مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة السادسة – الطعن رقم 5117 لسنة 58 القضائية (عليا)
يونيو 12, 2020
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة السادسة – الطعن رقم 50329 لسنة 61 القضائية (عليا)
يونيو 13, 2020

الدائرة الأولى – الطعن رقم 774 لسنة 51 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 9 من يناير سنة 2016

الطعن رقم 774 لسنة 51 القضائية (عليا)

 (الدائرة الأولى)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. جمال طه إسماعيل ندا

رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. عبد الفتاح صبري أبو الليل، وفوزي عبد الراضي سليمان أحمد، ومنير عبد القدوس عبد الله، ومحمد ياسين لطيف شاهين.

نواب رئيس مجلس الدولة

المبادئ المستخلصة:

(أ) دعوى:

الطعن في الأحكام- الطلب العاجل بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه- إذا كان الطعن قد تهيأ للفصل في موضوعه؛ فإن الفصل في الشق العاجل منه يكون غير ذي موضوع- تفصل محكمة الطعن في موضوعه مباشرة.

(ب) أراض زراعية:

البناء عليها– مدى جواز توصيل المرافق للمباني المقامة على أرض زراعية– استهدف المشرع في قانون الزراعة عدم المساس بالأرض الزراعية، والحفاظ على خصوبتها، ومن ثم كان لزاما ألا يستفيد من يخالف هذه الأحكام من خطئه، وأن يكون للجهة الإدارية ألا تمد المباني والمنشآت المخالفة بخدمات المياه والكهرباء وغيرها- مناط استعمال الجهة الإدارية لهذه الرخصة أن تثبت المخالفة يقينا، وهو ما لا يتحقق إلا بصدور حكم جنائي بالإدانة، تأمر فيه المحكمة بإزالة أسباب المخالفة- إذا تقاعست الجهة الإدارية عن إثبات المخالفة، وعن تحرير محضر بذلك، واتخاذ إجراءات وقف أسبابها، وتقديم المخالف إلى المحاكمة الجنائية؛ فإن الامتناع عن إمداد المباني والمنشآت بتلك الخدمات يكون غير قائم على سبب يبرره([1]).

  • المادتان رقما (152) و(156) من قانون الزراعة، الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966، معدلا بموجب القانون رقم 116 لسنة 1983.

الإجراءات

في يوم الإثنين الموافق 1/11/2004 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتهـا نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن في الحكم الصادر عن محكمـة القضاء الإداري (دائـرة القليوبيـة) بجلسة 4/9/2004 في الدعوى رقــم 1582 لسنة 4ق، الذي قضى بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة مصروفات هذا الطلب، وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء.

وطلبت الهيئة الطاعنة –للأسباب الواردة في تقرير الطعن– تحديد أقرب جلسة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيـه، ثم إحالة الطعن إلـى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض طلب وقف التنفيذ، مع إلزام المطعون ضده الأول المصروفات عن درجتي التقاضي.

وقد أعلن تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي. ونظرت دائرة فحص الطعون بالدائرة الخامسة عليا الطعن على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 28/5/2012 قررت إحالته إلى الدائرة الخامسة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا، وحددت لنظره أمامها جلسة 23/6/2012، حيث نظرته المحكمة بتلك الجلسة وما تلاهـا من جلسات، وبجلسة 5/1/2013 أودع الحاضر عن الجهة الإدارية الطاعنة مذكرة دفاع انتهت إلى التصميم على الطلبات الواردة في تقرير الطــعن.

وبجلسة 22/11/2014 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا للاختصاص، وقـد نظرته هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، حيث قدم الحاضر عن الجهة الإدارية الطاعنة بجلسة 18/4/2015 حافظة مستندات طويت على رد جهة الإدارة على موضوع الطعن، وبجلسة 5/12/2015 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجـلسة اليـوم 9/1/2016 مع التصريح بتقديم مذكرات خلال أسبوعين، وقد انقضى الأجل المضروب دون تقديم شيء، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.

وحيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 4/9/2004، وأقيم الطعن الماثل طعنا عليه بتاريخ 1/11/2004، فمن ثم يكون قد أقيم خلال الميعاد المقرر قانونا، وإذ استوفى الطعن جميع أوضاعه الشكلية الأخرى، فإنه يكون مقبولا شكلا.

وحيث إن الطعن تهيأ للفصل في موضوعه؛ فقد بات الفصل في الشق العاجل منه غير ذي موضوع.

وحيث إن عنـاصر المنازعة تخلص –حسبمـا يبين من الأوراق– في أن المطعون ضده الأول كان قد أقام دعواه الصادر فيها الحكم المطعون فيه، أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة القليوبة) بصحيفة أودعت قلم كتابها بتاريخ 25/3/2003، طالبا الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن توصيل التيار الكهربائي والمياه لمنزله الكائن بناحية برشوم الكبرى- مركز طوخ بمحافظة القليوبية، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات، وذلك على سند من أنه يمتلك المنزل المشار إليه، وقد تقدم بطلب للوحدة المحلية بأجهور الكبرى لتوصيل المرافق من كهرباء ومياه الشرب إلى هذا المنزل، إلا أنها لم تستجب، على الرغم من عدم تحرير محاضر مخالفات ضده، وهو ما حداه على إقامة دعواه.

