مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الأولى – الطعن رقم 47277 لسنة 60 القضائية (عليا)
سبتمبر 24, 2020
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الأولى – الطعن رقم 22529 لسنة 56 القضائية (عليا)
سبتمبر 24, 2020

الدائرة الحادية عشرة – الطعنان رقما 29374 و30130 لسنة 58 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 28 من فبراير سنة 2016

الطعنان رقما 29374 و30130 لسنة 58 القضائية (عليا)

(الدائرة الحادية عشرة)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ أحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم

                                                                   نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السادة الأسـاتذة المستشارين/ محمد حجازي حسن مرسي، ومحمود فؤاد محمود عمار، وخالد محمد محمود العتريس، ود. محمد أحمد شفيق الجنك.

                                                        نواب رئيس مجلس الدولة

المبادئ المستخلصة:

دعوى:

عدم صلاحية القضاة- من الأحوال التي يكون القاضي فيها غير صالح لنظر الدعوى أن يكون قد سبق له نظرها قاضيا أو خبيرا أو محكما، أو كان أدى شهادة فيها- تطبيق: لا يجوز أن يكون أحد أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم المقضي بإلغائه عضوا في الدائرة التي تنظر الدعوى من جديد بعد إعادتها إليها من محكمة الطعن- مخالفة ذلك تجعل الحكم الثاني مشوبا ببطلان جوهري ينحدر به إلى درك الانعدام- لا يجوز لمحكمة الطعن أن تتصدى للفصل في موضوع الدعوى حالتئذ، بل يتعين أن تعيد النظر فيه محكمة القضاء الإداري باعتبارها محكمة أول درجة؛ لتستنفد ولايتها في الموضوع على وجه صحيح([1]).

– المادتان رقما (146) و(147) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، الصادر بالقانون رقم (13) لسنة 1968.

الإجراءات

– بتاريخ 16/8/2012 أودع الأستاذ/… المحامي بالنقض والإدارية العليا، بصفته وكيلا عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة تقريرا بالطعن، قيد بجدولها العام برقم 29374 لسنة 58ق.عليا، طعنا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الثامنة) بجلسة 26/6/2012 في الدعوى رقم 36845 لسنة 59ق، الذي قضي بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلزام المدعى عليهما بصفتيهما أن يؤديا إلى المدعي مبلغا مقداره (200000) مئتا ألف جنيه على النحو المبين بالأسباب، وإلزامهما المصروفات.

وطلب الطاعن –للأسباب الواردة بتقرير الطعن– الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع: القضاء مجددا بإلغاء القرار الصادر بإلغاء التخصيص وبزيادة فرق السعر المطالب به بنسبة 50%، وتعديل الحكم فيما قضى به من مقدار التعويض، والحكم له بالتعويض المطلوب البالغ مقداره (عشرة ملايين جنيه مصري)، مع رد قيمة المبالغ الواضحة بتقرير الخبيرعن الأعمال الإنشائية التي قام المطعون ضدهما بهدمها، مع إلزام المطعون ضدهما المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.

– وأودع الحاضر عن الجهة الإدارية الطاعنة بتاريخ 23/8/2012 قلم كتاب المحكمة تقريرا بالطعن قيد بجدولها العام برقم 30130 لسنة 58ق.عليا، طعنا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الثامنة) بجلسة 26/6/2012 في الدعوى رقم 36845 لسنة 59ق المشار إليه سلفا.

وطلبت الجهة الإدارية الطاعنة –للأسباب الواردة بتقرير الطعن– تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وإحالة الموضوع إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى من إلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، والقضاء مجددا: (أصليا) 1- بعدم قبول الدعوى شكلا؛ لرفعها بعد الميعاد، 2- بعدم قبول الدعوى؛ لعدم اللجوء إلى لجان التوفيق في بعض المنازعات, 3- ببطلان الطلبات المعدلة أمام محكمة أول درجة؛ لعدم تحضيرها أمام هيئة مفوضي الدولة على وفق قانون مجلس الدولة, و(احتياطيا) رفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده المصروفات وأتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.

– وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعنين، ارتأت فيه الحكم: (أصليا) بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة لنظرها مجددا من هيئة أخرى بتشكيل صحيح قانونا, مع إبقاء الفصل في المصروفات، و(احتياطيا): 1- فيما يتعلق بالطعن رقم 29374 لسنة 58 ق.ع: بقبول طلب التعويض شكلا, وتعويض الطاعن بالمبلغ الذي تقدره عدالة المحكمة تعويضا مناسبا لما لحق به من أضرار مادية ومعنوية، وما لحقه من خسارة، وما فاته من كسب، من جراء تنفيذ هذا القرار، وعدم قبول طلب إلغاء القرار المطعون فيه (محل الإغفال) فيما تضمنه من سحب تخصيص قطعتي الأرض رقمي 8 و 10 الكائنتين ببلوك (ش) بناحية طريق المعادي– العين السخنة– القاهرة الجديدة، بمساحة فدانين لكل قطعة، المخصصتين لإقامة مصنع طوب أسمنتي وطفلي, وإلزام المطعون ضدهما المصروفات، 2- فيما يتعلق بالطعن رقم 30130 لسنة 58 ق.ع: بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وإلزام الطاعنين بصفتيهما المصروفات.

وتدوول نظر الطعنين أمام الدائرة الحادية عشرة (فحص) بالمحكمة الإدارية العليا، حيث قررت بجلسة 28/1/2015 ضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد، ثم تداولت نظر الطعنين على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، إلى أن قررت بجلسة 22/4/2015 إحالتهما إلى الدائرة الحادية عشرة (موضوع) لنظرهما بجلسة 28/6/2015, ونظر الطعنان أمامها بتلك الجلسة والجلسات التالية لها على النحو المبين بالمحاضر، وبجلسة 2/8/2015 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعنين بجلسة اليوم 28/9/2015، ثم مدت أجل النطق بالحكم لإتمام المداولة لجلسة 27/12/2015، ثم لجلسة اليوم 28/2/2016، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.

وحيث إن كلا من الطاعنين يطلب الحكم بطلباته المحددة سلفا بالوقائع.

وإذ استوفى الطعنان جميع أوضاعهما الشكلية الأخرى، فإنهما يكونان مقبولين شكلا.

وحيث إنه عن موضوع الطعنين، فإن عناصر النزاع الماثل تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أن الطاعن الأول (المدعي) وآخر كانا قد أقاما دعواهما بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، طلبا في ختامها الحكم ببطلان قرار هيئة المجتمعات العمرانية الصادر بتاريخ 30/9/2000 بإلزامهما أن يؤديا فرق السعر المطالب به بنسبة 50%، وإلزام المدعى عليهما بصفتيهما أن يؤديا إليهما مبلغا مقداره مئتا ألف جنيه تعويضا ماديا وأدبيا عن الأضرار التي أصابتهما من جراء تعنت الهيئة المدعى عليها، وامتناعها عن استكمال الإجراءات البنكية لشراء الماكينات للمصنع، بالرغم من موافقتها على إنشاء الشركة موافقة صريحة بإعطائهما موافقة على التحويل للبنك، مع إلزام الهيئة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

وشرحا لدعواهما ذكر المدعيان أن كلا منهما تقدم إلى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بطلب لتخصيص قطعة أرض لهما لإنشاء مشروع الطوب الطفلي والبلاط، ووافقت الهيئة على تخصيص مساحة فدانين لكل واحد منهما لإنشاء المشروع، وأنه رغبة منهما في توحيد جهودهما بدلا من المنافسة فقد اتفقا على إنشاء شركة تضامن تحت اسم “شركة…”، وقيمة رأس المال المسدد عن كل شريك تساوي المبلغ المدفوع (58800 جنيه)، وهي حصة الأرض، وذلك طبقا للسجل التجاري والميزانية الإنتاجية للشركة.

