مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الأولى – الطعن رقم 23877 لسنة 54 القضائية (عليا)
سبتمبر 21, 2020
مجلس الدولة المصري -القضاء الإداري
الدائرة الخامسة – الطعن رقم 20934 لسنة 58 القضائية (عليا)
سبتمبر 21, 2020

الدائرة الأولى – الطعنان رقما 7905 و 8490 لسنة 57 القضائية (عليا)

مجلس الدولة المصري - القضاء الإداري

جلسة 6 من فبراير سنة 2016

الطعنان رقما 7905 و 8490 لسنة 57 القضائية (عليا)

 (الدائرة الأولى)

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. جمال طه إسماعيل ندا

رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

وعضـوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. عبد الفتاح صبري أبــو الليل، وفوزي عبد الراضي سليمان أحمد، ومنير عبد القدوس عبد الله، ومحمد ياسين لطيف شاهين.

نواب رئيس مجلس الدولة

المبادئ المستخلصة:

(أ) دعوى:

ترك الخصومة- يكون ترك الخصومة بإعلان من التارك لخصمه على يد محضر، أو ببيان صريح في مذكرة موقعة منه أو من وكيله، مع إطْلَاعِ خصمه عليها، أو بإبدائه شفهيا في الجلسة وإثباته فى المحضر- إذا كان المطعون ضده قد أبدى طلباته في الطعن، فيتعين لكي ينتج الترك أثره أن يوافق هو عليه([1])– يترتب على الترك إلغاء جميع إجراءات الخصومة، والحكم على التارك بالمصروفات.

  • المواد (141) و(142) و (143) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

(ب) استثمار:

ضمانات وحوافز الاستثمار- الترخيص في الانتفاع بالعقارات المرخص في الانتفاع بها للشركة– حظر المشرع إلغاء أو إيقاف الترخيص الصادر بالانتفـاع بالعقارات المرخص في الانتفاع بها كليا أو جزئيا للشركة أو المنشأة إلا في حالة مخالفة شروط الترخيص، وبشرط أن يصدر قرار الإلغاء أو الإيقاف عن رئيس مجلس الوزراء، بناء على عرض الجهة الإدارية المختصة- مؤدى ذلك وجوب مباشرة رئيس مجلس الوزراء هذا الاختصاص بنفسه، فلا يجوز له أن يفوض غيره فيه، وإلا وقع قرار التفويض مخالفا لأحكام القانون؛ لانطوائه على الإخلال بالضمانة التي تغياها المشرع من جعل الأمر منوطا برئيس مجلس الوزراء، والتي تتمثل في حمايـة المستثمرين، وضمان استثماراتهم فـي مصر.

  • المادة رقم (11) من قانون ضمانات وحوافز الاستثمار، الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997 (الملغى لاحقا بموجب القانون رقم 72 لسنة 2017 بإصدار قانون الاستثمار).

(ج) دعوى:

مصاريف الدعوى- حدد المشرع من يتحمل المصاريف عند الحكم في الدعوى، فإذا أخفق كل خصم في الدعوى في بعض الطلبات، جاز للمحكمة أن تحمل كل خصم ما دفعه من المصاريف، أو أن تقسم المصاريف بينهما على حسب ما تقدره، بل يجوز لها أن تحكم بالمصاريف جميعها على أحد الخصمين فقط- تتمتع المحكمة بسلطة تقديريـة واسعة في هذا الشأن، فلا يكون لأي من أطراف النزاع الاعتراض على حكمها، وإلا كان اعتراضه غير قائم على أساس من القانون.

  • المادتان رقما (184) و(186) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

الإجراءات

في يوم السبت الموافق 18/12/2010 أودع وكيل الطاعن فى الطعـن رقم 7905 لسنة 57ق عليا، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار) بجلسة 23/10/2010 في الدعوى رقم 29685 لسنة 60ق، الذي قضى في منطوقه بالآتي:

  • بالنسبة للدعوى الأصلية:

– فيما يتعلق بالطلبات الأول والثاني والثالث بقبولها شكلا ورفضها موضوعا، وألزمت الشركة المدعية المصروفات.

