مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الثانية – الطعن رقم 32339 لسنة 58 القضائية (عليا)
مارس 19, 2021
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الثالثة – الطعن رقم 25948 لسنة 53 القضائية (عليا)
مارس 22, 2021

الدائرة الأولى – الطعن رقم 19729 لسنة 59 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 24 من يناير سنة 2015

الطعن رقم 19729 لسنة 59 القضائية (عليا)

(الدائرة الأولى)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ جمال طه إسماعيل ندا

رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. عبد الفتاح صبري أبو الليل، وفوزي عبد الراضي سليمان أحمد، وإبراهيم سيد أحمد الطحان، ومحمد ياسين لطيف شاهين.

نواب رئيس مجلس الدولة

المبادئ المستخلصة:

(أ) مبانٍ– الترخيص في البناء- المركز القانوني لطالب الترخيص لا ينشأ إلا بصدور قرار بمنحه الترخيص، أما الموافقات السابقة على صدور الترخيص فتعد أعمالا تمهيدية لا ترقى لمستوى القرار الإداري ولا تكسب صاحبها حقا أو مركزا قانونيا.

(ب) مبانٍ– حظر تحويل الوحدات السكنية إلى وحدات إدارية أو تجارية- ألزم المشرع أصحاب الشأن؛ تحقيقا للنظام العام وحماية للحقوق العامة للمواطنين، قبل الشروع في البناء على الأرض المملوكة لهم، ضرورة الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة المختصة بشئون التخطيط والتنظيم؛ تحقيقا لرقابتها على استعمال حق البناء بما يتفق مع الاشتراطات التخطيطية والبنائية المعتمدة، وأسس التصميم والأصول الفنية والمواصفات العامة، وبما لا يتعارض مع مقتضيات الأمان والسلامة والصحة والسكينة العامة- حظر المشرع تعديل البناء إلا بناء على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة، ورتب جزاء البطلان على كل تصرف يكون محله تغيير استخدام المباني أو أي من وحداتها لغير الغرض المرخص فيه، قبل الحصول على الموافقة اللازمة من الجهة المختصة- لا يجوز مطلقا تحويل أو تعديل الوحدات المبنية لغرض السكنى الواقعة في نطاق محافظة القاهرة لشغلها بأغراض أخرى- لا يجوز للقرار الإداري الفردي أن يخالف بشأن حالة معينة القرار التنظيمي الذي استهدف الحد من تحويل الوحدات المبنية لغرض السكنى إلى غير الغرض المنشأة من أجله ابتداء- ليس في هذا الحظر افتئات على حق الملكية([1]).

– المادة رقم (802) من القانون المدني.

– المواد أرقام (15) و(39)  و(66) من قانون البناء، الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008.

– المادة (الأولى) من قرار محافظ القاهرة رقم 724 لسنة 1992.

– المادة (الأولى) من قرار محافظ القاهرة رقم 3717 لسنة 2009 بشأن الاشتراطات البنائية المؤقتة لمحافظة القاهرة.

الإجراءات

بتاريخ 24/4/2013 أودع الأستاذ الدكتور/… المحامي بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 19729 لسنة 59ق. عليا، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الثالثة) في الدعوى رقم 21523 لسنة 64 ق. بجلسة 26/2/2013، القاضي بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعا، وإلزام المدعي المصروفات.

وطلب الطاعن -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تعديل ترخيص الدور الأرضي من العقار المملوك له من سكني إلى تجاري، وكذا الدورين الأول والثاني فوق الأرضي إلى إداري، وما اشتمل عليه من آثار قانونية، أخصها تسليمه صك الترخيص الذي سبق للجهة الإدارية أن وافقت عليه بقرارها المؤرخ في 28/5/2000، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

وقد جرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم بصفاتهم على النحو الثابت بالأوراق.

وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض الدعوى، والقضاء مجددا بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن السير في إجراءات تعديل ترخيص استخدام الدور الأرضي بالعقار محل التداعي ليسمح باستخدامه تجاريا, ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وإلزام الطاعن والجهة الإدارية المصروفات مناصفة بينهما.

وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة السادسة بالمحكمة الإدارية العليا على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، حيث أودع الحاضر عن الجهة الإدارية بجلسة 31/12/2013 مذكرة دفاع، كما أودع الطاعن بالجلسة نفسها مذكرة دفاع، وبعد أن قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة 4/3/2014 قررت إعادته للمرافعة وإحالته إلى الدائرة الخامسة فحص عليا للاختصاص، حيث نظرته تلك الدائرة بجلسة 12/5/2014 وفيها قررت إحالته إلى الدائرة الأولى فحص بالمحكمة الإدارية العليا للاختصاص بنظره، وتدوول نظر الطعن أمام هذه الدائرة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 27/9/2014 قررت إحالته إلى دائرة الموضوع وحددت لنظره أمامها جلسة 18/10/2014، حيث نظرته المحكمة بتلك الجلسة والجلسة التالية لها على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 8/11/2014 قررت إصدار الحكم فيه بجلسة 24/1/2015 مع التصريح بتقديم مذكرات خلال أسبوعين، وقد انقضى الأجل دون تقديم أية مذكرات، فصدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.

وحيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 26/2/2013 وأقيم الطعن الماثل طعنا عليه بتاريخ 24/4/2013، فمن ثم يكون قد أقيم خلال الميعاد المقرر قانونا، وإذ استوفى الطعن أوضاعه الشكلية الأخرى فإنه يكون مقبولا شكلا.

وحيث إن عناصر المنازعة تتحصل -حسبما يبين من الأوراق- في أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 21523 لسنة 64 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بتاريخ 15/3/2010، طالبا الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن تعديل ترخيص الدور الأرضي من العقار المملوك له من سكني إلى تجاري، وكذا الدورين الأول والثاني فوق الأرضي إلى إداري وما اشتمل عليه من آثار قانونية، أخصها تسليمه صك الترخيص الذي سبق للجهة الإدارية أن وافقت عليه بقرارها المؤرخ في 28/5/2000، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليهم المصروفات، وذلك على سند من أنه يمتلك العقار رقم 106 عوايد بشارع 9 بالمقطم، المقام على قطعة الأرض رقم 6015 منطقة ج بالهضبة العليا بالمقطم، وقد صدر له الترخيص رقم 85 لسنة 1988 من حي جنوب القاهرة ببناء بدورم وجراج ومسجد وخمسة أدوار متكررة أعلى البدروم بكل دور أربع شقق سكنية وبرجولا في السطح، وبتاريخ 28/5/2000 صدر قرار نائب محافظ القاهرة للمنطقة الجنوبية متضمنا: (أولا) التجاوز عن المخالفات المحررة للعقار لصدور حكم عن تلك المخالفات في القضية رقم 2839 لسنة 1994 بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، وكان موضوع المخالفات التعدي على الفراغات وتعديل الدورين الأول والثاني فوق الأرضي بدون ترخيص والتعدي على منور الخدمات، و(ثانيا) الموافقة على استغلال الدور الأرضي من العقار المذكور كمحلات تجارية، وعلى تحويل الدورين الأول والثاني فوق الأرضي إلى إداري بعد استيفاء مساحة الجراج. وبناء على تلك الموافقة تم توصيل المرافق (مياه- صرف صحي- كهرباء) للمحل الكائن بالدور الأرضي, وقد تقدم في 24/7/2007 بطلب للجهة الإدارية لتفعيل واستمرار تنفيذ تلك الموافقة التي تعد قرارا إداريا تحصن بجميع آثاره، إلا أنها لم ترد عليه، فأقام دعواه بطلباته المبينة سالفا.

………………………………………………….

وبجلسة 26/2/2013 أصدرت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الثالثة) حكمها المطعون فيه بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وإلزام المدعي المصروفات، وشيدت المحكمة قضاءها على أسباب حاصلها -بعد مطالعتها لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء وقانون التخطيط العمراني رقم 3 لسنة 1982 وقانون البناء رقم 119 لسنة 2008 الذي ألغى القانونين المذكورين سالفا وحل محلهما, وقراري محافظ القاهرة رقم 724 لسنة 1992 ورقم 3717 لسنة 2009- أن مؤدى تلك الأحكام أنه لا يجوز مطلقا تحويل أو تعديل الوحدات السكنية المبنية لغرض السكنى والواقعة في نطاق محافظة القاهرة لشغلها بأغراض أخرى، وأنه ولئن كانت الجهة الإدارية قد وافقت على توصيل المرافق للمحل الكائن بالدور الأرضي من عقار التداعي بناء على تأشيرة نائب المحافظ، ولم تتعرض للمدعي في استغلال هذه المساحة كمحل بأي شكل كان، إلا أنه لا إلزام عليها بإفراغ موقفها هذا في شكل معين، ومن ثم يكون طلب المدعي تعديل ترخيص الدور الأرضي إلى محلات تجارية غير قائم على سند من القانون، كما أن طلبه تحويل الدورين الأول والثاني فوق الأرضي إلى (إداري) يتعارض مع الاشتراطات البنائية التي تحظر استعمال البناء في غير غرض السكن كما تلزم صاحب الشأن القيام بجميع الإجراءات اللازمة لإقامة البناء في الغرض المخصصة له قطعة الأرض، وقد صدر ترخيص بناء العقار محل التداعي ليستخدم كوحدات سكنية، فلا يجوز تعديل استخدامها للاستخدام الإداري، لاسيما أنه قد صدر قرار محافظ القاهرة بحظر تحويل أو تعديل الوحدات المبنية المخصصة للسكنى في نطاق المحافظة لشغلها بأغراض أخرى.

