مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الثالثة ، الطعن رقم 21422 لسنة 55 القضائية (عليا)
يوليو 23, 2021
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الرابعة ، الطعن رقم 46660 لسنة 56 القضائية (عليا)
يوليو 26, 2021

الدائرة الثالثة ، دعوى البطلان الأصلية المقيدة برقم 9243 لسنة 58 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 25 من مارس سنة 2014

دعوى البطلان الأصلية المقيدة برقم 9243 لسنة 58 القضائية (عليا)

(الدائرة الثالثة)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد عبد الحميد عبد اللطيف     

نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ حسن سيد عبد العزيز السيد، والسيد محمد محمود رمضان، ومحمد محمد السعيد محمد، وسامح جمال وهبة. 

نواب رئيس مجلس الدولة

 المبادئ المستخلصة:                          

(أ) دعوىعوارض سير الخصومة– ترك الخصومة– الترك هو تنازل أو إسقاط للدعوى، يترتب عليه زوالها- تتحقق الآثار القانونية للترك بمجرد إبدائه، دون توقف على صدور حكم به، فلا يمنع من ترتيب هذه الآثار تراخي المحكمة في الحكم بإثبات الترك؛ إذ إن هذا الحكم ليس قضاءً في خصومة، بل هو مجرد إعلان من القاضي بنفض يده عن الدعوى- لا يتوقف الترك على علمِ أو قبولِ المدعى عليه، مادام لم يبدِ أي طلبات في الدعوى قبل الترك- ترك الخصومة في الدعوى الأصلية يستتبع عدم قبول الطلب العارض أو الدعوى الفرعية.

  • المواد (141) و(142) و(143) من قانون المرافعات.
  • المادة (3) من القرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 بإصدار قانون مجلس الدولة.

(ب) دعوى– دعوى مخاصمة القضاة– جواز ترك الخصومة في دعوى مخاصمة القضاة- لئن كانت دعوى مخاصمة القضاة ذات طبيعة خاصة وإجراءات معينة، إلا أن هذا لا يخلع عنها صفة الدعوى، ولا يُحِلُّها من سلطات رافعيها، ولا يفرض المضي بها حتى الفصل فيها- نص المادة (141) من قانون المرافعات التي رخصت في ترك الخصومة جاءت عامة على نحو يدرأ استحداث تخصيصٍ لها، أو سنَّ استثناءٍ عليها باستبعاد دعوى مخاصمة رجال القضاء من نطاقها- لا تخرج هذه الدعوى عن كونها خصومة قضائية، مناطها قيام النزاع واستمراره، فيصدق عليها جواز الترك شأن جميع الدعاوى- لا يتوقف الترك على علمِ أو قبولِ المستشار المخاصَم، مادام لم يبدِ أي طلبات في الدعوى قبل الترك- القضاءُ في سَمْتِ عدالتِه، والقاضي في أوجُهِ نزاهتِه لا يهزهما مكانةً مجردُ زعمٍ بتلك الدعوى ابتداءً، ولا يزيدُهُمَا تعظيمًا دَحضُ هذا الزعمِ بِرَفضِها انتهاءً، بل قد يَصْدُقُ تركُها بالفعل عدولًا مَا وَقَرَ لهما في القلوب إجلالا، حيث لا يخاف أحد بكنفهما ظلما ولا يخشى بساحتهما هَضْما.

  • المواد (141) و(142) و(143) من قانون المرافعات.
  • المادة (3) من القرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 بإصدار قانون مجلس الدولة.

(ج) دعوى– الدعوى الفرعية- الطلب العارض- تطبق على الدعوى الفرعية أحكام الطلب العارض– يتعين لقبول الطلب العارض أن تكون الخصومة الأصلية مازالت قائمة- تقديم الطلب العارض بعد ترك الخصومة في الدعوى الأصلية وزوالها، يجعل الطلب غير مقبول.

  • المادتان (123) و(125) من قانون المرافعات.

(د) دعوى– دعوى البطلان الأصلية– ما يعد من حالاتها- صدور حكم في الدعوى الأصلية رغم ترك الخصومة بها وتحقق آثاره القانونية، أو قبول الطلب العارض فيها، يشكلان مخالفة جسيمة؛ لصدور الحكم في غير دعوى قائمة، مما يتعين معه الحكم ببطلانه.

