علاقة القاضى بالدولة
أبريل 26, 2022
الدعوي
أبريل 28, 2022

الدفع بعدم الاختصاص

الدفع بعدم الاختصاص

يتعين علي كل من أراد العمل في القضايا المتعلقة بالقضاء الإداري سواء أكان من المحامين أو القضاة إتقان إجراءات التقاضي أمام محاكم مجلس الدولة وفي القلب منها قانون المرافعات المدنية والتجارية وما استقر في قضاء مجلس الدولة من مبادئ قانونية، و كذلك إتقان الدفوع التي يبديها أطراف الخصومة وهى من قبيل الدفاع، ولكن الدفاع وإن كان ردوداً قانونية حول ذات الأسباب القانونية والواقعية التي يستند إليها المدعى في دعواه، إلا أن الدفوع لها ذاتية مستقلة عن الدفاع، كأن يرد دعواه بأنها غير مرفوعة أمام الجهة المختصة أو غير مقبولة شكلاً أو سبق نظرها أو نحو ذلك.

    ومن هنا تأتي نظرية الدفوع في القضاء الإداري خارجة عن الأصول العامة المستقرة أمام القضاء العادي في كثير من نواحيها، والمنازعات الإدارية تتعلق بالنظام العام لتعلق القانون الإداري والأوضاع التي يحكمها بالنظام العام.

** مدى تعلق الدفوع أمام القضاء الإداري بالنظام العام:(1)

أولاً: الدفع بعدم الاختصاص الوظيفي أو النوعي أو الولائي:

هو دفع متعلق بالنظام العام بنص قانون المرافعات، ومع ذلك فإن الدفع بعدم اختصاص المحكمة الإدارية يكون أحياناً وظيفياً ومن النظام العام،  وأحياناً لا يكون كذلك.

ثانياً: الدفع بعدم الاختصاص المحلى:

    كأن تختص المحكمتان الإداريتان بالمادة ذاتها، ولكن ينقسم الاختصاص بينهما إقليمياً. وهنا يجوز للأفراد أن يتفقوا على خلاف القواعد المقررة للاختصاص المحلى بشرط أن يكون الاتفاق مبرراً بالصالح العام، وهذا الأمر مقبول باعتبار أن الجهة الإدارية تكون دائماً طرفاً في الاتفاق وأن القاضي دائماً يراقب مدى موافقته للصالح العام.

ثالثاً: الدفع بعدم الصفة:     

    تختلف طبيعة هذا الدفع بحسب الأحوال، فإن كانت الدعوى مرفوعة من غير ذي صفة فإنه يخالف النظام العام أن تلتزم أمامه الجهة الإدارية بالدين المحكوم به أو بإلغاء القرار المطعون فيه، وإن كان قد رفع دعواه على جهة إدارية لا صفة لها فإنه مما يخالف النظام العام أن يحكم ضدها بما لا يتيسر لها تنفيذه، وكذلك الأمر إذا ما رفعت الإدارة دعوى موضوعية ضد فرد غير ذي  صفة فمما يخالف النظام العام أن يوضع هذا الفرد نتيجة للحكم في مركز قانوني مخالف للقانون.

رابعاً: الدفع بعدم المصلحة:

    شأنه كشأن الدفع بعدم الصفة مع اعتبار أن المصلحة يختص بها المدعى فقط.

خامساً: الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها:

    نصت المادة )116 من قانون المرافعات) على أن:

»الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها«، وقد عبرت المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات عن ذلك بقولها إن هذا الدفع من النظام العام، وعلى ذلك سار اتجاه المحكمة الإدارية العليا(1)

سادساً: الدفع برفع الدعوى بعد الميعاد:  

    وهو دفع من النظام العام ويجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى وفى أية مرحلة(2)

سابعاً: الدفع بعدم الدستورية:

    وهو دفع يترتب عليه إيقاف الدعوى أمام المحكمة الناظرة للدعوى إذا قدرت جدية الدفع حتى يستصدر صاحب الشأن حكماً في الدفع من المحكمة الدستورية العليا.