……………………………………………………..

وبجلستها المنعقدة في 4/9/2004 أصدرت محكمة القضاء الإدارى (دائرة القليوبية) حكمها المطعون فيه، وشيدته على أسباب حاصلها أنه يشترط للقضاء بوقف تنفيذ القرار الإداري توفر ركنين: أولهما: ركن الجدية، بأن يكون ادعاء الطالب قائما -بحسب الظاهر- على أسباب جدية يرجح معها إلغاء القرار المطعون فيه، وثانيهما: ركن الاستعجال، بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها، ثم استعرضت المحكمة نصي المادتين (152) و(156) من قانون الزراعة (الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966، المعدَّل بالقانون رقم 126 لسنة 1983) ، وخلصت إلى أن البادي من ظاهر الأوراق أن المدعي يمتلك منزلا بناحية برشوم الكبرى مركز طوخ، وقد خلت الأوراق مما يفيد تحرير أي محاضر مخالفات أو صدور أي أحكام جنائية بإدانته وإزالة منزله المشار إليه، فمن ثم يكون امتناع الجهة الإدارية عن توصيل المرافق (كهرباء– مياه) لمنزله المذكور غير قائم على أسباب تبرره، مما يجعل قرارها السلبي في هذا الشأن مرجح الإلغاء، وهو ما يتحقق معه ركن الجدية، كما أن في الاستمرار في الامتناع عن توصيل المرافق إلى منزل المدعي أضرارا يتعذر بلا شك تداركها، تتمثل في تهديد إقامته بمسكنه، مما يمنع استقراره هو وأسرته ويعرضهما للخطر، ومن ثم يتوفر ركن الاستعجال، وخلصت المحكمة إلى قضائها الطعين.

……………………………………………………..

وحيث إن مبنى الطعن الماثل: مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ لأنه أهدر النصوص القانونية القاطعة التي خولت الجهة الإدارية الامتناع عن توصيل المرافق للمباني المخالفة للقانون رقم 106 لسنة 1976 وتعديلاته على وفق المادة (17) مكررا من هذا القانون، وأنه لما كان المنزل المراد توصيل المرافق إليه قد أقيم على أرض زراعية بالمخالفة للقانون وبدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة، فإن الامتناع عن توصيل المرافق إليه يكون قائما على صحيح سنده المبرر له قانونا.

……………………………………………………..

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن ولاية محـاكم مجلس الدولة في وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقة من ولايتهـا في الإلغاء وفرع منها، ومردها إلى الرقابة القانونية التي يسلطها القضاء الإداري على القرار الإداري على أساس وزنه بميزان القانون وزنا مناطه مبدأ المشروعية، إذ يتعين على القضاء الإداري ألا يوقف قرارا إداريا طبقا للمادة (49) من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972، إلا إذا تبين لـه -بحسب الظاهر من الأوراق، ودون مساس بأصل الحق- أن طلب وقف التنفيذ توفر له ركنان: (أولهما) ركن الجدية، ويتمثل في قيام الطعن في القرار –بحسـب الظاهر من الأوراق– على أسباب جدية من حيث الواقع أو القانون تحمل على ترجيح الحكم بإلغائه عند نظر الموضوع، و(ثانيهمـا) ركن الاستعجال، بأن يكون من شأن استمرار القرار وتنفيذه أن تترتب نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضي بإلغائه.