الإجراءات

في يوم الأربعاء 15/2/2012 أودع وكيل الطاعن بصفته تقرير الطعن الماثل قلم كتاب هذه المحكمة، حيث قيد بجدولها برقم 9243 لسنة 58 ق.عليا، طعنا بالبطلان على الحكم الصادر بجلسة 3/1/2012 عن هذه المحكمة -بتشكيل مغاير- في الطعن رقم 25420 لسنة 55 ق.عليا (دعوى مخاصمة)، المقام من الشركة الطاعنة بالطعن الماثل ضد كل من وزير العدل بصفته والمستشار/… نائب رئيس مجلس الدولة، والدعوى الفرعية بالتعويض المقامة من المستشار المذكور ضد الشركة الطاعنة في الطعن المشار إليه، والقاضي: (أولا) بعدم قبول دعوى المخاصمة وبمصادرة الكفالة وتغريم الشركة المخاصمة مبلغ ألف جنيه. و(ثانيا) بإلزام رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير بصفته (الطاعن في الطعن الماثل) أن يؤدي للسيد المستشار/… مبلغا مقداره مئة ألف جنيه تعويضا عن الأضرار المعنوية التي أصابته، مع إلزامه المصروفات.

وقد جرى إعلان تقرير الطعن الماثل على النحو الثابت بالأوراق. وعينت المحكمة لنظر الشق العاجل من الطعن جلسة 3/4/2013، وفيها قررت إحالة الطعن إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني فيه.

وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعن المصروفات.

وتدوول الطعن بجلسات المرافعة أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 26/11/2013 أودع الحاضر عن الشركة الطاعنة حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية من حكم محكمة القضاء الإداري (الدائرة الرابعة) في الدعوى رقم 8084 لسنة 58ق، وبالجلسة نفسها قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 28/1/2014، وفيها تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.

وحيث إن الدعوى قد استوفت جميع أوضاعها الشكلية المقررة، فمن ثم تكون مقبولة شكلا.

وحيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن الطاعن بصفته سبق أن قرر بتاريخ 16/6/2009 بمخاصمة المستشار/… نائب رئيس مجلس الدولة وعضو المحكمة الإدارية العليا، وقيد طلبه برقم 25420 لسنة 55 القضائية (عليا)، وعينت جلسة 26/9/2009 لنظر دعوى المخاصمة، وبهذه الجلسة وقبل إبداء أي طلبات أو دفاع أو دفوع قرر وكيل الشركة الطالبة إثبات تركه وتنازله عن دعوى المخاصمة، وطلب إثبات ذلك بمحضر الجلسة، وبجلسة 3/10/2009 قرر وكيل المستشار المخاصَم عدم موافقته على الترك وطلب الإذن له بتحريك دعوى تعويض فرعية، وبجلسة 14/11/2009 تقدم وكيل المستشار المخاصم بصحيفة معلنة للشركة المذكورة طلب في ختامها (أولا) الحكم برفض دعوى المخاصمة رقم 25420 لسنة 55 ق.عليا المقامة من الشركة ضده، و(ثانيا) الحكم بإلزام الشركة المذكورة أن تؤدي للطالب تعويضا مقداره مليون جنيه عن الأضرار المعنوية والأدبية والنفسية التي أصابته من جراء طلب رده عن نظر دعوى البطلان الأصلية المقامة على حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعون أرقام 10005 و10380 و10418 و10605 لسنة 52ق عليا الصادر بجلسة 22/3/2008، ومن جراء مخاصمته بالدعوى رقم 25420 لسنة 55ق عليا بغير مُقتضٍ، ولا سببٍ مشروعٍ يبرر ذلك.

ثم توالى نظر الدعوى أمام المحكمة -الدائرة المذكورة- وبجلسة 4/6/2010 قررت الدائرة الخامسة عليا موضوع -في ضوء عدم اكتمال تشكيلها لنظر الدعوى- إحالة الدعوى إلى الدائرة الثالثة عليا موضوع، ونفاذا لهذا القرار وردت الدعوى إلى هذه المحكمة ونظرتها بجلساتها على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 3/1/2012 حكمت المحكمة في الدعوى المبينة سالفا: (أولا) بعدم قبول دعوى المخاصمة وبمصادرة الكفالة وتغريم الشركة المخاصمة مبلغ ألف جنيه. و(ثانيا) بإلزام رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير بصفته أن يؤدي للسيد الأستاذ المستشار/… مبلغا مقداره مئة ألف جنيه تعويضا عن الأضرار المعنوية التي أصابته، مع إلزامه المصروفات.

