الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم اقتران طلب وقف التنفيذ بطلب الإلغاء
يونيو 22, 2022
الحكم القضائي
يونيو 22, 2022

الإعذار – وسائله

الاعذار – وسائله

ينشأ الالتزام لينفذ شاء المدين أم لم يشاء فللدائن أن يجبره على التنفيذ في حالة رفضه التنفيذ لصراح نص المادة 199 مدني التي تقضي بأن ” ينفذ الالتزام جبرا على المدين ” وهكذا فأن الأثر الوحيد الذي يتصور أن يترتب على الالتزام إنما هو وجوب تنفيذه هذا التنفيذ الذي قد يتم اختيارا ، وإلا جبرا  عن طريق السلطة العامة لجبر مدينه على التنفيذ .

كما أنه بالنظر إلى أن ضمان الدائن أصبح في العصر الحاضر يرد على أموال مدينه فحسب  يكون المقصود بالقهر هنا هو القهر المالي إذ لم يعد في الحقيقة للإكراه البدني الذي كأن سائدا في العصور القديمة من وجود ألا في حالات أو تطبيقات استثنائية قليلة .

          والأصل في تنفيذ الالتزام ، أن يقوم المدين بتأدية عين أو ذات ما التزم به ، حين يسمي التنفيذ في هذه الحالة بالتنفيذ العيني ، فإذا لم تتوافر شرائط هذا النوع من التنفيذ لا يكون أمام الدائن من مفر سوي بالتنفيذ بمقابل أو بطريق التعويض .

          أن ما تقدم من إمكان جبر المدين على التنفيذ إنما يصدق في الحقيقة على الالتزام في صورته العادية وهو ما يقال له الالتزام المدني حين أن هناك نوعا أخر من الالتزام يفتقر إلى إمكان جبر المدين على تنفيذه وهو ما يعرف بالالتزام الطبيعي لذلك استدركت الفقرة 2 من المادة 199 مدني ، على الأصل المقرر بفقرتها الأولى من جواز جبر المدين على تنفيذ التزامه . فقضت بأنه ” ومع ذلك ، إذا كأن الالتزام طبيعيا فلا جبر في تنفيذه ” .

          حيث أن تأخر المدين في تنفيذ التزامه لا يكون خطأ في حد ذاته طالما أن الدائن قد سكت ولم يطالب بحقه فهذا يعني أنه متسامح وأنه لم يصبه أي ضرر من تأخر المدين في تنفيذ الالتزام فإذا أراد الدائن أن ينفي أنه متسامح بل يريد الحصول على حقه في الموعد المحدد كان عليه أن يقوم بأعذار المدين وذلك بأن ينبه عليه برغبته في الحصول على حقه في الموعد المحدد والطريق القانوني الذي وضعه المشرع من أجل وضع المدين في موضع المقصر هو الأعذار للمدين الذي له أيضا الحق في أعذار دائنة في حالات وهذا ما نوضحه علي النحو التالي :

أولا : إعذار المدين :

معنى الاعذار : 

الأعذار هو تسجيل التأخير على المدين . أو بعبارة أخرى هو وضع المدين موضع المقصر في تنفيذ التزامه وذلك بتسجيل التأخير عليه ، فالتأخير الذي يعتد به المشرع ليس هو التأخير الفعلي ، وإنما التأخير القانوني وهو الحالة القانونية التي يوجد فيها المدين غير منفذ لالتزامه من لحظة أعذاره .

شــروطه الموضــوعية :

         تأخر المدين عن الوفاء بحق مشروع محدد المقدار مستحق الأداء هو مدار وجود الإعذار. وعلى هذا فإن للإعذار شروطاً موضوعية يجب أن تتوافر فيه؛ هي:

الشرط الأول : تأخر المدين :

         التأخير في هذه الحالة يكون التأخير الفعلي عن تنفيذ الالتزام رغم استحقاقه، ويجب أن يكون هذا التأخير بلا مبرر، وإلا كان الإعذار بلا معنى، من ذلك أن المدين لا يكون متأخراً في الوفاء بما عليه متى كان أحد الدائنين يطالبه بتسليم مبيع غير قابل للانقسام وكان هذا المبيع يخص دائنين آخرين معه وأن التسليم يجب أن يتم لهم جميعاً، وليس لأحدهم فقط.

