريخ 2/4/2002 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام برقم 6069 لسنة 48 القضائية عليا، طعنا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة بجلسة 3/2/2002 فى الدعوى رقم 92 لسنة 19ق، القاضى منطوقه بقبول الدعوى شكلا، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.

وطلب الطاعن -للأسباب الواردة بتقرير الطعن– الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات عن درجتي التقاضي.

وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وإلزام جهة الإدارة الطاعنة المصروفات.

وتحددت لنظر الطعن أمام الدائرة السادسة (فحص طعون) جلسة 27/3/2010، وبجلسة 19/5/2010 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 2/6/2010، وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة (موضوع) لنظره بجلسة 21/10/2010، حيث تدوول نظر الطعن بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 3/2/2011 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى للاختصاص، وعينت لنظر الطعن أمام الدائرة الأولى (موضوع) جلسة 27/3/2011، وتدوول نظره بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 17/11/2012 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى الدائرة الحادية عشرة للاختصاص، وحددت لنظره جلسة 9/12/2012، حيث تدوول الطعن أمام هذه الدائرة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 16/2/2014 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 16/3/2014، وفيها تم مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم لاستمرار المداولة، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وإتمام المداولة.

وحيث إن الطعن قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية المقررة قانونا، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.

وحيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أن المطعون ضدهم كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 92 لسنة 19 ق أمام محكمة القضاء الإداري (الدائرة الأولى بالمنصورة)، وطلبوا فى ختامها الحكم بقبولها شكلا، وفى الموضوع بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 1338 لسنة 1996 الصادر عن محافظ الدقهلية، فيما تضمنه من الاستيلاء على العقار الموضح به المملوك لهم، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.

وذكر المطعون ضدهم أنهم يمتلكون مساحة من الأرض الواقعة بحوض الساحل القبلى رقم 2، وحوض العمدة رقم 4، وحوض الساحل الشرقى، بناحية ميت خميس مركز المنصورة، بالحدود والمعالم الموضحة بعريضة الدعوى، وبتاريخ 22/8/1996 أصدر محافظ الدقهلية القرار رقم 1338 لسنة 1996 بالاستيلاء المؤقت لمدة عام على بعض العقارات الموضحة به، ومن بينها الأرض المملوكة للمدعين؛ وذلك بغرض القيام بأعمال الجسات والرفع المساحى اللازم لإقامة محطة مياه المنصورة المقرر إقامتها ضمن المشروعات الممولة من وكالة التنمية الدولية الأمريكية.

ونعى المطعون ضدهم على القرار المطعون فيه صدوره بالمخالفة لأحكام القانون رقم 10 لسنة 1990، فضلا عن كونه صادرا عمن لا يملك الحق فى إصداره قانونا، طالبين الحكم لهم بالطلبات المبينة سالفا.

………………………………………………..

وتدوول نظر الشق العاجل من الدعوى، وبجلسة 9/8/1997 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من الاستيلاء على العقار موضوع الدعوى، وألزمت الجهة الإدارية مصروفات الشق العاجل من الدعوى، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها.

ونفاذا لذلك تم تحضير الدعوى بواسطة هيئة مفوضي الدولة، وأعدت الهيئة تقريرا مسببا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.

وتدوول نظر الشق الموضوعى من الدعوى أمام محكمة أول درجة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 3/2/2002 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه، حيث شيدته على أسباب حاصلها أن القرار المطعون فيه قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون؛ وذلك لصدوره عن سلطة لا تملك إصداره، وأن جهة الإدارة لم تقدم ما يثبت وجود حالة طارئة أو مستعجلة تستوجب صدوره على وفق القانون.

………………………………………………..

وإذ لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الجهة الإدارية الطاعنة، فقد أقامت الطعن الماثل استنادا إلى أسباب حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، والخطأ فى تطبيقه؛ على سند من أن القرار المطعون فيه صدر بالاستيلاء المؤقت على العقارات المبينة به وذلك لمدة عام وذلك للقيام بأعمال الجسات والرفع المساحى اللازم لإقامة محطة مياه المنصورة، وقد تم تنفيذ هذا القرار بتسليم العقارات محل القرار المشار إليه إلى الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحى، وصدر القرار رقم 1515 لسنة 1996 بتشكيل لجنة تقدير التعويضات المستحقة للمطعون ضدهم، وهو ما ترتب عليه دخول العقارات محل القرار المطعون فيه فى المنفعة العامة بالطريق غير المباشر، واستحالة رد هذه العقارات إليهم، ومن ثم يتحول حقهم إلى التعويض، وخلصت الجهة الإدارية الطاعنة إلى الطلبات المذكورة سالفا.