………………………………………………..

وإذ لم يرتض الطاعن بصفته هذا الحكم فقد أقام دعوى البطلان الأصلية الماثلة ناعيا على ذلك الحكم أنه قد انتابه العوار وفقد أهم أركانه القانونية، مما أودى به إلى أعلى مراحل الانعدام القانوني لأسباب حاصلها:

1- أن الشركة الطالبة قد أثبتت تركها وتنازلها عن دعوى المخاصمة قبل إبدائها أي دفوع أو دفاع أو أي طلبات موضوعية.

2- أن الشركة الطالبة أثبتت تركها وتنازلها عن دعوى المخاصمة قبل إبداء المعروض ضده الثاني لأي دفاع أو دفوع أو طلبات، وقبل طلب الإذن بتوجيه دعواه الفرعية.

وأضافت الشركة أن ذلك يترتب عليه على وفق القواعد القانونية المقررة بالمواد 141 و143 و144 من قانون المرافعات إلغاء جميع إجراءات الخصومة، وزوال أثر رفع الدعوى، وكذا عودة الخصوم إلى الحالة التي كانوا عليها قبل رفع الدعوى، وذلك اعتبارا من تاريخ تنازل الشركة الطاعنة عن المخاصمة، دون اشتراط قبول المعروض ضده الثاني هذا الترك، وليس له حق الاعتراض عليه، وأن هذه الآثار تحققت بمجرد إبدائه دون توقف على صدور حكم به، فلا يمنع من ترتيب هذه الآثار تراخي القاضي في الحكم بإثبات الترك، إذ إن هذا الحكم ليس قضاءً في خصومة، بل هو مجرد إعلان من القاضي بنفض يده من الدعوى، وبمعنى قانوني آخر: سلب ولاية القاضي عن النزاع؛ لكون النزاع كأن لم يكن من الأساس.

واستطردت الشركة أن القانون المصري قد وضع قواعد لولاية المحاكم على النزاعات التي تعرض عليها (الولاية العامة) بمقتضى نص المادة الثالثة من قانون المرافعات التي نصت على أنه: “لا تقبل أي دعوى كما لا يقبل أي طلب أو دفع استنادا لأحكام هذا القانون أو أي قانون آخر لا يكون لصاحبه فيها مصلحة شخصية ومباشرة وقائمة يقرها القانون”، ومن ثم فإن أساس ولاية القضاء هو الطلب، وهو شرط يتعلق بالنظام العام، لا يجوز الاتفاق على مخالفته، ويترتب البطلان على مخالفته، فإذا انتفى الطلب أو تم التنازل عنه على وفق صحيح القانون تضحى المحكمة مسلوبة الولاية، وإذا قضت خلافا لما سلف تكون قد اغتصبت ولاية ليست لها وغير موجودة، ويضحى حكمها منعدما، ويكون الحكم المطعون عليه قد فقد أهم أركانه الأساسية، وهي الولاية؛ لصدوره عن جهة ليست لها السلطة بإصداره.

كما أضافت الشركة أنه لما كانت المحكمة ملزمة بإجابة المتنازل إلى تنازله وتركه للخصومة وترتيب الآثار القانونية على ذلك، وأهمها زوال ولايتها، فمن ثم تكون الدعوى الفرعية التي أقيمت أمام المحكمة الإدارية العليا قد أقيمت أمام محكمة غير ذات ولاية أو جهة اختصاص، ويكون الحكم الصادر فيها هو الآخر حكما منعدما؛ بحسبان أن دعوى المخاصمة التي هي المبرر القانوني لاختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظر طلب التعويض الفرعي، قد ألغيت جميع إجراءاتها بقوة القانون الذي رتب هذه الآثار بمجرد إثبات التنازل وترك الخصومة دون اشتراط موافقة المدعى عليه، فيكون الاختصاص بنظر دعوى التعويض الفرعية معقودا للمحكمة المدنية صاحبة الولاية والاختصاص الأصيل بهذه الدعوى، ومن ثم فإنها تكون قد رفعت أمام جهة غير مختصة ولا ولاية لها، ويكون الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية العليا حكما منعدما. وخلصت الشركة الطاعنة إلى الطلبات المشار إليها.

………………………………………………..