والقاضي الإداري لا تواجهه الصعوبة الفنية التي يواجهها القاضي في المحاكم المدنية والتجارية في الدفوع التي يجب التمسك بها قبل الكلام في الموضوع وتلك المتعلقة بالنظام العام والتي يجوز التمسك بها في أي وقت، إذ يعتبر القاضي الإداري جميع الدفوع تقريباً متعلقة بالنظام العام على النحو السالف بيانه.  

 

الأحكام العامة
في الدفع بعدم الاختصاص

الدفع بعدم الاختصاص هو من الدفوع الإجرائية أو الشكلية، وهذا النوع من الدفوع لم يرد بقانون المرافعات على سبيل الحصر، وإنما أوردت المادة 108 منه بعض هذه الدفوع وهى:

1- الدفع بعدم الاختصاص المحلى.

2- الدفع بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى لقيام ذات النزاع أمامها أو للارتباط.

3- الدفع بالبطلان.

فنصت المادة 108 من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أن:

»الدفع بعدم الاختصاص المحلى والدفع بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى لقيام ذات النزاع أمامها أو للارتباط والدفع بالبطلان وسائر الدفوع المتعلقة بالإجراءات يجب إبداؤها معاً قبل إبداء أي طلب أو دفاع في الدعوى أو دفع بعدم القبول وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها. ويسقط حق الطاعن في هذه الدفوع إذا لم يبدها في صحيفة الطعن.

ويحكم في هذه الدفوع على استقلال ما لم تأمر المحكمة بضمها إلى الموضوع وعندئذ تبين المحكمة ما حكمت به في كل منها على حدة.

ويجب إبداء جميع الوجوه التي يبنى عليها الدفع المتعلق بالإجراءات معاً وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها «.

كما أوردت المادة 109 منه بعض هذه الدفوع وهي:

1- الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها.

2- الدفع بعدم اختصاص المحكمة بسبب نوع الدعوى.

3- الدفع بعدم اختصاص المحكمة بسبب قيمة الدعوى.

فنصت المادة 109 من القانون المشار إليه على أن:

»الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها أو بسبب نوع الدعوى أو قيمتها تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها. ويجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى«.

وقد أفصحت المادة 108 سالفة البيان بأن الدفوع الشكلية لم ترد على سبيل الحصر بقولها بعد النص على الدفوع الواردة بها (وسائر الدفوع المتعلقة بالإجراءات).

ومعنى ذلك أن كل دفع يتعلق بالإجراءات يعتبر دفعاً شكلياً ولو لم ينص عليه بالمادة، وهذه الدفوع لا يرد عليها الحصر.

وقد أفصحت المذكرة الإيضاحية للمادتين (108) و (109) من قانون المرافعات بأنه “واذا كان القانون رقم 100 لسنه 1962 قد عدل من المادتين 132 ، 134 من القانون القائم بما يجعل الاختصاص بسبب قيمة الدعوى غير متعلق بالنظام العام مستنداً في ذلك إلى أن تشكيل المحكمة الجزئية والمحكمة الابتدائية أضحى من قاض واحد على سواء وذلك في ظل العمل بنظام الفرد بالمحاكم الابتدائية، ولما كان قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنه 1965 قد ألغى العمل بهذا النظام فقد رأى المشروع أن يعود بالاختصاص بسبب قيمة الدعوى إلى دائرة الاختصاص المتعلقة بالنظام العام، وهو ما اقتضى تعديلاً أبرزه المشروع في المادتين 108 ، 109 منه.

كما نصت المادة (110) منه على أنه:

»على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة، ولو كان عدم الاختصاص متعلقاً بالولاية. ويجوز لها عندئذ أن تحكم بغرامة لا تجاوز أربعمائة جنيه.

وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها «.

وعن اتفاق الخصوم على التقاضي أمام محكمة غير المرفوعة إليها الدعوى نصت المادة (111)  من القانون على أنه:

»إذا اتفق الخصوم على التقاضي أمام محكمة غير المرفوعة إليها الدعوى جاز للمحكمة أن تأمر بإحالة الدعوى إلى المحكمة التي اتفقوا عليها«.