         كذلك يجب أن يكون هذا التأخير راجعاً إلى المدين حتى يتوافر سبباً موضوعياً للإعذار، فمتى كان هذا التأخير راجعاً إلى الدائن، أو لقوة قاهرة فإنه ينتفى موجب الإعذار؛ كأن يتعاقد شخص ما على استئجار عيناُ مملوكة لآخر وحالت قوة قاهرة دون تنفيذ المؤجر لالتزامه وهو المدين بتسليم العين للمستأجر- كوقوع زلزال هلكت معه العين المؤجرة، ففي هذا الفرض فإنه لا جدوى من الإعذار.ورغم ذلك إن قام الدائن بإعذار المدين فإنه يحق للأخير أن يدفع ذلك بإثبات أن قوة قاهرة قد منعته من التنفيذ.

الشرط الثاني : الحماية القانونية لحق الدائن :

         يجب أن يكون حق الدائن حق مشروع يحميه القانون بواسطة الدعوى، فلا فائدة من توجيه الإعذار في دين لا يحميه القانون، كدين قد سقط بالتقادم، أو أنه دين متحصل من طريق غير مشروع ويبطل بطلاناً مطلقاً كدين القمار أو ما أشبهه.

         وفى حالة البطلان النسبي فإن الإعذار يؤتى ثماره ويكون صحيحاً، ما لم يتمسك المدين بقابلية الحق للإبطال- كوجود حالة غش أو تدليس أو نقص أهلية- حيث يحتاج البطلان النسبي إلى حكم يقرره.

الشرط الثالث : الدين محدد المقدار ومستحق الأداء :

         يجب أن يكون الدين محدداً ومستحق الأداء، فإن لم يكن محدداً فلا يصح الإعذار، كذلك يجب أن يكون حالّ الأداء، فإن كان معلقاً على شرط واقف، إلا أن هذا الشرط لم يتحقق بعد، فإنه لا يحق للدائن توجيه الإعذار إلى مدينه حيث لم يَحِلّ أجل الوفاء بعد لعدم تحقق الشرط، وكذلك في حال كون الدين مضافاً لأجل، لا يحق للدائن إعذار مدينه قبل حلول هذا الأجل، لكونه يقع على غير مستحق.

كيف يتم الأعذار : ( شروط شكلية )

ـ الإنذار :  ويتم أعذار المدين وفقا للمادة 219 مدني أما بإنذاره أو بما يقوم مقام الإنذار والإنذار هو ورقة رسمية من أوراق المحضرين يعلنها الدائن لمدينة ويدعوه فيها إلى تنفيذ التزامه ، الأمر الذي تنتفي معه بعد ذلك مظنة التسامح في التأخير .

ما يقوم مقام الإنذار : أما ما يقوم مقام الإنذار فيقصد به الأوراق الرسمية التي تنطوي على معني الأعذار . كصحيفة الدعوي أو رفعت إلى محكمة غير مختصة ، والتنبيه بالوفاء السابق على إجراء الحجز .