– فيما يتعلق بالطلب الرابع بقبوله شكلا، وبإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية مصروفاته، وبقبول طلب التعويض شكلا، ورفضه موضوعا، وإلزام الشركة المدعية مصروفاته.

ب– بالنسبة للدعوى الفرعية: بقبولها شكلا، وإلزام الشركة المدعى عليها أن تؤدي للهيئة المدعية مبلغ 100776٫87 دولارا أمريكيا، قيمـة مستحقات الهيئة حتى 30/6/2009، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وألزمت كلا من الشركة المدعية والجهة الإدارية المصروفات مناصفة.

وطلب الطاعن بصفته في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه فيما قضى به في الدعوى الفرعية، وفي الموضوع:

(أصليا): ببطلان الحكم المطعون فيه وإعادته لمحكمة القضاء الإداري بهيئة مغايرة للفصل فيه مجددا.

و(احتياطيا):

  • بشأن الدعوى الأصلية بالآتي:

أ– إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بعدم مشروعية القرار رقم 40 لسنة 2005 الصادر عن محافظ الإسكندرية (رئيس مجلس إدارة المنطقة الحرة العامة) فيما تضمنه في المادة الأولى: “مع ما يترتب على ذلك من آثار إدارية ومالية، وبعدم جواز مطالبة الشركـة الطاعنة وبراءة ذمتها من أي إيجار لمسطح 2000م2 من تاريخ صدوره في 30/7/2005 حتى 31/7/2006.

ب- براءة ذمة الشركة الطاعنة من القيمة المالية لإيجار مسطح 2000م2 عن المدة من 12/9/2000 حتى 31/7/2006.

ج- إلزام هيئة الاستثمار رد قيمة خطابات الضمان الثلاثة البالغة قيمتها 55020 دولارا.

د- تعديل الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلغاء قرار رئيس هيئـة الاستثمار بإلغاء ترخيص مزاولة النشاط رقم 55 لسنة 1998، وإلغـاء المادة الأولى من قرار محافظ الإسكندرية (بصفته رئيس مجلس إدارة المنطقة الحرة العامة بالإسكندرية) رقم 40 لسنـة 2005 بتعديل الترخيص رقم 55 لسنة 1998، مع ما يترتب على ذلك من آثار مالية وإدارية، أخصهـا عدم أحقيـة هيئة الاستثمار في تحصيل مقابل الانتفاع والإيجار لمسطح 2600م2 موضوع الترخيص رقم 55 لسنة 1998 من تاريخ إلغائه في 12/11/2006.

هـ- تعويض الشركة الطاعنة بمبلغ مئة ألف جنيه تعويضا مؤقتا، وذلك مع إلزام المطعون ضدهم الرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.

  • بشأن الدعوى الفرعية:

أ- عدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بموضوعها وإحالتها إلى المحكمة الاقتصادية بالإسكندرية نفاذا لأحكام القانون رقم 120 لسنة 2008.

ب- أو رفض الدعوى، مع إلزام رافعها الرسوم والمصروفات.

– وفي يوم الثلاثاء الموافق 21/12/2010 أودع وكيل الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، قلم كتـاب المحكمة المشار إليها تقريرا بالطعن، قيد برقم 8490 لسنة 57ق.ع في الحكم المشار إليه سالفا، طالبا الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه بالنسبة للطلب الرابع في الدعوى الأصلية، والقضاء برفض هذا الطلب، والحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه في الدعوى الفرعية بالنسبة لإلزام الهيئة والشركة المدعى عليها المصروفات مناصفة، مع إلزام الشركة المطعون ضدها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.

 – وقد أعلن تقرير كل من الطعنين على النحو الثابت بالأوراق.

وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني فى الطعنين ارتأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلا، وفي موضوع الطعن رقم 7905 لسنة 57ق. عليا بإلغاء الحكم المطعون فيه بالنسبة للطلبات الأول والثالث والرابع في الدعوى الأصلية، والقضاء مجددا بالآتي:

(أولا) إلغاء قرار محافظ الإسكندرية (بصفته رئيس مجلس إدارة المنطقة الحرة العامة بالإسكندرية) رقم 40 لسنة 2005 بتعديل ترخيص مزاولـــة النشاط للشركة المدعية رقم 55 لسنة 1998 فيما تضمنه من زيادة المسطح المخصص لانتفاع الشركة في المنطقة الحرة العامة بالإسكندرية من 2600 متر مربع إلى 4600 متر مربع، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الهيئة المدعى عليها مصروفات هذا الطلب.

(ثانيا) إلغاء قرارات تسييل خطابات الضمان الثلاثة المقدمة من الشركة المدعية على وفق ترخيص مزاولة النشاط رقم 55 لسنة 1998، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها إلزام الهيئة رد قيمة تلك الخطابات إلى الشركة المدعية، وإلزام الهيئة المدعى عليها مصروفات هذا الطلب.

(ثالثا) إلزام المدعى عليهم متضامنين تعويض الشركة المدعيـة تعويضا أدبيا بالمبلغ الذي تقدره المحكمة.

(رابعا) رفض هذا الطعن بالنسبة للطلب الثاني في الدعوى الأصلية، والأول في الدعوى الفرعية، وإلزام الشركة الطاعنة مصروفات الطعن بالنسبة لهذين الطلبين، ورفض الطعن رقم 8490 لسنة 57ق عليا موضوعا، وإلزام الهيئة الطاعنة مصروفاته.

– وقد نظرت دائرة فحص الطعـون بهذه المحكمة الطعنين بجلسة 3/7/2011 وما تلاها من جلسات على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، ومنها محضر جلســة 2/2/2015 الذي أودعت فيه الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة حافظة مستندات طويت على أصل إقرار موثق بالشهر العقاري برقم 1748/س/2011، صـادر بتاريخ 13/11/2011 عن مكتب توثيق نشاط المستثمرين بالإسكندرية من وكيل الممثل القانوني لمدير الشركة الوطنية للكيماويـات (الطاعن بصفته فى الطعن رقم 7905 لسنة 57 ق. عليا)، ويتضمن الإقرار بالتنازل والتصالح عن الخصومة وتركها فى الطعن المذكور، وأنه لا يحق للشركة الرجوع على الهيئة العامة للاستثمار في أي نزاع قانوني بهذا الخصوص، كما طويت حافظة المستندات المقدمة من الهيئة على صور ضوئية من الشيكات المقدمة لها من الشركة سدادا للمستحقات الواجبة عليها، وعلى صورة ضوئية ممـا يفيد قيـام الشركــة بسداد المصاريف القضائية المستحقة عليها في الحكم رقم 29685 لسنة 60ق.

وبالجلسة نفسها قدم الحاضر عن الشركة الطاعنة حافظة مستندات ومذكرتي دفاع، وقرر العدول عن الإقرار المؤرخ في 13/11/2011 المشار إليه، على سند من القول إنه كان وليد إكراه.

وبجلسة 5/7/2015 قررت المحكمة إحالة الطعنين إلى هذه المحكمة (دائرة الموضوع) لنظرهما بجلسة 17/10/2015، وفيها وما تلاها من جلسات تدوول الطعنان أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 19/12/2015 قررت إصدار الحكم فيهما بجلسة اليوم مع التصريح بتقديم مذكرات خـلال أسبوعين، وقد انقضى هذا الأجل دون تقديم أية مذكرات، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

 بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.