ويلاحظ أن المشرع قد عدل من حكم المادة 136 من القانون الملغى التي كانت تقضى بأنه إذا اتفق الخصوم على التداعي أمام محكمة غير المحكمة المرفوعة إليها الدعوى أمرت هذه المحكمة بإحالة الدعوى الى المحكمة التي اتفقوا عليها وقد رأى المشروع أن يجعل الأمر بالإحالة في هذه الحالة جوازياً للمحكمة المرفوعة إليها الدعوى، إذ قد ترى المحكمة الاستمرار في نظر الدعوى والحكم فيها رغم اتفاق الخصوم إذا اقتضى ذلك حسن سير العدالة كما إذا كانت المحكمة قد قطعت شوطاً طويلاً في تحقيق الدعوى.

ونصت المادة (112)  من القانون على أنه:

) إذا رفع النزاع ذاته إلى محكمتين وجب إبداء الدفع بالإحالة أمام المحكمة التي رفع إليها أخيراً للحكم فيه.

وإذا دفع بالإحالة للارتباط جاز إبداء الدفع أمام أي من المحكمتين. وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها (.

كما نصت المادة (113) منه على أنه:

(كلما حكمت المحكمة في الأحوال المتقدمة بالإحالة كان عليها أن تحدد للخصوم الجلسة التي يحضرون فيها أمام المحكمة التي أحيلت إليها الدعوى وعلى قلم الكتاب أخبار الغائبين من الخصوم بذلك بكتاب مسجل مصحوب بعلم الوصول).

والأحكام الواردة في تلك النصوص جميعها لا تتعارض مع الإجراءات أمام مجلس الدولة، كما سيبين من عرض التطبيقات القضائية لها في كل من قضاء محكمة النقض وقضاء مجلس الدولة.

الدفع بعدم الاختصاص
في قضاء مجلس الدولة (1)

   البحث في الاختصاص يسبق البحث في شكل الدعوى وموضوعها – قواعد الاختصاص المحددة لولاية جهتي القضاء العادي والإداري من النظام العام – لا يستمد القضاء ولاية الفصل في موضوع النزاع وفيما يتفرع عنه من دفوع شكلية وموضوعية إلا من إسناد ولاية الفصل في موضوع النزاع إليه بمقتضي الدستور والقانون.

 وحيث إن البحث في الاختصاص يسبق البحث في شكل الدعوى وموضوعها، ذلك أن قواعد الاختصاص المحددة لولاية جهتي القضاء العادي والإداري من النظام العام، ومن ثم تعين علي القضاء، بحسبانه أميناً على النظام العام، أن يتصدى له من تلقاء ذاته، ولو غفل ذوو الشأن عن الدفع به، وذلك من قبل أن يتصدى بالفصل في أي دفع آخر، شكلي أو موضوعي، ومن باب أولى من قبل تصديه بالفصل في موضوع النزاع، إذ لا يستمد القضاء ولاية الفصل في موضوع النزاع وفيما يتفرع عنه من دفوع شكلية وموضوعية، إلا من إسناد ولاية الفصل في موضوع النزاع إليه بمقتضي الدستور والقانون، ومن ثم وجب عليه أن يستبين إسناد هذه الولاية ابتداء لمحاكم مجلس الدولة وقبل الفصل في الموضوع وما يتصل به أو يتفرع عنه من دفوع وذلك إعمالاً لما تقضي به المادة (172) من الدستور وأحكام القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة كجزء من النظام العام الدستوري والقضائي في البلاد.

(محكمة القضاء الإداري – دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار – الدعوى رقم 38683 لسنة 63 القضائية – جلسة 31/10/2009)

** حكم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر قرارات خصخصة وبيع شركات القطاع العام:

 (1) الاختصاص الولائي يعتبر من النظام العام، ويكون مطروحاً دائماً على المحكمة كمسألة أولية وأساسية تقضي فيها من تلقاء نفسها دون حاجة إلى دفع بذلك من أحد الخصوم بما يكفل ألا تقضي المحكمة في الدعوى أو في شق منها على حين تكون المنازعة برمتها مما يخرج عن اختصاصها وولايتها.