         وفي هذا قضت محكمة النقض أن (الإعذار هو وضع المدين موضع المتأخر في تنفيذ التزامه والأصل في الإعذار أن يكون بإنذار المدين على يد محضر بالوفاء بالالتزام، ويقوم مقام الإنذار كل ورقة رسمية يدعو فيها الدائن المدين إلى الوفاء بالتزامه، ويسجل عليه التأخير في تنفيذه، على أن تعلن هذه الورقة إلى المدين بناء على طلب الدائن

          صحيفة الدعوى : إن إعلان صحيفة افتتاح الدعوى إذا تضمن تكليف المدين بالوفاء فإنه يقوم مقام الإنذار ، فكثيراً ما يتم إنذار المدين في نفس صحيفة الدعوى فتكون الصحيفة إنذاراً ومطالبة في نفس الوقت لكن في هذه الحالة سوف يتحمل الدائن الدعوى ومصروفاتها متى بادر المدين إلى التنفيذ العيني بناء على الإعذار الضمني المستفاد من رفع الدعوى، حيث أنه قبل هذا التكليف لم يكن مقصراً في تنفيذ التزامه لعدم سابقة إعذاره إذن فإعلان صحيفة افتتاح الدعوى يحل محل الإنذار، إذ أن مجرد رفع الدعوى يتضمن إعذار المدين، علي أنه استثناء  عن ذلك توجد  حالات يستلزم فيها القانون إعذار المدين أولاً حتى يتم قبول الدعوى  فهو بذلك يكون شرطاً أساسياً لقبول مثل هذه الدعوى مثال لذلك ما أوجبه قانون إيجار الأماكن السكنية رقم 136 لسنة 1981م من ضرورة قيام المؤجر بتكليف المستأجر بالوفاء أولاً حتى يمكن قبول دعواه بالإخلاء أو الطرد: ( لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية : … (ب) إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تكليفه بذلك بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول دون مظروف أو بإعلان على يد محضر…) فإن وجوب الإعذار في هذه الحالة يعد استثناء من الأصل فإن انتفى أو كان باطلاً أو تم النزول عنه فإنه يترتب على ذلك عدم قبول دعوى الإخلاء.

         محضر الحجز على أموال المدين : بتوقيع هذا الحجز يكون الدائن قد وضع المدين في موضع المهمل المقصر في تنفيذ التزاماته، وبذلك يعتبر إعذاراً يتحقق به الإنذار.. والقاعدة أن التنفيذ جبراً بواسطة المحضر- حيث أن الحجز من أعمال التنفيذ- لا يكون صحيحاً إلا إذا تم إعلان السند التنفيذي إلى المدين وكان هذا الإعلان مشتملاً على تكليفه بالوفاء ، فإعلان السند التنفيذي الذي يسبق إجراءات التنفيذ يقوم مقام الإنذار .

وفيما عدا الإنذار وما يقوم مقامه من أوراق رسمية لا تكفي الأوراق الأخرى غير الرسمية حتى ولو كانت خطابا مسجلا مصحوبا بعلم الوصول .

– غير أنه لما كأن من الجائز أن يصير الاتفاق بين الدائن والمدين على إعفاء الأول من واجب الأعذار كلية ، فمن باب أولى يجوز الاتفاق على تخفيف وسيلة الأعذار كأن يكتفي مثلا بورقة عرفية كخطاب مسجل . كما يلاحظ من ناحية أخرى أن اشتراط القانون الورقة الرسمية في الأعذار إنما ينصرف إلى المسائل المدنية . أما المسائل التجارية فتكفي فيها الورقة غير الرسمية بل ومجرد الإخطار الشفوي إذا جري العرف على ذلك .

الحالات التي لا ضرورة فيها للأعذار :

غير أن المبرر من الأعذار يقتضي القول بعدم ضرورة هذا الإجراء في الحالات الآتية :

أ ــ الاستغناء عن الأعذار اتفاقا :

لما كأن الأعذار نظاما لا يتعلق استلزامه بالنظام العام لذلك جاز للدائن أن يتفق مع مدينه على إعفائه منه ليصبح المدين معذرا فور حلول اجل الالتزام وفي هذا المعني تقضي المادة 219 مدني بأن الأعذار ” يجوز أن يكون مترتبا على اتفاق يقضي بأن يكون المدين معذرا بمجرد حلول الأجل دون حاجة إلى أجراء أخر ” ومثل هذا الاتفاق يمكن أيضا أن يكون ضمنيا يستخلصه القاضي من ظروف التعاقد . على أنه يجب أن تكون دلالة الظروف واضحة في معني تنازل المدين عن حقه فيه .