………………………………………………….

وحيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، قولا من الطاعن إن امتناع الجهة الإدارية عن السير في إجراءات تعديل الترخيص فيه اعتداء صارخ على حق الملكية، وهو حق دستوري كفلته كل الدساتير المصرية، وذلك بحرمانه من الانتفاع بملكه من خلال استغلاله في النشاط التجاري، مهدرا إرادته في هذا الشأن، كما أن الموافقات الصادرة له عن الجهة الإدارية تحصنت بمضي المدة، مما يكسبه مركزا قانونيا لا يجوز المساس به، ويلزم الجهة الإدارية السير في إجراءات تعديل الترخيص، فضلا عن تناقض الحكم في حيثياته؛ لأنه بعد أن أقر بالموافقة الضمنية للجهة الإدارية على التحويل من سكني إلى تجاري وإداري بموجب المكاتبات الرسمية، عاد وقرر عدم وجود إلزام على الجهة الإدارية بإفراغ مسلكها في شكل معين، كما أن الحكم المطعون فيه أهدر مبدأ المساواة أمام القانون؛ لأن الشارع الكائن به العقار مكتظ بالأنشطة التجارية والتي توجب على الجهة الإدارية معاملته بالمثل، مما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.

………………………………………………….

وحيث إن المادة (39) من قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119 لسنة 2008 تنص على أنه: “يحظر إنشاء مبانٍ أو منشآت أو إقامة أعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها أو ترميمها… دون الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التخطيط والتنظيم وفقًا للاشتراطات البنائية وقت إصدار الترخيص ولما تبينه اللائحة التنفيذية لهذا القانون.

  ويصدر الترخيص بالمباني أو الأعمال المشار إليها في الفقرة الأولى إذا كانت مطابقة لأحكام هذا القانون والاشتراطات التخطيطية والبنائية المعتمدة وأسس التصميم وشروط التنفيذ بالكودات المصرية ومتفقة مع الأصول الفنية والمواصفات العامة ومقضيات الأمان والسلامة والقواعد الصحية وأحكام الإضاءة والتهوية والأفنية واشتراطات تأمين المبنى وشاغليه ضد أخطار الحريق…”.

وتنص المادة (66) منه على أنه: “يقع باطلا كل تصرف يكون محله ما يأتي: 1-… 2-… 3- تغيير استخدام المباني أو أي من وحداتها لغير الغرض المرخص به، وذلك قبل الحصول على الموافقة اللازمة من الجهة المختصة…”.

والبين من هذين النصين أن المشرع ألزم أصحاب الشأن؛ تحقيقا للنظام العام وحماية للحقوق العامة للمواطنين، قبل الشروع في البناء على الأرض المملوكة لهم، ضرورة الحصول على ترخيص بذلك من الجهة المختصة بشئون التخطيط والتنظيم؛ وذلك تحقيقا لرقابة هذه الجهة على استعمال حق البناء بما يتفق مع الاشتراطات التخطيطية والبنائية المعتمدة وأسس التصميم والأصول الفنية والمواصفات العامة، وبما لا يتعارض مع مقتضيات الأمان والسلامة والصحة والسكينة العامة، كما حظر المشرع -للأسباب المتقدمة نفسها- تعديل البناء إلا بناء على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة بشئون التخطيط والتنظيم، ورتب المشرع جزاء البطلان على كل تصرف يكون محله تغيير استخدام المباني أو أي من وحداتها لغير الغرض المرخص فيه، إذا تم قبل الحصول على الموافقة اللازمة من الجهة المختصة.

وحيث إن المادة (15) من قانون البناء المذكور سالفا أناطت بالمحافظ المختص وضع قواعد واشتراطات مؤقتة لمخططات تفصيلية لتنظيم العمران بالمدن والقرى، بعد العرض على المجلس الشعبي المحلي، والتنسيق مع الأجهزة المختصة بوزارة الدفاع، واستنادا لهذا النص أصدر محافظ القاهرة قراره رقم 3717 لسنة 2009 بشأن الاشتراطات البنائية المؤقتة لمحافظة القاهرة، تطبيقا لقانون البناء رقم 119 لسنة 2008 ولائحته التنفيذية، ونصت المادة (الأولى) منه على أن: “الاشتراطات البنائية العامة لمحافظة القاهرة: 1-…..2- لا يجوز التصريح بإنشاء وحدات إدارية أو تجارية بالمبنى إذا كان الاستخدام وفقًا للاشتراطات البنائية للموقع سكنيا. ويحظر نهائيا تعديل استخدام الوحدات المخصصة للسكنى لأي نشاط آخر…”, ومن ثم فإن مؤدى ذلك أنه لا يجوز مطلقا تحويل أو تعديل الوحدات المبنية لغرض السكنى والواقعة في نطاق محافظة القاهرة لشغلها بأغراض أخرى، والغرض من هذا الحظر -على ما جرى به قضاء هذه المحكمة- هو توفير الوحدات السكنية حلا لأزمة الإسكان المتفاقمة التي يعاني منها جمهور المواطنين، وارتفاع قيمة الإيجارات وأسعار الوحدات السكنية، ولا يجوز تفسير هذا الحظر على غير معناه ومبناه والعلة منه، كما أنه لا يجوز مخالفة القرار الفردي بشأن حالة معينة للقرار التنظيمي الذي استهدف الحد من تحويل الوحدات المبنية لغرض السكنى على وفق ترخيص البناء إلى غير الغرض المنشأة من أجله ابتداء.