(2) اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى يتحدد بحسب المنازعة المعروضة على المحكمة وطبيعة القرار الإداري المطعون فيه إن وجد.

(3) ذلك فالشركات القابضة لا تملك أي حق في بيع أي قدر من المال العام إلا وفقاً لقرارات إدارية تصدر من السلطات الإدارية بالدولة ضمن برنامج الخصخصة تبدأ بتحديد اللجنة العليا للخصخصة المشار إليها وحدها ودون غيرها المشروعات والشركات التي يمكن طرحها للخصخصة، وما يتعين أن يبقى منها تحت سيطرة الدولة، ووضع خطة شاملة للخصخصة مدعمة ببرنامج زمني في ضوء ما تقدمه الجهات المختصة من بيانات أو تقارير، واقتراح المعايير والضوابط التي تتم على أساسها الخصخصة، وتوجيه صرف أو استثمار ناتج الخصخصة إلى الخزانة العامة، ثم اعتمادها لتوصيات الوزراء المعنيين بشأن تقييم الشركات والأصول المطروحة للبيع وتحديد قيمتها والجدول الزمني لطرح هذه الشركات والأصول، وتنتهي بتولي اللجنة رفع تقاريرها وتوصياتها شهرياً إلى مجلس الوزراء الذي يتعين عليه اعتماد أو رفض اعتماد عملية البيع التي تتم في إطار برنامج الخصخصة.

(4) الجهات التي تتولى بيع مساهمات المال العام المملوكة للدولة والبنوك وشركات قطاع الأعمال العام والأشخاص الاعتبارية العامة، ومنها الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس إنما تقوم بإجراءات البيع نيابة عن الدولة وأشخاصها الاعتبارية العامة، وبتفويض منها، ومن ثم فإن القرارات التي تصدرها تلك الجهات ما هي في حقيقة الأمر إلا تعبيراً عن الإرادة الملزمة للدولة بقصد تنمية وتشجيع الاستثمار من خلال توسيع قاعدة ملكية شركات قطاع الأعمال العام تحقيقاً للمصلحة العامة، وتعد بهذه المثابة صادرة عن هذه الجهات باعتبارها سلطة عامة، وتكون الموافقة عليها من المجموعة الوزارية للسياسات الاقتصادية ثم اعتمادها من كل من اللجنة الوزارية للخصخصة ومجلس الوزراء قرارات إدارية مما يندرج الطعن عليها ضمن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري.

(5) القرار المطعون فيه، ولئن تعلق ضمن مراحله بإجراءات خصخصة وبيع شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج كمال مملوك للدولة ملكية خاصة والتي تولتها الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس رغم كونها شخص من أشخاص القانون الخاص، إلا أنه يعد قراراً إدارياً بامتياز، باعتبار أنه جاء تعبيراً عن الإرادة الملزمة لجهة الإدارة التي حددت شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ضمن برنامج الخصخصة وقررت معايير وضوابط خصخصتها، وأنابت وفوضت الشركة القابضة المذكورة في التعبير عن هذه الإرادة، بل واعتمدت تلك الإجراءات وأقرت بما انتهت إليه بالعرض على كل من المجموعة الوزارية للسياسات الاقتصادية واللجنة الوزارية للخصخصة ومجلس الوزراء، وتضمن تصرفاً ناقلاً للملكية ببيع 100% من أصول شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج وآخر بتقرير حق انتفاع لمدة (25) سنة على أراضي الشركة تجدد لمدة أخرى بمقابل انتفاع ثابت لا يتغير. ومن ثم لا يكون ثمة شك في الطبيعة القانونية للقرار المطعون فيه، وبالتالي تختص هذه المحكمة بالفصل في طلب إلغاءه، الأمر الذي يتعين معه رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى والقضاء باختصاصها.