ب ـ لا مبرر للأعذار حين يصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين :

مثال ذلك أن يلتزم المدين بالامتناع عن القيام بعمل ولكنه يقوم به مخالفا الالتزام فلما كان قوام الأعذار دعوة المدين إلى التنفيذ ونفي مظنة التسامح معه في التأخير فأنه يفترض بالضرورة إمكان هذا التنفيذ فإذا كأن هذا الأخير – على العكس – قد أصبح مستحيلا فإما أن تكون هذه الاستحالة بفعل المدين ، وعندئذ يعد مسئولا عن نتائج عدم التنفيذ دون مبرر للأعذار ، أو تكون راجعة إلى سبب أجنبي ، وهنا يعفي المدين من التزامه كلية 

كذلك لا ضرورة للأعذار إذا كأن تنفيذ الالتزام ولو أنه ما زال ممكنا ألا أنه قد أصبح غير مجد بفعل المدين . وذلك – على سبيل المثال – كما لو كأن التنفيذ واجبا في فترة معينة بالذات وتركها المدين تمر دون تنفيذ .

ج ـ إظهار النية – صراحة – في عدم التنفيذ :

كذلك يفقــد الأعذار مبرره إذا صرح المدين بأنه لا يريد القيام بتنفيذ التزامه (م 22 ) . فلا جدوى في هذه الحالة من دعوته للتنفيذ . وقد اشترط القانون أن يكون هذا التصريح كتابة .

د ـ لا حاجة للأعذار في الالتزامات غير التعاقدية :

صرحت المادة 22 بعدم ضرورة الأعذار ” إذا كأن محل الالتزام تعويضا ترتب على عمل غير مشروع ، أو رد شئ يعلم المدين أنه مسروق ، أو شئ تسلمه دون حق وهو عالم بذلك ” . ولما كأن المدين في الحالتين ، ما بين مرتكب لفعل غير مشروع ، أو مثر على حساب الغير بسوء نية . كأن من غير المفهوم أو المبرر أن يحاط بضمانة الأعذار

النتائج التي تترتب على الأعذار :

– يترتب على الأعذار نتيجتان هامتان :

استحقاق الدائن تعويضا عن الأضرار التي تلحقه من تأخر المدين في التنفيذ بعد أعذاره . وذلك فيما عدا حالة الالتزام بدفع مبلغ من النقود حيث لا يستحق التعويض عن التأخير ، ويسمي الفوائد ، ألا منذ المطالبة القضائية بها .

     نقل تبعة الهلاك إلى عاتق المدين ولو كانت قبل الأعذار على عاتق الدائن . وأساس ذلك أن المدين – بعد أعذاره – يعتبر مقصرا الأمر الذي يستوجب إلقاء تبعة الهلاك عليه .

ففي الوديعة على سـبيل المثال إذا هلك الشيء المودع ، بفعل قوة قاهرة تحت يد المودع لدية . فأنه يهلك على الدائن بالتسليم وهو المودع . فإذا كأن قد سبق واعذر المدين بالتسليم ( وهو المودع لديه مطالبا إياه بتسليم الشيء الذي هلك بعد ذلك تحت يده . انتقلت تبعـة الهلاك إلى عاتق هذا المدين . اللهم ألا إذا استطاع أن يثبت أن الشيء كأن هالكا لا محاولة تحت يد الدائن لو أنه سلمه إليه . ومع ذلك تظل تبعة الهلاك على عاتق المدين حتى في هذه الحالة الأخيرة إذا كأن قد اتفق مع الدائن على تحمل تبعة الحوادث المفاجئة

ــ ثانيا : إعذار الــــدائن

          إن التنفيذ العيني للالتزام هو الصورة الغالبة للوفاء الذي به تبرأ ذمة المدين إلا أن الدائن في بعض الأحيان قد يرفض لأي سبب يراه قبول الوفاء الذي تقدم به مدينه وحتى يبرئ المدين ذمته من هذا الالتزام يقوم بتوجيه إعلان رسمي على يد محضر إلى دائنة يسجل عليه به رفضه لقبول الوفاء.