………………………………………………..

وحيث إن المادة (1) من القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة تنص على أن: “يجرى نزع ملكية العقارات اللازمة للمنفعة العامة والتعويض عنه وفقا لأحكام هذا القانون”.

وتنص المادة (14) منه على أن: “يكون للجهة طالبة نزع الملكية الاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على العقارات التى تقرر لزومها للمنفعة العامة وذلك بقرار من رئيس الجمهورية أو من يفوضه ينشر فى الجريدة الرسمية ويشمل بيانا إجماليا بالعقار واسم المالك الظاهر مع الإشارة إلى القرار الصادر بتقرير المنفعة العامة… ويترتب على نشر القرار اعتبار العقارات مخصصة للمنفعة العامة، ويكون لذوي الشأن الحق فى تعويض مقابل عدم الانتفاع بالعقار من تاريخ الاستيلاء الفعلي إلى حين دفع التعويض المستحق عن نزع الملكية…”.

وتنص المادة 15 منه على أن: “للوزير المختص بناء على طلب الجهة المختصة فى حالة حصول غرق أو قطع جسر أو تفشي وباء، وسائر الأحوال الطارئة أو المستعجلة، أن يأمر بالاستيلاء مؤقتا على العقارات اللازمة لإجراء الترميم أو الوقاية أو غيرها، ويحصل هذا الاستيلاء بمجرد انتهاء مندوب الجهة المختصة من إثبات حصة العقارات ومساحتها وحالتها دون حاجة لاتخاذ إجراءات أخرى…”.

وتنص المادة 16 منه على أن: “تحدد مدة الاستيلاء المؤقت على العقار بانتهاء الغرض المستولى عليه من أجله، أو بثلاث سنوات من تاريخ الاستيلاء الفعلي، أيهما أقرب، ويجب إعادة العقار فى نهاية هذه المدة بالحالة التى كان عليها وقت الاستيلاء مع تعويض عن كل تلف أو نقص فى قيمته…”.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه على وفق الأحكام الدستورية المقررة فى شأن حق الملكية الخاصة وأحكام القانون المذكورة سالفا بشأن نزع ملكية العقارات اللازمة للمنفعة العامة، وما ورد به من أحكام الاستيلاء على هذه العقارات، فإنه يتعين مراعاة قاعدة أساسية مفادها الموازنة بين مصلحة الدولة وحقها في الاستيلاء على العقارات المملوكة ملكية خاصة اللازمة لمشروعاتها العامة، وحق الملكية الخاصة لذوي الشأن من ملاك هذه العقارات، ويتمثل ذلك في أن تكون العقارات بالحتم والضرورة لازمة للمنفعة العامة، بأن يكون المشروع المحقق للمنفعة العامة في حاجة حقيقية وضرورية لهذه العقارات لإقامته وتحقيقه بما يحتم على جهة الإدارة تقرير صفة المنفعة العامة والاستيلاء عليها، وذلك بطريق التنفيذ المباشر بموجب قرار من رئيس الجمهورية أو من يفوضه، كما يجب لمشروعية الاستيلاء المؤقت -طبقا للمادة (15) المذكورة سالفا– قيام حالة طارئة أو مستعجلة تتطلب مواجهتها ضرورة الاستيلاء على عقارات بصفة مؤقتة لدرء خطر داهم أو لإجراء أعمال الترميم أو الوقاية أو غيرها مما يشبهها من أعمال، وكل هذه الأسباب يجمعها أصل واحد، هو الحالة الطارئة أو المستعجلة التى يتعين المبادرة إلى مواجهتها خشية استفحال نتائجها وتعذر التحكم في آثارها.     