وحيث إنه وعن الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، فمن الأمور المسلمة أن الاختصاص الولائي يعتبر من النظام العام، ويكون مطروحاً دائماً على المحكمة كمسألة أولية وأساسية تقضي فيها من تلقاء نفسها دون حاجة إلى دفع بذلك من أحد الخصوم بما يكفل ألا تقضي المحكمة في الدعوى أو في شق منها على حين تكون المنازعة برمتها مما يخرج عن اختصاصها وولايتها. (المحكمة الإدارية العليا – الطعن رقم 382 لسنة 34 ق – جلسة 20/6/1994 – والطعن رقم 1597 لسنة 30 ق – جلسة 8/6/1991)

وحيث إن قضاء مجلس الدولة الفرنسي وقد اشترط لعدم إضفاء صفة الأعمال الإدارية على القرارات غير اللائحية التي تتعلق بإدارة الأموال المملوكة للدولة وأشخاصها الاعتبارية العامة ملكية خاصة Les decisions non reglementaires relatives a la gestion du domaine prive ألا تكون هذه القرارات منفصلة “Detachable” عن إدارة المال الخاص، أو تتعلق بتسيير مرفق عام “se rattache a l’execution d’un service public”. ومن ثم قضى مجلس الدولة الفرنسي باعتبار القرارات الصادرة بتقسيم استعمال بعض الأماكن الواقعة بمباني مملوكة للدولة ملكية خاصة بين بعض النقابات قرارات إدارية، كما قضى باعتبار القرار الصادر بالترخيص بقطع الأخشاب بإحدى الغابات المملوكة للدولة ملكية خاصة قراراً إدارياً لارتباطه بمرفق حماية الغابات.(Rene Chapus, Droit Administratif General, tom1, 11edition, p480-482)

 وحيث إنه في ضوء ما تقدم، فإن القرار المطعون فيه، ولئن تعلق ضمن مراحله بإجراءات خصخصة وبيع شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج كمال مملوك للدولة ملكية خاصة والتي تولتها الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس رغم كونها شخص من أشخاص القانون الخاص، إلا أنه يعد قراراً إدارياً بامتياز، باعتبار أنه جاء تعبيراً عن الإرادة الملزمة لجهة الإدارة التي حددت شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ضمن برنامج الخصخصة وقررت معايير وضوابط خصخصتها، وأنابت وفوضت الشركة القابضة المذكورة في التعبير عن هذه الإرادة، بل واعتمدت تلك الإجراءات وأقرت بما انتهت إليه بالعرض على كل من المجموعة الوزارية للسياسات الاقتصادية واللجنة الوزارية للخصخصة ومجلس الوزراء، وتضمن تصرفاً ناقلاً للملكية ببيع 100% من أصول شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج وآخر بتقرير حق انتفاع لمدة (25) سنة على أراضي الشركة تجدد لمدة أخرى بمقابل انتفاع ثابت لا يتغير. ومن ثم لا يكون ثمة شك في الطبيعة القانونية للقرار المطعون فيه، وبالتالي تختص هذه المحكمة بالفصل في طلب إلغاءه، الأمر الذي يتعين معه رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى والقضاء باختصاصها.

(محكمة القضاء الإداري – دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار – الدعوى رقم 34517 لسنة 65 القضائية – جلسة 21/9/2011 – وأيضاً في ذات المعنى: أحكام محكمة القضاء الإداري بذات الجلسة في الدعاوى رقم 40848 لسنة 65 القضائية – ورقم 34248 لسنة 65 القضائية – ورقم 40510 لسنة 65 القضائية – وجميع هذه الأحكام مؤيدة بأحكام المحكمة الإدارية العليا)

أولاً – الدفع بعدم الاختصاص من النظام العام:

الدفع بعدم الاختصاص يثار في أي وقت و المحكمة تحدد ولايتها من تلقاء نفسها.

إن الدفع بعدم الإختصاص من الموضوعات التى تثار فى أية حالة كانت عليها الدعوى بل وللمحكمة من تلقاء نفسها أن تبحث فى تحديد ولايتها فإن ثبت لها عدم وجودها، لها أن تقضى بعدم اختصاصها من تلقاء نفسها.