          وقد أوردت المادة 334 مدني تعنت الدائن برفضه قبول الوفاء في عدة حالات حيث نصت على أن: (إذا رفض الدائن دون مبرر قبول الوفاء المعروض عرضاً صحيحاً أو رفض القيام بالأعمال التي لا يتم الوفاء بدونها أو أعلن أنه لن يقبل الوفاء اعتبر انه قد تم إعذاره من الوقت الذي يسجل المدين عليه هذا الرفض بإعلان رسمي  (

          ونعرض في

أولا : صور تعنت الدائن برفضه قبول الوفاء من مدينه، :

          فكرة إعذار المدين لدائنه عند تعنته لرفضه قبول وفاء مدينه بما عليه من دين نشأ عن الالتزام القائم بينهما ، كما أن الإعذار الذي يوجهه المدين إلى دائنة يجب أن يكون بعد عرض الدين عليه عرضاً حقيقياً قابله بالرفض  مع ملاحظة أن هذا العرض حتى يكون صحيحاً يجب أن يشمل كامل الدين، وملحقاته دون نقصان  وفى الوقت المتفق عليه للوفاء أو  .

          وعرض المدين للوفاء لا يكون على يد محضر، كما تجرى طبيعة الأمور، وإنما يتم مباشرة بين المدين ودائنة ، فإن رفض الدائن قبول عرض الوفاء هذا فما على المدين إلا أن يوجه له إعلاناً رسمياً- الإعذار على يد محضر يعرض فيه على دائنة الوفاء بما عليه من دين قِبَلِهِ  مثال ذلك إنذار عرض الأجرة الذي يقوم المستأجر بتوجيهه إلى المؤجر عارضاً عليه القيمة الإيجازية للعين المؤجرة بعد رفض هذا الأخير لقبول القيمة الإيجازية من المستأجر بلا مبرر.

نصت المادة 334 مدني على صور ثلاث كما سبق:

الصورة الأولى : رفض قبول الوفاء المعروض دون مبرر

          ورفض الدائن في هذه الصورة سواء كان صريحاً أو يستفاد من تصرفاته يوجب على المدين اتخاذ هذه الإجراءات التي نص عليها القانون، بأن يقوم بتسجيل هذا الرفض في إعلان رسمي، حتى يكون الدائن معذراً من تاريخ هذا الإعلان ، حيث يقوم من خلال هذا الإعلان بعرض الدين على دائنة عرضاً قانونياً، يودعه بعد ذلك على إثره خزينة المحكمة على ذمة المعروض له وهو الدائن.. وبهذا الإجراء يكون المدين قد أوفى بما عليه من دين، ويكون الدائن معذراً من تاريخ هذا الإعلان.

 

الصورة الثانية : رفض القيام بالأعمال التي لا يتم الوفاء بدونها

          من أمثلة ذلك أن يمتنع البائع لعقار عن الذهاب مع المشترى إلى مصلحة الشهر العقاري للقيام بالإجراءات اللازمة للتسجيل، ففي مثل هذه الحالات وما شابهها، يجب أيضاً على المدين اتخاذ الإجراءات التي نصت عليها المادة 334 مدني من ضرورة العرض الرسمي للوفاء بإعلان رسمي على يد محضر.

الصورة الثالثة : إعلان الدائن أنه لن يقبل الوفاء

          قد يسبق الدائن الأحداث ويوجه إلى مدينه إعلاناً يخبره فيه أنه لن يقبل الوفاء، حتى من قبل أن يقوم المدين بعرض هذا الوفاء، ففي هذا التوقيت يحق للمدين سلوك الطريق الذي رسمته المادة 334 مدني من وجوب تسجيل رفض الدائن لقبول الوفاء بالدين، بعرض الوفاء عرضاً حقيقياً ثم الإيداع، وهو بذلك يكون قد رد على الدائن رداً قانونياً على تصريحه بعدم قبوله الوفاء.