وأضاف المدعيان أنهما بتاريخ 5/4/1993 تقدما بطلب للهيئة باعتبار قطعتي الأرض قطعة واحدة، وكانت الهيئة تتعامل معهما على أنهما شخص واحد، وتم تعديل السمة التجارية من منشأة فردية إلى شركة تضامن مقابل سداد ألف جنيه عن كل قطعة، وبتاريخ 14/3/1999 وافقت الهيئة على إشهار ملكية الأرض محل التداعي، وأرسلت إلى البنك العقاري أنه لا مانع لديها من رهن المباني المزمع إقامتها، دون الأرض، وذلك للشخصية الاعتبارية (شركة…)، وبتاريخ 18/4/2000 تم إخطارهما بقبول طلب الرهن وترتيب رهن رسمي لمصلحة البنك العقاري، وتسلمت الهيئة منهما مبلغا مقداره 294000 جنيه تحت حساب قطعة الأرض باسم الشركة، دون أن تطالبهما بأي مبالغ مالية نظير الكيان القانوني للشركة, ووافق جهاز المدينة على الشركة، ورخص لها ترخيص مبان برقم 71/1999، وسارت الأمور حتى تاريخ 29/3/2000 حيث أخطرهما جهاز مدينة القاهرة الجديدة بإلغاء التخصيص؛ لعدم جدية المشروع، دون الإشارة إلى أي مطالب مالية، أو إلى الوضع القانوني للشركة.

ونعى المدعيان على القرار المذكور مخالفته للقانون، فضلا عن أنهما تكبدا نفقات مالية كبيرة بسبب توقف المشروع بعد المبالغ الطائلة التي تم إنفاقها على تجهيزه، بالإضافة إلى الأضرار المادية والأدبية التي يقدرانها بمئتي ألف جنيه، واختتم المدعيان صحيفة دعواهما بطلب الحكم لهما بطلباتهما المذكورة سلفا.

……………………………………………………..

وتداولت المحكمة المذكورة نظر الدعوى على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 26/10/2003 قضت بإلزام المدعى عليهما بصفتيهما أن يؤديا إلى المدعيين مبلغا مقداره مئة واثنان وستون ألفا وأربع مئة جنيه، وتعويضا أدبيا مقداره خمسة آلاف جنيه، وإلزام المدعى عليهما بصفتيهما المصروفات.

وإذ لم يرتض أطراف النزاع هذا القضاء فقد طعنوا عليه بالاستئنافات أرقام 18311 لسنة 120ق و18260 لسنة 120ق و247 لسنة 121ق, وبجلسة 29/9/2004 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئنافين رقمي 18260 و18311 لسنة 120ق، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددا بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى محاكم مجلس الدولة المختصة, وبقبول الاستئناف رقم 247 لسنة 121ق شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت المستأنفين فيه مصروفات الاستئنافات الثلاثة، ومقابل أتعاب المحاماة.

وتنفيذا لذلك القضاء وردت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري المختصة، حيث أودعت هيئة مفوضي الدولة بها تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الموضوع، ارتأت فيه الحكم (أولا) بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الأول بصفته؛ لرفعها على غير ذي صفة, (ثانيا) بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلزام المدعى عليه الثانى بصفته أن يؤدي إلى المدعيين التعويض الذي تقدره المحكمة جبرا للأضرار التي أصابتهما، مع إلزامه بصفته المصروفات.

وتداولت محكمة القضاء الإدارى (الدائرة التاسعة– عقود وتعويضات فردى) الدعوى على النحو المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 28/4/2009 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلا؛ لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون، وألزمت المدعيين المصروفات.

……………………………………………………..

وإذ لم يرتض الطاعن الأول (المدعي) هذا الحكم فقد طعن عليه بالطعن رقم 26958 لسنة 55 ق.عليا أمام المحكمة الإدارية العليا, فقضت بجلسة 21/12/2011 بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للفصل فيها بهيئة مغايرة.

وبناء عليه وردت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الثامنة– عقود)، وتداولت المحكمة نظرها على النحو المبين بمحاضر جلساتها, حيث قدم المدعي مذكرة دفاع طلب في ختامها إلزام المدعى عليهما تعويضا مقداره 10 ملايين جنيه عما أصابه من ضرر، وما فاته من كسب، وأشار في المذكرة إلى أن شريكه باع له حصته في الشركة بتاريخ 2/9/1997، وتسلم كامل الثمن، وتم فسخ عقد الشركة، وتحولت الشركة باسمه، وأنه صاحب الصفة والمصلحة في الدعوى، وقدم حافظة طويت على صورة من عقد التخارج بينهما.