– وحيث إنه عن الطعن رقم 7905 لسنة 57ق عليا المقام من الممثل القانوني للشركة الوطنية للكيماويات، والذي يطلب فيه الحكم بالطلبات الأصلية والاحتياطية المشار إليها سالفا في الإجراءات:

وحيث إن الثابت من الاطلاع على الأوراق تقـدم الهيئة المطعون ضدها بجلسة 2/2/2015 بحافظة مستندات طويت على أصل إقرار موثق بالشهر العقارى برقم 1748/س/2011، صادر عن وكيل الممثل القانوني للشركة الطاعنة يقر فيه بصفته المذكورة بالتنازل والتصالح عن الخصومة وتركها فى الطعن رقم 7905 لسنة 57ق عليا، المـرفوع من الشركة ضد الهيئة العامة للاستثمار وآخرين، طعنا على الحكم رقم 29685 لسنة 60 قضاء إداري القاهرة، القاضي بإلزام الشركة أداء مبلغ 100776,87 دولارا أمريكيا، كما يقر بأنه لا يحق للشركـة الوطنية للكيماويات (منطقة حرة عامة) الرجوع على الهيئة العامة للاستثمار في أي نزاع قانوني بهذا الخصوص. وقد قبلت الهيئة المذكورة هذا التنازل وتسلمت من الشركة المبالغ المقضي بها في حكم أول درجة، وهو الأمر الذي يقطع بإقرار الشركة الطاعنة في الطعن المشار إليه بالتنازل عن الخصومة في الطعن، وأن تنازلها حاز قبول الهيئة المطعون ضدها.

وحيث إنه طبقا لأحكام المواد (141و142و143) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 يكون ترك الخصومة بإعلان من التارك لخصمه على يد محضر، أو ببيان صريح فى مذكرة موقعة من التارك أو وكيله مع إطلاع خصمه عليها، أو بإبدائه شفويا فى الجلسة وإثباته فى المحضر، فإذا كان المطعون ضده قد أبدى طلباته فى الطعن، فيتعين لكي ينتج الترك أثره أن يوافق عليه المطعون ضده، ويترتب على الترك إلغاء جميع إجراءات الخصومة والحكم على التارك بالمصروفات. (حكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 2607 لسنة 46 ق.عليا جلسة 3/3/2007 وحكمها فى الطعن رقم 11545 لسنة 49 ق.عليا جلسة 11/4/2006).

وحيث كان ذلك، وكان الثابت أن الشركة الطاعنة فى الطعن رقم 7905 لسنة 57 ق.عليا قد تنازلت عن الخصومة فى الطعن المذكور بموجب إقرار موثق في الشهر العقارى، وقد قبلت الهيئة المطعون ضدها هذا الترك، فلا مناص من النزول على رغبتها وإثبات تركها الخصومة فى الطعن وإلزامها المصـاريف. ولا محل لما ذهبت إليه الشركة الطاعنة من أن تنازلها عن الخصومة فى الطعن كان وليد الإكراه، ومن ثم يكون قد وقع باطلا على وفق أحكام المادة 127 من القانون المدني؛ بحسبان أن ذلك قد ورد مرسلا دون أن يسانده أي دليل يثبت صحته.

– وحيث إنه عن الطعـن رقم 8490 لسنة 57ق عليا المقام من الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، وإذ صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 23/10/2010، وأقيم هذا الطعن عليه بتاريخ 21/12/2010، أي خلال الميعاد المقرر قانونا، وإذ استوفى الطعن جميع أوضاعه الشكلية الأخرى، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.

وحيث إن عناصر هذا الطعن تتحصل -على وفق الثابت من الأوراق– في أنه بتاريخ 26/7/2006 قامت المنطقة الحرة بالإسكندرية بإخطار الشركة الوطنية للكيماويات بموجب الكتاب رقم 1843 بموافقة اللجنة الفنية بتاريخ 12/7/2006 على إلغاء الموافقة السابق صدورها للشركة، واتخاذ إجراءات تصفيتها لعدم قيامها بسداد مستحقات الهيئة التي بلغت 38938,12 دولارا أمريكيا مقابل انتفاع، ومبلغ 13197,84 دولارا أمريكيا فوائد تأخير عن استغلال مساحة 2000م2 عن الفترة من 13/3/2000 حتى 31/3/2005، أو تقديم ما يفيد استعدادها لسداد تلك المبالغ، وعلى إثر ذلك تم تسييل خطابات الضمان المقدمة من الشركة، واستخدام قيمتها فى سداد جزء من مستحقات الهيئة، والتي ثبتت بموجب توصية لجنتى تسوية منازعات الاستثمار واللجنة الوزارية، ثم صدر قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة -وبموجب تفويض من مجلس إدارة الهيئة- بإلغاء الموافقة على مشروع الشركة المطعون ضدهـا.