وحيث إنه على هدي ما تقدم، ولما كان الثابت أن قرار محافظ الدقهلية رقم 1338 لسنة 1996 المطعون فيه قد صدر بالاستيلاء المؤقت لمدة عام على بعض العقارات الموضحة به، ومن بينها الأرض المملوكة للمطعون ضدهم، وذلك بغرض القيام بأعمال الجسات والرفع المساحي اللازم لإقامة محطة مياه المنصورة المقرر إقامتها ضمن المشروعات الممولة من وكالة التنمية الدولية الأمريكية، وذلك دون أي تفويض من رئيس الجمهورية لمصدر القرار بمباشرة هذا الاختصاص إعمالا لما تستوجبه المادة (14) من القانون رقم 10 لسنة 1990 المذكورة سالفا، هذا فضلا عن أن الأوراق قد أجدبت مما يدل على أن إصدار القرار كان بسبب حصول غرق أو قطع جسر أو تفشي وباء أو أية حالة من الحالات الطارئة أو المستعجلة، التي  يجوز فيها الاستيلاء المؤقت على وفق المادة (15) المبينة سالفا، فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون جديرا بالإلغاء.

ولا ينال من ذلك ما جاء بدفاع الجهة الإدارية الطاعنة من أنه قد صدر لاحقا على صدور القرار الطعين قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3342 لسنة 1997 بتقرير صفة النفع العام على الأراضي محل النزاع والاستيلاء عليها بطريق التنفيذ المباشر، وأنه قد تم تنفيذ مشروع النفع العام وإقامة محطة مياه المنصورة الجديدة بالفعل؛ إذ إن ذلك مردود بأن قرار رئيس مجلس الوزراء المشار إليه قد ألغي بموجب الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة بجلسة 22/5/2000 فى الدعوى رقم 611 لسنة 20ق، وقد تأيد هذا الحكم برفض المحكمة الإدارية العليا بجلسة 22/2/2003 الطعن المقام فيه (الطعن رقم 876 لسنة 46 القضائية عليا)، هذا فضلا عن أنه ليس من شأن صدور مثل هذا القرار أن يضفي المشروعية على قرار سابق صدر بالمخالفة لأحكام القانون؛ حيث إنه من المقرر والمستقر فى قضاء هذه المحكمة أن مشروعية القرار الإداري توزن بمجموع الظروف والأوضاع القائمة وقت إصداره، دون تلك التي تطرأ بعد ذلك، وأن النظر إلى مشروعية القرار تتحدد بوقت صدوره.

ولا ينال من ذلك أيضا الاحتجاج بتنفيذ مشروع النفع العام؛ ذلك أن القانون رقم 10 لسنة 1990 المذكور سالفا (بحسبانه القانون الذى صدر فى ظله القرار الطعين) لم يرتب أي أثر على واقعة تنفيذ القرار المقرر للمنفعة العامة على كيانه ووضعه القانوني، حيث لم يرد فى القانون المذكور نص مماثل لنص المادة (29) مكررا من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين المعدل بالقانون رقم 13 لسنة 1962 ( الملغى)، والتى رتبت على واقعة البدء فى تنفيذ مشروع النفع العام خلال مدة سنتين عدم سقوط قرار نزع الملكية ونقل ملكية العقار إلى الدولة، حتى لو تراخى إيداع نماذج نقل الملكية أو القرار الوزاري بنزع الملكية بمكتب الشهر العقارى المختص إلى ما بعد الميعاد المشار إليه، وقد نصت المادة (26) من القانون رقم 10 لسنة 1990 على أنه: “… يلغى القانون رقم 577 لسنة 1954… كما يلغى كل حكم يخالف أحكام هذا القانون”، وهو ما مؤداه إلغاء العمل بذلك الحكم الوارد بالمادة 29 مكررا.

وحيث إنه ترتيبا على ما تقدم، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى النتيجة نفسها، فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون، ويكون الطعن عليه جاء على غير أساس، مما يتعين معه الحكم برفضه.

وحيث إن من يخسر الطعن يلزم المصروفات عملا بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.