وحيث إن مقطع النزاع الماثل ينحصر فيما إذا كان ترك الشركة الطاعنة لدعوى المخاصمة يؤتي أثره دون توقف على علم أو قبول المستشار المخاصَم، مادام لم يبد أي طلبات فيها قبل الترك.

وحيث إن قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 قضى في المادة (3) من مواد الإصدار بأن: “تطبق الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون، وتطبق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص، وذلك إلى أن يصدر قانون بالإجراءات الخاصة بالقسم القضائي”.

وقد نص قانون المرافعات في المادة (141) منه على أن: “يكون ترك الخصومة بإعلان من التارك لخصمه على يد محضر، أو ببيان صريح في مذكرة موقعة من التارك أو من وكيله مع اطلاع خصمه عليها، أو بإبدائه شفويا في الجلسة وإثباته في المحضر”.

ونص القانون نفسه في المادة (142) منه على أنه: “لا يتم الترك بعد إبداء المدعى عليه طلباته إلا بقبوله، ومع ذلك لا يلتفت لاعتراضه على الترك إذا كان قد دفع بعدم اختصاص المحكمة، أو بإحالة القضية إلى محكمة أخرى، أو ببطلان صحيفة الدعوى، أو طلب غير ذلك مما يكون القصد منه منع المحكمة من المضي في سماع الدعوى”.

ونصت المادة (143) منه على أن: “يترتب على الترك إلغاء جميع إجراءات الخصومة، بما في ذلك رفع الدعوى والحكم على التارك بالمصاريف”.

وهذه الأحكام بوصفها من القواعد العامة التي تطبق على جميع المنازعات القضائية، سواء أمام محكمة أول درجة أو محكمة الطعن، فيجوز طبقا لها ترك الخصومة في الدعوى أو الطعن. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2533 لسنة 34 القضائية عليا بجلسة 11/3/1989).

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن المنازعة الإدارية ولو كانت طعنا بالإلغاء تنتهي بالترك متى توفرت الشروط القانونية المقررة، وأن مهمة القاضي عندئذ لا تعدو أن تكون إثبات هذا الترك نزولا على حكم القانون في هذا الخصوص، دون التصدي للفصل في أصل النزاع، الذي أصبح غير ذي موضوع. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1213 لسنة 35 ق عليا بجلسة 31/10/1995).

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر أيضا على أنه ولئن كانت دعوى مخاصمة القضاة ذات طبيعة خاصة وإجراءات معينة، إلا أن هذا لا يخلع عنها صفة الدعوى، ولا يحلها من سلطان رافعيها، ولا يفرض المضي بها حتى الفصل فيها، ولا يمنع من ترك الخصومة فيها بمقولة تعلقها بالمصلحة العامة ممثلة في القضاء عامة وفي القاضي المخاصَم خاصة حتى تزول الريب وتنحسر الشبهات وتشيع الثقة ويسود الاحترام في محراب العدالة؛ إذ إن المادة (141) من قانون المرافعات التي رخصت في ترك الخصومة قد جاءت عامة على نحو يدرأ استحداث تخصيص لها أو سنَّ استثناء عليها باستبعاد دعوى مخاصمة رجال القضاء من نطاقها، كما أن هذه الدعوى لا تخرج عن كونها خصومة قضائية مناطها قيام النزاع واستمراره، فيصدق عليها الترك شأن جميع الدعاوى.

فضلا          عن أن القضاءَ في سَمْتِ عدالتِه، والقاضي في أوجُهِ نزاهتِه لا يهزهما مكانةً مجردُ زعمٍ بتلك الدعوى ابتداءً، ولا يزيدُهُمَا تعظيمًا دَحضُ هذا الزعمِ بِرَفضِها انتهاءً، بل قد يَصْدُقُ تركُها بالفعل عدولًا مَا وَقَرَ لهما في القلوب إجلالا، حيث لا يخاف أحد بكنفهما ظلما ولا يخشى بساحتهما هَضْما، وذلك بصرف النظر عما شرع قانونا من حقٍ مقابلٍ في المطالبة بالتضمينات عن التعسف في استعمال مُكنة مباشرة الدعوى، ومن ثم فإنه يجوز ترك الخصومة في دعوى مخاصمة القضاة. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2476 لسنة 39ق.ع بجلسة 19/2/1994).