(المحكمة الإدارية العليا-  الطعن رقم 645 لسنة 9 ق عليا – جلسة 2/11/1964)

ثانياً – البحث فى الاختصاص سابق على البحث فى الموضوع:

على المحكمة نظر الموضوع بالقدر اللازم للفصل فى الإختصاص بإعتباره من المسائل الأولية التى يلزم بحثها أولاً وقبل الفصل فى مسألة الإختصاص.

إنه ولئن كان الأصل أن البحث فى الإختصاص والفصل فيه ينبغى أن يكون سابقاً على البحث فى موضوع الدعوى، إلا إنه متى كان الفصل فى الدفع بعدم الإختصاص متوقفاً على البحث فى الموضوع، فإنه يتعين على المحكمة نظر الموضوع بالقدر اللازم للفصل فى الإختصاص بإعتباره من المسائل الأولية التى يلزم بحثها أولاً وقبل الفصل فى مسألة الإختصاص.

(المحكمة الإدارية العليا- الطعن رقم 807 لسنة 10 ق عليا – جلسة 10/12/1966)

 التزام المحكمة المحال إليها بالفصل فى الدعوى ولو كانت خارجة عن اختصاصها الولائى.

تلتزم محاكم مجلس الدولة بالفصل فى الدعاوى المحالة إليها طبقاً للمادة 110 من قانون المرافعات ولو كانت تخرج عن الإختصاص الولائى المحدد قانوناً لمحاكم مجلس الدولة.

(حكم الدائرة المنصوص عليها فى المادة 54 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 معدلاً بالقانون رقم 136 لسنة 1984 فى الطعن رقم 3803 لسنة 35 ق – جلسة 6/6/1992) 

عدم جواز الإحالة من محكمة الموضوع إلى محكمة الطعن.

إن الإحالة يجب أن تكون بين محكمتين من درجة واحدة مما يعنى أنه لا يجوز لمحكمة الموضوع أن تحيل الدعوى إلى محكمة الطعن، ولا تلتزم محكمة الطعن بالحكم الصادر بالإحالة حتى ولو جاء نهائياً بفوات مواعيد الطعن، فلا يحوز الحجية إذ أن الحجية يجب أن تكون فاصلة فى أمور تناولتها طلبات الخصوم وجرى فى شأنها تنازعهم.

(المحكمة الإدارية العليا-  الطعن رقم 1152 لسنة 7 ق عليا – جلسة 24/5/1964 – والطعن رقم 850 لسنة 19 ق عليا – جلسة 4/4/1978 – مجموعة 15 سنة ج- 2 ص 1108 – والطعن رقم 568 لسنة 22 ق عليا – جلسة 20/12/1980 – س 26 ص 183)

ثالثاً – الإحالة إلى المحكمة المختصة يكون بحكم من المحكمة وليس بقرار من رئيسها:

 بطلان قرار الإحالة إلى محكمة القضاء الإداري الصادر من رئيس المحكمة الإدارية – تحقق الغاية المرجوة من الإحالة بالإجراء الصحيح بالإحالة التى تمت بأداة غير صحيحة- أثره: عدم جواز الحكم ببطلان هذه الإحالة غير الصحيحة.

إن محصلة الدفع ببطلان قرار الإحالة أن محكمة القضاء الإدارى – وإن كانت هى المختصة بنظر الدعوى دون المحكمة الإدارية- إلا أنها لم تتصل بها إتصالاً قانونياً ذلك أن طرحها أمامها كان بناء على أداة أو إجراء غير صحيح قانوناً هو قرار الإحالة الصادر من رئيس المحكمة الإدارية وأنه ينبغى أن يصدر بهذه الإحالة حكم من المحكمة لا مجرد قرار من رئيسها وحده- الغاية المرجوة من وراء الإحالة بالإجراء الصحيح قد تحققت فعلاً بالإحالة التى تمت بأداة غير صحيحة- يترتب على ذلك عدم جواز الحكم ببطلان هذه الإحالة غير الصحيحة تحقيقاً لما إستهدفه المشرع بما نص عليه فى المادة 20 فقرة ثانية من قانون المرافعات من أنه لا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء.