([1]) قارن بما انتهت إليه المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر في الطعن رقم 3532 لسنة 47 القضائية عليا بجلسة 29/1/2005 (منشور بمجموعة المبادئ القانونية التي قررتها في س 50 مكتب فني، جـ1،  المبدأ رقم 69، ص494) من أن الاستيلاء المؤقت على العقارات طبقا لحكم المادة (15) من القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة، ينصرف إلى حالات محددة على سبيل الحصر، تتمثل فى درء خطر داهم كحصول غرق أو قطع جسر أو تفشي وباء أو حدوث زلزال؛ وذلك لإجراء أعمال الترميم أو الوقاية، وهي أسباب يجمعها أصل واحد هو الحالات الطارئة أو المستعجلة التى يتعين المبادرة إلى مواجهتها خشية استفحال نتائجها وفقدان التحكم فى آثارها.

[2])) في هذا الاتجاه وفي التطبيق عينه: حكم الدائرة الأولى (فحص) بالمحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2071 لسنة 45 القضائية عليا بجلسة 7/5/2001 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها الدائرة بالمحكمة الإدارية العليا 2000/2001، مكتب فني، جـ2، المبدأ رقم 12، ص653). وفي الاتجاه نفسه: حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 39155 لسنة 56 القضائية عليا بجلسة 21/5/2011 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها في شأن الأحزاب السياسية والطعون الانتخابية 2010، مكتب فني، المبدأ رقم 4/أ، ص69)، وفيه بينت المحكمة أن المركز القانوني الذي يحدثه القرار الإداري كتصرف قانوني إرادي يترتب بمجرد إفصاح الجهة الإدارية عن إرادتها، فيكتمل بذلك نشوء هذا المركز، ومن ثم تكون القاعدة الواجبُ تطبيقُها لتبيان مدى اتفاق القرار بما رتبه من مركز مع حكمها من عدمه، هي القاعدةُ التي صدر القرار إبان العمل بها، في ظل نفاذها زمانيا، دون ما يكون قد أدخل عليها من تعديل بعد استنفاد الجهة الإدارية ولايتها بإصداره، فيجب وزن تصرفها عند استدعاء ولاية قاضي المشروعية بميزان تلك القاعدة قبل تعديلها، وإلا لأدى تطبيق القاعدة الجديدة بشأن ذلك القرار إلى الانثناء بها تطبيقا بأثر رجعي، خروجا على المبادئ القانونية المستقرة دستورا وقانونا.

وفي اتجاه ثانٍ يقيد من هذا النظر: انتهت الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر في الطعن رقم 6007 لسنة 44 القضائية عليا بجلسة 31/3/2001 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها الدائرة الأولى بالمحكمة في 2000/2001، مكتب فني، جـ1، المبدأ رقم 101، ص704) إلى أن القضاء المتواتر للمحكمة الإدارية العليا القاضي بأن العبرة فيما إذا كان القرار صحيحا أو غير صحيح هي بكونه كذلك وقت صدوره، لا بما يجِدُّ بعد ذلك من أحداث من شأنها أن تغير وجه الحكم عليه فيما لو كانت قائمة وقت صدوره، يتعين أن يكون محمولا على كون هذه الأحداث لا تتصل بحكم صادر بالإلغاء؛ احتراما للحجية المطلقة التي أسبغها عليه المشرع في مواجهة الجميع، ونظرا إلى الطبيعة الخاصة لدعوى الإلغاء باعتبارها دعوى مشروعية، وإلى الحكم الصادر بشأنها، وتطبيقا لذلك: إذا صدر قرار عن مجلس تأديب إحدى الجامعات بعزل أستاذ من وظيفته، ثم صدر حكم عن المحكمة الإدارية العليا بإلغاء هذا القرار، فإن الحالة الموجبة لإسقاط عضوية مجلس إدارة نادي أعضاء هيئة التدريس عنه تنتفي، ومن ثم يكون قرار الجهة الإدارية بحل مجلس إدارة نادي أعضاء هيئة التدريس بدعوى عدم قيام النادي بإسقاط عضوية مجلس إدارة النادي عنه كطلبها منه بسبب صدور قرار مجلس التأديب بعزله لا يقوم على سبب صحيح يبرره قانونا؛ إعمالا للأثر الكاشف للحكم الصادر عن المحكمة الإدارية العليا بإلغاء القرار الصادر بعزله، والذي يترتب عليه أن يكون القرار قد أعدم من تاريخ صدوره، ولا يرتب في الواقع أو القانون أثرا؛ لأن أثر الحكم لا يقتصر على مجرد إلغاء قرار العزل الصادر عن مجلس التأديب، بل يمتد أثره إلى كل قرار يستند إلى هذا القرار الملغى أيا كانت جهة إصداره.