آثار إعذار المدين للدائن :

          نصت المادة 335 مدني بقولها ( إذا تم إعذار الدائن تحمل تبعة هلاك الشئ أو تلفه ووقف سريان الفوائد وأصبح للمدين الحق في إيداع الشئ على نفقة الدائن والمطالبة بتعويض ما أصابه من ضرر (  ومن ثم يمكن إجمال هذه الآثار

1 ـ تحمل الدائن لتبعة هلاك أو تلف الشئ هلاك الشئ يكون بزواله ومقوماته الطبيعية من الوجود  :

          مثال ذلك قيام البائع بعرض تسليم المبيع على المشترى عرضاً صحيحاً، فيمتنع الأخير دون مبرر عن الاستلام، فيقوم البائع بتسجيل هذا الامتناع على المشترى بإعلان على يد محضر، فتنتقل تبعة هلاك المبيع- رغم كونها تحت يد البائع المدين بالتسليم- إلى المشترى- الدائن بالتسليم- من لحظة وصول الإعلان إليه، على الرغم من أن تبعة الهلاك كانت على عاتق المدين البائع قبل توجيه هذا الإعذار إلى المشترى الدائن.

2 ـ وقف سريان الفوائد :

          طبقا للمادة 226 مدني إذا كان محل الالتزام مبلغا من المال وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به, كان ملزما بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخر فوائد قدرها أربعة في المائة في المسائل المدنية وخمسة في المائة في المسائل التجارية. وتسرى الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها ، إلا أن قيام المدين بإعذار الدائن يوقف سريان الفوائد سواء كانت فوائد اتفاقية أو قانونية إذا كان الدين نقوداً-دونما حاجة للعرض الحقيقي والإيداع ، وذلك حماية للمدين من دائنة المتعنت

3 ـ جواز عرض الدين عرضاً حقيقياً وإيداعه :

          ذكرت المادة 335 مدني: (…وأصبح للمدين الحق في إيداع الشئ على نفقة الدائن..)، فمن آثار توجيه المدين الإعذار إلى دائنة أنه يكون بإمكانه أن يودع الدين وهو حق الدائن الذي تم إعذاره على نفقة هذا الدائن.

          وقد أوردت المادة 487 مرافعات على أن: ( يحصل العرض الحقيقي بإعلان الدائن على يد محضر ويشتمل محضر العرض على بيان الشيء المعروض وشروط العرض وقبول المعروض أو رفضه  ويحصل عرض ما لا يمكن تسليمه من الأعيان في موطن الدائن بمجرد تكليفه على يد محضر بتسليمه)

          فالعرض الحقيقي يكون بإعلان على يد محضر مشتملاً على بيانات المعروض وشروط العرض وبالطبع يثبت في هذا الإعلان قبول أو رفض الدائن للوفاء. فالعرض الحقيقي هو أن يُسلم المدين للمحضر الشئ محل الدين سواء كان نقوداً أو أشياءً أخرى تصلح لتسليمها للدائن في موطنه ليعرضها عليه أما إن كان محل الدين مما لا يمكن تسليمه للدائن في موطنه كالعقار فيحصل عرضها بمجرد تكليفه بتسلمها على يد المحضر حسب ما نصت عليه المادة 487 مرافعات، فالوفاء عندئذ يكون بقبول الدائن لهذا العرض، فإن رفض ذكر المحضر رفضه في محضره وانتقل بعد ذلك إلى الإيداع

          والإيداع يكون في خطوة تالية للعرض  وهذا ما تفضي إليه عبارات المادة 339 مدني والتي تنص على أن ( يقوم العرض الحقيقي بالنسبة إلى المدين مقام الوفاء, إذا تلاه إيداع يتم وفقاً لأحكام قانون المرافعات أو تلاه أي إجراء مماثل وذلك إذا قبله الدائن أو صدر حكم نهائي بصحته)، فيجب حتى يتم اعتبار المدين قد أوفى بما عليه من دين فعليه الإعذار أولاً ثم العرض الحقيقي بإعلان على يد محضر ثم الإيداع أو أي إجراء مماثل.