(المحكمة الإدارية العليا-  الطعن رقم 215 لسنة 15 ق عليا – جلسة 23/3/1975 – وحكمها فى الطعن رقم 11 لسنة 21 ق عليا – جلسة 8/4/1978)

 جواز إبداء الدفع بعدم الاختصاص الولائي لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا:

يجوز للمدعى إبداء الدفع بعدم الإختصاص ولو لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا متى كان متعلقاً بالإختصاص الولائى.

(المحكمة الإدارية العليا-  الطعن رقم 2926 لسنة 30 ق عليا – جلسة 17/10/1987)

   صحة الإحالة لا تكون إلا بين محكمتين من درجة واحدة – أساس ذلك:

إن الإحالة يجب أن تكون بين محكمتين من درجة واحدة لأن القول بغير ذلك يؤدى إلى غل يد محكمة الطعن عن إعمال سلطتها التى خولها القانون فى التعقيب على الأحكام ويخل بنظام التدرج القضائى فى أصله وغايته ويسرى ذلك حتى ولو كانت الدعوى المقضى بعدم الإختصاص بنظرها من الدعاوى التى ينعقد الإختصاص للمحكمة الإدارية العليا إبتداء بنظرها وعلى درجة واحدة كما هو الحال فى الدعاوى المتعلقة بمخاصمة مستشارى المحكمة الإدارية لذا تقضى المحكمة بعدم جواز إحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا من محكمة إستئناف القاهرة.

(المحكمة الإدارية العليا-  الطعن رقم 2645 لسنة 33 ق عليا – جلسة 6/3/1988)

  الفصل فى الدفع بعدم الإختصاص سابق على الفصل فى موضوع الطلب المستعجل حتى لا يحمل قضاؤها فى موضوع الطلب المستعجل دون البت فى هذه المسائل على أنه قضاء ضمنى بالإختصاص أو القبول:

ومن حيث إنه ولئن كان الحكم المطعون فيه تضمن فى أسبابه القضاء برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، إلا إنه لم يتعرض فى منطوقه وفى أسبابه للدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً، إذ تناول مباشرة طلب وقف القرار المطعون فيه، فى حين أنه يتعين على المحكمة قبل التصدى لبحث هذا الطلب أن تفصل صراحة فى بعض المسائل الفرعية مثل الدفع بعدم الإختصاص والدفع بعدم القبول حتى لا يحمل قضاؤها فى موضوع الطلب المستعجل دون البت فى هذه المسائل على أنه قضاء ضمنى بالإختصاص أو بالقبول.

(المحكمة الإدارية العليا-  الطعن رقم 1621 لسنة 32 ق عليا – جلسة 30/12/1989)

 الدفع بعدم إختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى المرفوعة أمامها من الدفوع التى يجوز إثارتها فى أية حالة كانت عليها الدعوى:

ومن حيث إنه بالنسبة للدفع بعدم إختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى الذى أبدته الجهة الإدارية فى مذكرتها المقدمة أمام هذه المحكمة فإن هذا الدفع من الدفوع التى يجوز إثارتها فى أية حالة كانت عليها الدعوى بل وللمحكمة من تلقاء نفسها أن تبحث فى تحديد ولايتها فإن ثبت لها عدم وجودها قضت بعدم إختصاصها من تلقاء نفسها.

(المحكمة الإدارية العليا-  الطعن رقم 3125 لسنة 34 ق عليا – جلسة 24/11/1990)

  • موجز مبادئ حكم دائرة توحيد المبادئ في المرحلة الثانية (عام 1992):

(1) المادة 110 من قانون المرافعات الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 ، المادتان 167 ، 172 من دستور سنة 1971 ، المادة 15 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 . استحدث قانون المرافعات بنص المادة (110) حكماً لم يكن مقرراً من قبل وهو وجوب أن تأمر المحكمة بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة إذا هي قضت بعدم اختصاصها ولو كان عدم الاختصاص متعلقاً بالولاية – هذه الحالة المترتبة على الحكم بعدم الاختصاص الولائي لم تكن المحاكم تملكها من قبل تاريخ العمل بقانون المرافعات.