  وحيث إنه ولئن كان للمدعى عليه أن يقدم من الطلبات العارضة ما هو منصوص عليه في المادة (125) من قانون المرافعات، سواء كان تقديمها بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة، أم بطلب يقدم شفاهة في الجلسة في حضور الخصم ويثبت في محضرها طبقا لنص المادة (123) من هذا القانون، إلا أنه يتعين لقبول تلك الطلبات العارضة أن تكون الخصومة الأصلية ما زالت قائمة، ومتى كان ذلك وكان مفاد نصوص المواد 141 و142 و143 من قانون المرافعات المذكورة سالفا أن ترك الخصومة هو تنازل أو إسقاط لها يترتب عليه زوالها، وتتحقق آثاره القانونية بمجرد إبدائه دون توقف على صدور حكم به، فلا يمنع من ترتيب هذه الآثار تراخي القاضي في الحكم بإثبات الترك، إذ إن هذا الحكم ليس قضاء في خصومة، بل هو مجرد إعلان من القاضي بنفض يده من الدعوى. (حكم محكمة النقض في الطعن رقم 235 لسنة 55 القضائية بجلسة 17/12/1985).

وحيث إنه متى كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الشركة الطاعنة سبق لها أن أقامت الدعوى رقم 25420 لسنة 55 القضائية عليا (دعوى مخاصمة) ضد المستشار/… نائب رئيس مجلس الدولة، وعينت المحكمة (الدائرة الخامسة عليا موضوع) لنظر الدعوى أمامها جلسة 26/9/2009، وبالجلسة نفسها قرر وكيل الشركة الطاعنة التنازل عن دعوى المخاصمة، وأثبت ذلك بمحضر الجلسة التي لم يحضرها المستشار المخاصَم أو وكيله، ولم يكن قد أبدى أي طلبات فيها، ومن ثم فإن آثار هذا الترك القانونية، باعتباره تنازلا عن الدعوى وإسقاطا لها يترتب عليه زوالها، قد تحققت بمجرد إبدائه، دون توقف على صدور حكم به، فلا يمنع من ترتيب هذه الآثار تراخي المحكمة في الحكم بإثبات الترك، إذ إن هذا الحكم -على نحو ما أسلفت المحكمة بيانه- ليس قضاء في خصومة، بل هو مجرد إعلان من القاضي بنفض يده من الدعوى.

ولما كان الثابت من الأوراق أيضا أن السيد المستشار المخاصم قد قدم دعواه الفرعية (طلبه العارض) بطلب التعويض بجلسة 30/10/2009 بعد ترك الدعوى الأصلية الحاصل بجلسة 26/9/2009 وزوالها، ومن ثم فقد قدم ذلك الطلب العارض في غير دعوى أصلية قائمة، فلا يجوز قبوله، وتنحسر عنه ولاية المحكمة، ومن ثم كان متعينا على المحكمة أن تصدر حكمها بإثبات ترك الشركة الطاعنة لدعوى المخاصمة وإلزامها مصروفاتها، وبعدم قبول الطلب العارض المقدم من المستشار المذكور بطلب التعويض.

وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر والتفت عن ترك الشركة الطاعنة للخصومة في دعوى المخاصمة رغم تحقق آثاره القانونية وزوالها، فيكون ما قضى به هذا الحكم من عدم قبول دعوى المخاصمة وبمصادرة الكفالة وتغريم الشركة المخاصمة مبلغ ألف جنيه وبإلزامها أن تؤدي إلى السيد المستشار المذكور مبلغا مقداره مئة ألف جنيه تعويضا عن الأضرار المعنوية التي أصابته مع إلزامها المصروفات، يكون قد خالف القانون مخالفة جسيمة؛ إذ صدر في غير دعوى قائمة، ويتعين لذلك القضاء ببطلانه، والقضاء مجددا بإثبات ترك الشركة الطاعنة للخصومة في دعوى المخاصمة رقم 25420 لسنة 55 القضائية عليا وإلزامها مصروفاتها، وبعدم قبول الطلب الفرعي بالتعويض المقدم من المستشار/… .     

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وببطلان الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإثبات ترك الشركة الطاعنة للخصومة في دعوى المخاصمة رقم 25420 لسنة 55 القضائية عليا، وألزمتها مصروفاتها، وبعدم قبول الطلب العارض بالتعويض المقام تبعا للدعوى المتروكة.

Comments are closed.

xnxxbf