وإذ لم ترتض تلك الشركة هذا القرار أقامت الدعوى رقم 29685 لسنة 60ق طالبة -من بين ما طالبت به- الحكم:

– بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار الصادر بتصفية وإلغاء نشاط الشركة المدعية على قطعة الأرض البالغة مساحتها 2600 متر مربع بالمنطقة الحرة العامة بالإسكندرية (موضوع ترخيص مزاولة النشاط رقم 55 لسنة 1998).

– إلزام المدعى عليهم متضامنين تعويض الشركة المدعية بمبلغ مقداره 370679 دولارا (فقط ثلاث مئة وسبعون ألفا وست مئة تسعة وسبعون دولارا لا غير) تعويضا ماديا، ومبلغ 100000 دولار (مئة ألف دولار لا غير) تعويضا أدبيا عن عــدم مشروعية القرار الطعين، والأضرار التى لحقت بسمعة الشركة المدعية، مع ما يترتب على ذلك من آثار.

وردَّا على ذلك أقامت الهيئة المدعى عليها دعوى فرعية طلبت فيها الحكم:

  • بإلـزام الشركة المدعى عليها أن تؤدي لها مبلغ 100776,87 دولارا (قيمة مستحقــات الهيئـة حتى 30/6/2009)، فضلا عما يستجد من مستحقات وفوائد تأخير.
  • إلزام الشركة المدعى عليها إخلاء المساحة المخصصة لها بأرض المنطقة الحرة البالغة 2600 متر مربع، وتسليمها إلى إدارة المنطقة خالية مما يشغلها حتى يتسنى للهيئة إيقاف حساب مقابل الانتفاع.

……………………………………………………..

وبجلسة 23/10/2010 صدر الحكم المطعون فيه قاضيا بالنسبة للطلب الرابع من الدعوى الأصلية بقبول الدعوى شكلا، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإداريـة مصروفـات هذا الطلب، وبقبول طلب التعويض شكلا، ورفضه موضوعا، وإلزام الشركة المدعية المصروفات.

وبالنسبة للدعوى الفرعية بقبولها شكلا، وإلزام الشركة المدعى عليها أن تؤدي للهيئة المدعية مبلغ 100776.87 دولارا أمريكيا قيمة مستحقات الهيئة حتى 30/6/2009، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وإلزام كل من الشركة المدعية والجهة الإدارية المصروفات مناصفة.

وشيدت المحكمة قضاءها على أنه على وفق أحكام المــادة (11) من قانون ضمانات وحوافـز الاستثمـار الصادر بالقانـــون رقم 8 لسنة 1997، فإن المختص بإصدار قرار إيقـاف أو إلغاء ترخيص الانتفاع بالعقارات المرخص بالانتفاع بها في المناطق الحرة هو رئيس مجلس الوزراء، بناء على عرض الجهـة الإدارية المختصـة، وإذ صدر القـرار المطعون فيه عن رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار، ولم يصدر عن رئيس مجلس الوزراء، فإنه يكون قد صدر عن غير مختص بإصداره، ويتعين القضاء بإلغائه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، دون أن ينال من ذلك ما ذكرته الجهة الإدارية من تفويض رئيس مجلس الوزراء لرئيس مجلس إدارة الهيئة فى إصدار قرارات الإلغاء بموجب القرار رقم 9/4/2000 المؤرخ في 2/7/2000؛ بحسبان أن قانون ضمانات وحوافز الاستثمار المشار إليه قد جاء خلوا من النص على إجازة مثل هذا التفويض.