وحيث إنه متى كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد حصل على ترخيص البناء رقم 85 لسنة 1988 لبناء عقار مكون من بدروم به جراج ومسجد وخمسة أدوار متكررة أعلى البدروم بكل دور أربع شقق سكنية وبرجولا في السطح، على قطعة الأرض رقم 6015 المملوكة له بمنطقة (ج) بالهضبة العليا بالمقطم، ولم يشتمل هذا الترخيص على أي محلات تجارية أو وحدات إدارية، فمن ثم لا يسوغ له بعد ذلك أن يستصدر ترخيصا بتحويل الدور الأرضى إلى تجاري والدورين الأول والثاني فوق الأرضي إلى إداري، ويكون قرار جهة الإدارة بالامتناع عن منحه الترخيص قد صادف صحيح حكم القانون.

ولا ينال مما تقدم ما ساقه الطاعن في أسباب طعنه من أن عدم الموافقة على تعديل الترخيص من الاستغلال السكني إلى الاستغلال التجاري والإداري فيه اعتداء على حق الملكية الذي كفله الدستور، بحرمانه من الانتفاع بملكه في النشاط التجاري ومهدرا إرادته في هذا الشأن، ذلك أن الملكية الخاصة -على ما جرى به قضاء المحكمة الدستورية العليا- ليست طليقة من كل قيد، وإنما هي مقيدة باحترام القانون والالتزام بأحكامه، وليس لها من الحماية ما يجاوز الانتفاع المشروع بعناصرها، وهو ما أكده المشرع في المادة (802) من القانون المدني حينما نص على أن: “لمالك الشيء وحده، في حدود القانون، حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه”, وبهذه المثابة فإن الملكية الخاصة لها وظيفة اجتماعية، وحظْر تعديل استخدام الوحدات المخصصة للسكنى لأي نشاط آخر لا يمس جوهر الملكية، بل هو سعيٌ إلى تنظيمها بما يحقق الأهداف المرجوة منها، ومن ذلك -حسبما سلف البيان- توفير الوحدات السكنية حلا لأزمة الإسكان، ومن ثم يكون هذا القرار قد استهدف المصلحة العامة، ويضحى الدفع بعدم دستوريته غير جدي وواجب الالتفات عنه.

كما لا يجوز للطاعن الاحتجاج بأن الموافقات الصادرة له عن الجهة الإدارية تحصنت بمضي المدة، مما يكسبه مركزا قانونيا لا يجوز المساس به، ويلزم الجهة الإدارية السير في إجراءات تعديل الترخيص؛ ذلك أن مركزه القانوني لا ينشأ إلا بصدور قرار بمنحه الترخيص، أما الموافقات التي أشار إليها فهي تعد أعمالا تمهيدية لا ترقى لمستوى القرار الإداري، ولا تكسب صاحبها حقا أو مركزا قانونيا، فضلا عن أن هذه الموافقات تمت بالمخالفة للقواعد القانونية النافذة آنذاك، والمتمثلة في القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء وتعديلاته، والمتضمن في المادة (17 مكررا) منه عدم جواز تزويد المباني بالمرافق التي تلزمها إلا بعد صدور شهادة عن الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، تفيد صدور ترخيص بإحداثها ومطابقتها لشروط الترخيص ولأحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية، وكذا المتمثلة في قرار محافظ القاهرة رقم 724 لسنة 1992 الذي نص في المادة (الأولى) منه على أنه: “يحظر نهائيا تحويل أو تعديل الوحدات المبنية المخصصة للسكنى والواقعة بنطاق محافظة القاهرة لشغلها بأغراض أخرى…”.

وحيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى رفض الدعوى فإنه يكون قد أصاب وجه الحق وصادف صحيح حكم القانون، ويضحى الطعن الماثل قد أقيم على غير سند من الواقع أو القانون جديرا بالرفض.

وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الطاعن المصروفات.

([1]) راجع كذلك المبدأ رقم (55/أ) في هذه المجموعة.

Comments are closed.

xnxxbf