          والإيداع يكون على نفقة الدائن بحسب نص المادة 335 مدني، فهو المتسبب في تأخر الوفاء لذا فكان لزاماً عليه أن يتحمل نتيجة رفضه بأن تكون نفقات الإيداع على عاتقه.

          وقد أوردت المادة 488 مرافعات تنظيماً لعملية الإيداع : ( إذا رفض العرض وكان المعروض نقودا قام المحضر بإيداعها خزانة المحكمة في اليوم التالي لتاريخ المحضر على الأكثر  وعلى المحضر أن يعلن الدائن بصورة من محضر الإيداع خلال ثلاثة أيام من تاريخه. وإذا كان المعروض شيئاً غير النقود جاز للمدين الذي رُفض عرضه أن يطلب من قاضى الأمور المستعجلة الترخيص في إيداعه بالمكان الذي يُعَيِّنَهُ القاضي إذا كان الشيء مما يمكن نقله أما إذا كان الشيء معداً للبقاء حيث وجد- كالعقارات المبنية، والأراضي الزراعية- جاز للمدين أن يطلب وضعه تحت الحراسة )

          والمادة 337 مدني قد قررت حكمها في مسألة محل الدين سريع التلف حيث نصت على: (1) يجوز للمدين بعد استئذان القضاء أن يبيع بالمزاد العلني الأشياء التي يسرع إليها التلف أو التي تكلف نفقات باهظة في إيداعها أو حراستها وأن يودع الثمن خزانة المحكمة.

(2) فإذا كان الشئ له سعر معروف في الأسواق أو كان التعامل فيه متداولا في البورصات فلا يجوز بيعه بالمزاد إلا إذا تعذر البيع ممارسة بالسعر المعروف)، وذلك متى كان محل الوفاء يخشى عليه من التلف كالفاكهة فهي سريعة التلف، أو كان يتكلف في حفظه نفقات باهظة كالطيور أو الحيوانات غالية الثمن نادرة الوجود، فقد أجاز المشرع للمدين عند امتناع الدائن عن قبول الوفاء بعد إثبات هذا الامتناع عليه بالأعذار، أن يبيع محل الدين بعد استئذان القاضي قبل اتخاذ إجراءات البيع، لكن عند الضرورة فإن المشرع قد سمح للمدين أن يقوم ببيع الشئ عند الضرورة دون استئذانه، على أن يتم البيع بسعر الشئ المعروف في الأسواق ثم يقوم بعد ذلك بإيداع الثمن، فإن تعذر البيع بهذه الطريقة فإن للمدين أن يلجأ إلى البيع عن طريق المزاد العلني على أن يقوم أيضاً بإيداع ثمن البيع

          و يكون الإيداع أو ما يقوم مقامه من إجراء جائزاً أيضاً إذا كان المدين يجهل شخصية الدائن وموطنه كأن يكون الدائن وارثاُ مجهولاً, أو كان الدائن عديم الأهلية أو ناقصها ولم يكن له نائب يقبل عنه الوفاء، أو كان الدين متنازعاً عليه بين عدة أشخاص ولم يتحقق المدين يقيناً من شخصية الدائن الحقيقي منهم, أو كانت هناك أسباب جدية أخرى تبرر هذا الإجراء كأن يكون المدين يطالب بالتزام مقابل تعذر عليه استيفاؤه قبل أن يقوم بالوفاء بما عليه من دين  وهذا ما نصت عليه وأوضحته المادة 338 مدني.

Comments are closed.

xnxxbf