أما فيما يتعلق بطلب التعويض عن القرار المشار إليه، وإذ ألغي هذا القرار لعيب عدم الاختصاص، وهو بذلك لا يصلح حتما وبالضرورة سببا للقضاء بالتعـويض، لاسيما أن هذا العيب لم يكن مؤثرا في موضوع القرار، فمن ثم ينتفي ركن الخطــأ فى حق الجهة الإدارية، وتنتفي مسئوليتها الموجبة للتعويض.

أما فيما يتعلق بالدعوى الفرعية، وكان الثابت أن المساحة المزادة والبالغة 2000م2 قد سلمت للشركة بتاريخ 31/7/2006، فإن الشركة تلزم بسداد مقابل الانتفاع عن المدة من تاريخ تسلمها وحتى تسليمها للهيئة، وإذ توقفت الشركة عن سداد مقابل الانتفاع عن تلك المساحة وعن مقابل الخدمات، وما ترتب على ذلك من فوائد تأخيرية من 13/3/2000 حتى 31/7/2006 (تاريخ استرداد الهيئة لتلك المساحة)، فمن ثم يتعين إلزامها سداد تلك المبالغ.

أما فيما يتعلق بمساحة 2600م2، وكان الثابت توقف الشركة عن السداد من 1/10/2006 حتى 30/9/2009، فيتعين إلزامها سداد مقابل الانتفاع عن تلك المدة، وبذلك يكون إجمالي المبالغ المستحقة للهيئـة مبلغ 100776,87 دولارا أمريكيــا، ويتعين القضاء بإلزام الشركة سدادها.

أما فيما يتعلق بطلب إلزام الشركـة المدعية إخلاء تلك المساحة، ولما كان إخلاء تلك المساحة لا يتأتى إلا بصـدور قرار بتصفية وإلغاء نشاط الشركة، وإذ سبق للمحكمة أن قضت في الحكم نفسه بإلغاء القرار الخاص بتصفية وإلغاء نشاط الشركة؛ لوصمه بعيب عدم الاختصاص، فمن ثم يعد طلب الهيئة المدعية إخلاء تلك المساحة غير مستند إلى أساس صحيح من القانون، متعينا القضاء برفضه.

……………………………………………………..

وإذ لم ترتض الهيئة الطاعنة هذا القضاء أقامت الطعن رقم 8490 لسنة 57 ق. عليا ناعية عليه مخالفة الفهم الصحيح لأحكام القانون؛ بحسبان أنه ولئن كانت المادة (11) من قانون ضمانات وحوافز الاستثمار تنص على اختصاص مجلس الوزراء بإلغاء أو بوقف الترخيص بالانتفاع بالعقارات التي رخص بالانتفاع فيها للشركة، إلا أنه لم يتعرض لمسألة إلغاء القرار الصادر بتأسيس الشركة أو المنشأة حال مخالفتها ذلك القرار، ومن ثم يبقى هذا الاختصاص منوطا بمجلس إدارة المنطقـة الحرة، فضلا عن أن اللجنة الوزارية لفض منازعات الاستثمار قد أوصت بجلسة رقم 28 المنعقدة فى 5/2/2006 بحل الخلاف القائم بين الهيئة والشركة المطعون ضدها.

كما نعت الهيئة الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفتــه لنص المادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية فيما قضى به من إلزام الهيئة نصف المصروفـات، في الوقت الذي كان يتعين فيه إلزام كل طرف نسبة من المصروفات تتفق مع ما خسره في الدعوى الفرعية.

……………………………………………………..

وحيث إن الهيئة الطاعنة في الطعن الماثل تنعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون فيما قضى به في الطلب الرابع من الدعوى الأصلية بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه (قرار الهيئة الطاعنة الصادر بتصفية وإلغاء الترخيص بانتفاع الشركة المدعية على قطعة الأرض البالغ مساحتها 2600 متر مربع بالمنطقة الحرة العامة بالإسكندرية)، مع ما يترتب على ذلك من آثـار، وإلزام الشركة المطعون ضدها المصروفات.