وفي اتجاهٍ ثالث مقيدٍ كذلك: انتهت المحكمة الإدارية العليا إلى أن الأصل أن بحث مدى صحة القرار الإداري، والأسباب التي قام عليها، يرتكز على أساس الأصول الثابتة في الأوراق وقت صدور القرار، ومدى مطابقتها للنتيجة التي انتهى إليها، لكن هذا الأصل قد يطرأ عليه واقع قانوني جديد يُغيِّر منه، فإذا تكشف زوال الواقع القانوني الذي كان يقوم ظهيرًا للقرار المطعون فيه، فعلى المحكمة ألا تُغفِل ما يمكن أن يتوفر به السند القانوني الصحيح والأساس الحق، بديلا عما تكشف فساده من قديمِ أساسٍ وسابقِ سندٍ، فيكون قضاؤها في ضوء الواقع القائم وقت تصديها للفصل في الطعن، دون أن تُقيد قضاءها بحدود الواقع القانوني الذي كان قائمًا وصدر في ضوئه وعلى هُداه الحكم المطعون فيه (حكمها الصادر بجلسة 18 من يناير سنة 2014 في الطعنين رقمي 11935 و14281 لسنة 54 القضائية عليا، منشور بهذه المجموعة برقم28).

كما انتهت المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر في الطعن رقم 1180 لسنة 50 القضائية عليا بجلسة 6/1/2007 (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها الدائرة الأولى 2006/2007، مكتب فني، جـ1، المبدأ رقم 3، ص100) إلى أنه إذا كانت العبرة في الحكم على مشروعية القرار هي بالقواعد النافذة وقت صدوره، فإن مناط ذلك أن يكون القرار المطعون فيه قد استحدث مركزا قانونيا يمكن لصاحب الشأن أن يستمد منه حقا ذاتيا فيما لو أقرته المحكمة عليه، أما إذا كان القرار لم يستحدث أصلا أي مركز قانوني فإن نشوء هذا المركز بعد ذلك يكون رهنا بالظروف والأوضاع القانونية السائدة وقتئذ، ومادام لم يصدر حكم قاطع في النزاع بين الطرفين فإن أي تعديل للقواعد القانونية المنظمة يصدر أثناء نظر الطعن وقبل الفصل فيه يطبق بأثر مباشر وحال على النزاع، ولا يسوغ للمحكمة إغفاله مادام متصلا بالنزاع ومؤثرا في نتيجة الفصل فيه.

وتطبيقا لهذا انتهت المحكمة إلى أن المشرع وإن كان قد أضاف الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية العليا بإلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض على تأسيس الحزب (وقت أن كان التشريع يقرر ذلك) إلى الحالات التي تنشأ فيها الأحزاب السياسية وتتمتع بالشخصية الاعتبارية، إلا أنه قد غاير بين هذه الحالات فيما يتعلق بتاريخ اكتساب الشخصية الاعتبارية وممارسة الحزب لنشاطه السياسي؛ فبينما يبدأ هذا التاريخ من اليوم التالي لنشر قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بالموافقة على تأسيس الحزب في الجريدة الرسمية، أو اليوم العاشر من تاريخ هذه الموافقة إذا لم يتم النشر، فإن تاريخ صدور الحكم هو المعول عليه في حالة اللجوء إلى المحكمة طعنا في قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض على تأسيس الحزب؛ وذلك لكون الحكم في هذه الحالة منشئا للمركز القانوني للحزب في التأسيس وليس كاشفا عنه، ومن ثَمّ فإنه يشترط أن يكون طلب تأسيس الحزب مستوفيا جميع الشروط المتطلبة على وفق القواعد القانونية المعمول بها وقت الفصل في النزاع، فإذا ما عدلت هذه القواعد وترتب على ذلك أن أضحى الطلب لا يستوفي شرائطه، كان فاقدا أساس قبوله.

Comments are closed.

xnxxbf