وبجلسة 26/6/2012 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلزام المدعى عليهما بصفتيهما أن يؤديا للمدعي مبلغا مقداره (200000) مئتا ألف جنيه, على النحو المبين بالأسباب، مع إلزامهما المصروفات.

……………………………………………………..

ونظرا إلى أن هذا القضاء لم يلق قبولا لدى الطاعن الأول، ولا الجهة الإدارية الطاعنة, فقد طعن الأول عليه بالطعن رقم 29374 لسنة 58ق.عليا, وطعنت عليه الجهة الإدارية بالطعن رقم 30130 لسنة 58ق.عليا، ومبنى الطعن الأول هو بطلان الحكم المطعون فيه؛ تأسيسا على أن المحكمة المطعون على حكمها قد أغفلت الفصل في طلب الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر بإلغاء تخصيص الأرض محل المشروع، وبزيادة السعر المطالب به بنسبة 50% الصادر بالمخالفة للقانون، بالإضافة إلى ضآلة قيمة التعويض المقضي به، وعدم تناسبه مع الأضرار المادية والأدبية التي أصابت الطاعن.

وساقت الجهة الإدارية أسبابا لطعنها حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون؛ لقبوله الدعوى رغم رفعها بعد الميعاد القانوني، وعدم اللجوء إلى لجان التوفيق المختصة المنصوص عليها فى القانون رقم 7 لسنة 2000، وبطلان الطلبات المعدلة لعدم تحضيرها أمام هيئة مفوضي الدولة، وعدم استناد التعويض المقضي به إلى سبب صحيح من الواقع والقانون.

……………………………………………………..

وحيث إنه عن موضوع الطعنين الماثلين فإن المادة (146) من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أن: “يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى ممنوعا من سماعها ولو لم يرده أحد من الخصوم في الأحوال الآتية:

(1)… (5) إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى، أو كتب فيها ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء، أو كان قد سبق له نظرها قاضيا أو خبيرا أو محكما، أو كان قد أدى شهادة فيها”.

وتنص المادة (147) منه على أن: “يقع باطلا عمل القاضي أو قضاؤه في الأحوال المتقدمة الذكر ولو تم باتفاق الخصوم…”.

وحيث إنه لما كان ما تقدم، فإن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أنه متى ثبت أن أحد أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم قد لحق به سبب من أسباب عدم الصلاحية لنظر الدعوى، بأن سبق له نظرها قاضيا أو خبيرا أو محكما، أو كان أدى شهادة فيها على النحو المقرر بالمادة (146/5) من قانون المرافعات، فإن الحكم فى هذه الحالة يكون باطلا؛ لمخالفته للنظام العام، ويتعين القضاء بإلغائه، وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري من جديد، ولا تتصدى المحكمة الإدارية العليا لموضوع الدعوى؛ ذلك لأن الحكم المطعون فيه يكون قد شابه بطلان جوهري ينحدر به إلى درجة الانعدام بسبب عدم صلاحية أحد أعضاء الدائرة التي أصدرته، ويتعين أن تعيد النظر فيه محكمة القضاء الإداري باعتبارها محكمة أول درجة لتستنفد ولايتها فى الموضوع على وجه صحيح.

وحيث إن قضاء محكمة النقض قد جرى على أن مناط منع القاضي من سماع الدعوى وبطلان حكمه متى سبق له نظرها قاضيا، أن يكون قد قام في النزاع بعمل يجعل له رأيا في الدعوى أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط فيه من خلو الذهن عن موضوعها؛ حتى يستطيع أن يزن حجج الخصوم وزنا مجردا محايدا، مخافة أن يتشبث برأيه الذى يشف عن علمه المتقدم، حتى لو خالف مجرى العدالة، وَضَنَّا بأحكام القضاء من أن تعلق بها أدنى استرابة من جهة شخص القاضي (نقض 15/12/1985 طعن 1214 س 52ق، نقض 20/1/1988 طعن 2095 س 53ق، نقض 2/3/1988 طعن 121 ، 118، 112 س 54ق، نقض 18/ 12/ 1989 الطعن رقم 2791 لسنة 58ق، نقض 9/3/ 1994 سنة 45 الجزء الأول ص 476، نقض 25/2/ 1996 طعن رقم 3949 لسنة 61 ق).

وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن السيد الأستاذ المستشار/… عضو شمال الدائرة بمحكمة القضاء الإداري (الدائرة الثامنة عقود) التي أصدرت الحكم في الدعوى رقم 36845 لسنة 59ق بجلسة 26/ 6/ 2012 (المطعون على حكمها) كان عضو شمال الدائرة بمحكمة القضاء الإداري (الدائرة التاسعة عقود– فردي) التي سبق أن أصدرت الحكم في الدعوى رقم 36845 لسنة 59ق بجلسة 28/4/2009 بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون، والذي قضت المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 26958 لسنة 55ق عليا بجلسة 21/12/2011 بإلغائه، وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة للفصل فيها بهيئة مغايرة، ومن ثم يكون سيادته غير صالح لنظر الدعوى المطعون على حكمها؛ نظرا لأنه سبق له نظرها قاضيا، ويضحى الحكم المطعون فيه الصادر عن المحكمة المذكورة باطلا جديرا بالإلغاء، وهو ما تقضي به هذه المحكمة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، على النحو المبين بالأسباب، وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري المختصة بالقاهرة لنظرها مجددا بهيئة مغايرة وبتشكيل صحيح قانونا، وأبقت الفصل في المصروفات.

([1]) يراجع ما قررته دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر بجلسة 14 من مايو سنة 1988 في الطعن رقم 1352 لسنة 33 القضائية عليا (منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها في ثلاثين عاما، مكتب فني، المبدأ رقم 12) من أن تطبيق مبدأ الاقتصاد في الإجراءات لا يتعارض إعماله في الصورة التي قررتها المادة (269/4) مرافعات مع طبيعة المنازعة الإدارية، بل أخذت به المحكمة الإدارية العليا على وتيرة متصلة منذ إنشائها، وقبل أن يعرفه تقنين المرافعات بهذا الوضوح، فهو أوجب الإعمال في نطاق القضاء الإداري، وأنه إذا انتهت المحكمة الإدارية العليا إلى إلغاء حكم مطعون فيه أمامها لغير مخالفة قواعد الاختصاص فعليها إذا كان موضوعه صالحا للفصل فيه أن تفصل فيه مباشرة، ولا تعيده إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، وبينت أن صلاحية الدعوى للفصل فيها تتحدد بتهيئة الفرصة لتوفر دفاع الأطراف كاملا، وأكدت أنه لا يختلف إلغاء الحكم لبطلانه عن إلغائه لغير ذلك من الأسباب، فالبطلان من أوجه مخالفة القانون، وفصْل المحكمة الإدارية العليا في النزاع بعد إلغاء الحكم لغير البطلان لا يختلف عن فصلها فيه بعد إلغائه للبطلان.

وقارن بما قررته دائرة توحيد المبادئ في حكمها الصادر بجلسة 21 من إبريل سنة 1991 في الطعن رقم 2170 لسنة 31 القضائية عليا (المرجع السابق، المبدأ رقم 18/ج)، من أنه إذا انتهت المحكمة إلى أنه إذا شاب الحكم المطعون فيه بطلان جوهري ينحدر به إلى درك الانعدام بسبب عدم صلاحية أحد أعضاء الهيئة التي أصدرته لنظر الدعوى، يلغى الحكم ويعاد الطعن إلى محكمة أول درجة لنظره من جديد، ولا تتصدى المحكمة الإدارية العليا في هذه الحالة لموضوع الدعوى؛ لأن الحكم يكون قد شابه بطلان ينحدر به إلى درك الانعدام؛ لمخالفته للنظام العام القضائي.

وراجع وقارن بالمبدأين رقمي (60/ج) و (63/و) في هذه المجموعة.

Comments are closed.

xnxxbf