وحيث إن المادة (11) من قانون ضمانات وحوافز الاستثمار، الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997([2])، تنص على أنه: “لا يجوز لأية جهة إدارية إلغاء أو إيقاف الترخيص الصادر بالانتفاع بالعقـارات التي رخص بالانتفـاع بها للشركة أو المنشأة كلها أو بعضها إلا في حالة مخالفة شـروط الترخيص، ويصدر قرار الإلغاء أو الإيقاف من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الجهة الإدارية المختصة، ولصاحب الشأن الطعن في هذا القرار أمام محكمة القضاء الإداري خلال ثلاثين يوما من تاريخ إعلانه أو العلم به”.

وحيث إن مفاد ذلك أن المشرع حظر على أية جهة إدارية إلغاء أو إيقاف الترخيص الصادر في الانتفاع بالعقارات المرخص في الانتفاع فيها كليا أو جزئيا إلا في حالة مخالفـة شـروط الترخيص، وبشـرط أن يصدر قرار الإلغاء أو الإيقاف عن رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الجهة الإدارية المختصة، وبذلك يكون المشرع قد ناط برئيس مجلس الوزراء وحده دون غيره الحق في إلغاء أو إيقاف الترخيص في الانتفاع بالعقارات المرخص فيها، وذلك بناء على عرض الجهة الإدارية المختصة بمفهومها المحدد في قانون ضمانات وحوافز الاستثمار ولائحته التنفيذيـة، وهو ما مؤداه وجوب مباشرة رئيس مجلس الوزراء الاختصاص المشار إليه بنفسه، ودون أن يفوض غيره فيه، وإلا وقع قرار التفويض مخالفا للقانون؛ لانطوائه على الإخلال بالضمانة التي تغياها المشرع من جعل الأمر منوطا برئيس مجلس الوزراء، والتي تتمثل في حمايـة المستثمرين وضمان استثماراتهم في مصر.

ولا مجال في هذا الصدد للاحتجاج بأن المادة (31) من قانون ضمانات وحـوافز الاستثمار المشار إليه قد ناطت بمجلس إدارة المنطقة الحرة العامة الترخيص في إقامة المشروعـات وإصدار الترخيص للمشروع في مزاولة النشاط؛ بحسبان أن تلك المادة قد عدلت بموجب القانون رقم 94 لسنة 2005، وأصبح مجلس إدارة المنطقة الحرة العامة يختص بإصدار موافقة مبدئيـة على إقامة الشـركات والمنشآت داخلها، وإصدار الترخيص لها في مزاولة نشاطها، دون أن يخول صلاحية إلغاء أو إيقاف الترخيص في الانتفاع بالعقارات، والذي يظل منعقدا لرئيس مجلس الوزراء دون غيره، بصريح عبارة المشرع.

ولا يغير من ذلك التوصية الصادرة عن اللجنة الوزارية لفض منازعات الاستثمار بالجلسة الثامنة والعشرين فى 25/2/2006، والتي ناطت بالهيئة الطاعنة اتخاذ ما يلزم من إجراءات رسمية لإنهاء العلاقة التعاقديــة بين الطرفين بشأن مساحة 2000م2؛ بحسبان أن تلك التوصية وما أعقبها من موافقة لا شأن لها ولا تنال من الاختصاص الموسد لرئيس مجلس الوزراء بشأن إلغاء الترخيص الصادر في الانتفاع بالعقارات، وعلى نحو ما سلف بيانه.

– وحيث إنه عما تنعاه الهيئة الطاعنة على الحكم المطعون فيه من مخالفته أحكام المادة (184) من قانون المرافعات؛ لعدم مراعاته نسبة ما خسرته الهيئة في الدعوى عند الفصل في المصروفات، وإذ تنص المادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أنه: “يجب على المحكمة عند إصدار الحكم الذي تنتهى به الخصومة أمامها أن تحكم من تلقاء نفسها في مصاريف الدعوى، ويحكم بمصاريف الدعوى على الخصم المحكوم عليه فيها، ويدخل فى حساب المصاريف مقابل أتعاب المحاماة. وإذا تعدد المحكوم عليهـم جاز الحكم بقسمة المصاريف بينهم بالتساوي أو بنسبة مصلحة كل منهم في الدعوى على حسب ما تقدره المحكمة، ولا يلزمون بالتضامن في المصاريف إلا إذا كانوا متضامنين في أصل التزامهم المقضي فيه”.