وحيث إنه عن ركن الجدية، فإن المشرع في المادة (152) من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966، المضافة بموجب القانون رقم 116 لسنة 1983، حظر إقامة أي مبانٍ أو منشآت في الأراضي الزراعية، واستثنى من هذا الحظر أنواعا من الأراضي، منها الأراضي الواقعة بزمام القرى التي يقيم عليها المالك سكنا خاصا أو مبنى يخدم أرضه، وذلك في الحدود التي يصدر بها قرار عن وزير الزراعة، على أن يصدر ترخيص عن المحافظ المختص قبل البدء في إقامة المباني أو المنشآت، وقد رصد المشرع عقوبة جنائية في المادة (156) من القانون نفسه على مخالفة تلك الأحكام، وأوجب أن يتضمن الحكم الصادر بالإدانة الأمر بإزالة أسباب المخالفة على نفقة المخالف، وقد استهدف المشرع من هذه الأحكام عدم المساس بالأرض الزراعية والحفاظ على خصوبتها، ومن ثم كان لزاما ألا يستفيد من يخالف هذه الأحكام من خطئـــه، وأن يكون للجهة الإدارية -وهي القوامة على حسن سير المرافق العامة- ألا تمد المباني والمنشآت المخالفة بخدمات المياه والكهرباء وغيرهـا؛ حتى لا تشجع المواطنين على التمادي في انتهاك أحكام القانون، والقضاء على الرقعة الزراعية، بما يخل بالأهداف التي يسعى المشرع إلى تحقـيقها، إلا أن مناط استعمال الجهة الإدارية لهذه الرخصة أن تثبت المخالفة يقينا، وهو ما لا يتحقق إلا بصدور حكم جنائي بالإدانة، تأمر فيه المحكمة بإزالة أسباب المخالـفة، إذ لا يصح في هذه الحــالة أن تمد الجهة الإدارية المباني والمنشآت المخالفة بتلك الخدمات، ثم تسعى بعد ذلك لإزالتها تنفيذا لأمر المحكمة، أما إذا تقاعست الجهة الإدارية عن إثبات المخالفة وتحرير محضر بذلك واتخاذ إجراءات وقف أسبابها وتقديم المخالف إلى المحاكمة الجنائية، لتقضي المحكمة بالإدانة، وتأمر بإزالة أسباب المخالفة طبقا للقانون، فإن الامتناع عن إمداد المباني والمنشآت بتلك الخدمات يكون غير قائم على سبب يبرره.

وحيث إنه ترتيبا على ما تقدم، ولما كان البادي من ظاهر الأوراق، وبالقدر اللازم للفصل في الشق العاجل من الدعوى المطعون على الحكم الصادر فيها، أن المطعون ضده الأول يمتلك منزلا بناحية برشوم الكبرى التابعة لمركز طوخ بمحافظة القليوبية، ولم يقم دليل بالأوراق على أن الجهة الإدارية قد اتخذت ضده أي إجراءات لإثبات المخالفة وتحرير محاضر بشأنها أو تقديمه للمحاكمة الجنائية، كما لم يصدر قرار بإزالة هذا المنزل، فإن قرار جهة الإدارة بالامتناع عن إمداد المنزل المذكور بالكهرباء ومياه الشرب بدعوى إقامته على أرض زراعية دون الحصول على ترخيص في ذلك، يكون -بحسب الظاهر من الأوراق- مخالفا للقانون مرجح الإلغاء، وهو ما يتوفر به ركن الجدية بشأن طلب وقف تنفيذه، بالإضافة إلى توفر ركن الاستعجال؛ بحسبان أن عدم إمداد المنزل بالتيار الكهربائي ومياه الشرب من شأنه أن يرتب أضرارا يتعذر تداركها؛ باعتبارهما من ضرورات الحياة ولا غنى عنهما، ومن ثم يكون قد توفر ركنا وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بوقف تنفيذ هذا القرار، مع ما يترتب على ذلك من آثار، فإنه يكون قد أصاب وجه الحق فيما قضى به، ويتعين من ثم رفض هذا الطعن.     

وحيث إن الجهة الإدارية الطاعنة قد خسرت الطعن فتلزم المصروفـات عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.

([1]) في شأن مخالفات البناء في الأراضي الخاضعة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء (الملغى لاحقا عدا المادة 13 مكررا منه بموجب القانون رقم 119 لسنة 2008 بإصدار قانون البناء) انتهت الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر بجلسة 18 من فبراير سنة 2017 في الطعن رقم 16862 لسنة 55 القضائية عليا (قيد النشر بمجموعة السنة 62 مكتب فني) أن المشرع قد حظر على الجهات القائمة على شئون المرافق (الكهرباء والمياه وغيرها) تزويد العقارات المبنية أو أية وحدة من وحداتها بخدمات هذه المرافق إلا بعد تقديم صاحب الشأن شهادة تفيد أن المبنى المطلوب تزويده بالمرافق قد صدر له ترخيص في البناء، وأنه مطابق لشروط الترخيص، لكن إذا تقاعست جهة الإدارة عن إصدار القرار الواجب بإيقاف أعمال البناء أو تصحيح أو إزالة المباني المخالفة، أو أصدرت القرار لكن تراخت في تنفيذه ولو بالقوة الجبرية حتى شُغلت المباني المخالفة بالسكان، فإنه لا معنى لحرمان أولئك السكان من المستلزمات الضرورية للحياة ومن الانتفاع بالمباني بعدم توصيل المرافق الأساسية إليها، مادامت لا تهدد أمن وسلامة شاغليها أو غيرهم، فإذا امتنعت جهة الإدارة عن توصيل المرافق لتلك المباني رغم ما تقدم، فإن امتناعها يمثل قرار سلبيا مخالفا للقانون، واجب الإلغاء، ولا يخل هذا بسلطة جهة الإدارة فى تصحيح أو إزالة المبانى المخالفة في أي وقت حتى لو تم توصيل المرافق لها، بما فى ذلك إزالة هذه المرافق مع أجزاء العقار المخالفة للقانون إن أرادت لذلك سبيلا.

Comments are closed.

xnxxbf