وتنص المادة (186) منه على أنه: “إذا أخفق كل من الخصمين فى بعض الطلبات جاز الحكم بأن يتحمل كل خصم ما دفعه من المصاريف، أو بتقسيم المصاريف بينهما على حسب ما تقدره المحكمة فى حكمها، كما يجوز لها أن تحكم بها جميعها على أحدهما”.

 وحيث إن المستفاد مما تقدم –في خصوصية الحالة المعروضة- أن المشرع حدد من يتحمل المصاريف عند الحكم في الدعوى، فإذا أخفق كل خصم فى الدعوى في بعض الطلبات جاز للمحكمة الحكم بأن يتحمل كل خصم ما دفعه من المصاريف، أو تقسم المصاريف بينهما على حسب ما تقدره المحكمة، بل يجوز لها -وعلى وفق ما تقدره فى هذا الصدد- أن تحكم بالمصاريف جميعها على أحد الخصمين فقط، وهو ما مؤداه تمتع المحكمة بسلطة تقديريـة واسعة تخولها تحديد من يتحمل كل أو بعض مصاريف الدعوى على النحو المشار إليه سالفا، دون أن يكون لأي من أطراف النزاع الاعتراض على حكمها، وإلا كان اعتراضه غير قائم على أساس من القانون.

ومتى كان ذلك وكان الثابت أن كلا من الهيئة الطاعنة فى الحكم الصادر فى الدعوى الفرعية والشركة المطعون ضدها فى ذلك الحكـم قد أخفق فى بعض طلباته دون البعض الآخر، فقضت المحكمة بإلزامهما مصروفات الدعوى مناصفة بينهما، فإن حكمها -والحال كذلك- يكون قــد صدر متفقا وأحكام القانون، ويكون النعي عليه في هذا الصدد غير قائم على سند من القانون.

وحيث كان ذلك، فإن المطاعن التي تنعاها الهيئة الطاعنة على الحكـم المطعون فيه تكون غير قائمة على سند من القانون، وهو ما يتعين معه القضاء برفض الطعن.

وحيث إن من يخسر الطعن يلزم المصروفات إعمالا للمادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:

(أولا) بإثبات ترك الشركة الطاعنة الخصومة فى الطعن رقم 7905 لسنة 57ق عليا، وألزمتها المصروفات.

(ثانيا) بقبول الطعن رقم 8490 لسنة 57ق عليا شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الهيئة الطاعنة المصروفات.

([1]) قارن بالحكم الصادر عن الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا بجلسة 18 من يونيه سنة 2016

في الطعن رقم 9812 لسنة 54 القضائية عليا (منشور بهذه المجموعة، المبدأ رقم 93)، حيث قررت أن المحكمة تحكم بترك الخصومة فى مرحلة الاستئناف إذا تنازل المستأنف عن حقه، أو كان ميعاد الاستئناف قد انقضى وقت الترك، وأنه على خلاف الحال بالنسبة لترك الخصومة أمام محكمة أول درجة، قرر المشرع حكما خاصا للترك في مرحلة الطعن، مفاده أن إعمال أثر الترك في الحالتين المذكورتين يتحقق بغير حاجة إلى قبول الخصم الآخر إذا كان قد أبدى طلباته في الطعن؛ وذلك بحسبان أنه لا مصلحة له في الاعتراض على الترك حينئذ بعد أن أصبح فى مأمن من إقامة طعن جديد في الحكم الصادر لمصلحته.

([2]) ألغي هذا القانون لاحقا بموجب القانون رقم 72 لسنة 2017 بإصدار قانون الاستثمار.

Comments are closed.

xnxxbf