(2) إذا قضت جهة القضاء العادي بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى جهة القضاء الإداري فإن محاكم هذه الجهة تلتزم بنظرها أي بالفصل في موضوعها دون أن تعاود بحث مسألة الاختصاص الولائي بها ولو استبان لها أن موضوع الدعوى لا يدخل ضمن ولايتها الفصل فيه طبقاً لمواد القانون المحددة لهذه الولاية والعكس صحيح.

(3) الحكم بالإحالة ينطوي حتماً على حكم باختصاص المحكمة المحال إليها الدعوى وهو حكم له حجيته أمام جميع المحاكم بحسبانه صادراً من محكمة أناط بها المشرع الولاية في إصداره – ليس في التزام المحكمة بنظر الدعوى المحال إليها ولو لم تكن المحكمة التي قضت بالإحالة أعلى درجة إخلال بقاعدة عدم جواز تسليط قضاء على آخر إلا إذا كان الأول أعلى درجة – أساس ذلك : أن المقصود بهذه القاعدة ألا يكون للمحكمة أن تعيد النظر في قضاء صادر من محكمة أخرى إلا إذا كانت الأولى أعلى درجة والفرض أنه ليس للمحكمة المحال إليها الدعوى أي قضاء فيها.

(4) لا يكون هناك إخلال بقاعدة عدم جواز تسليط قضاء إحدى جهتي القضاء على قضاء الجهة الأخرى ما لم تكن المحكمة المحال إليها محكمة طعن كمحكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا – أساس ذلك : مخالفة هذه الإحالة للأوضاع والمواعيد والإجراءات وحالات الطعن المقررة أمام هاتين المحكمتين فضلاً عما قد ينطوي عليه الحكم بعدم الولاية والإحالة لأي من هاتين المحكمتين من إهدار حق التقاضي أمام أكثر من درجة فتضحي غير جائزة.

(5) محاكم مجلس الدولة وإن كانت لا تندرج في عداد المحاكم المخاطبة بأحكام قانون المرافعات إلا أنها مخاطبة بصريح نص المادة 110 التي أوجبت الإحالة ولو كان عدم الاختصاص متعلقاً بالولاية وألزمت المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها.

(6) تصور المشرع عدم التزام أي من القضاءين بالإحالة الصادرة إليها من الآخر وقيام حالة التنازع السلبي لا يعني البتة أنه قصد عدم سريان حكم المادة 110 مرافعات في الإحالة بين القضاءين وإلا كان الحكم المستحدث كله لغواً والأصل أن المشرع منزه عن اللغو – غاية الأمر أن هذا التصور يفرضه الواقع لا صحيح أحكام القانون – نتيجة ذلك : كان حتماً على المشرع أن يستكمل النظام القضائي بتحديد المحكمة المختصة بالتنازع السلبي على الاختصاص فضلا عن التنازع الإيجابي _ ما لم يكن الحكم الصادر بعدم الولاية والإحالة إلى محاكم مجلس الدولة منعدماً.

(7) يجب أن تلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بالفصل في موضوعها ولو استبان لها أنه لا يندرج في عموم الولاية التي أنيطت بها طبقاً لمواد القانون المحددة لهذا الولاية – أساس ذلك : لا اجتهاد مع صراحة النص – هذا الالتزام رهين كذلك بعدم وجود محكمة أخرى مختصة خلاف محاكم الجهة القضائية التي صدر الحكم بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى فإن وجدت تعين القضاء مرة أخرى بعدم الاختصاص والإحالة إليها – أساس ذلك : حجية الحكم الصادر بعدم الاختصاص والإحالة مقصورة فقط على أسبابه فيمتنع القضاء مرة أخرى بعدم الاختصاص الولائي لاختصاص المحكمة التي أصدرت حكم الإحالة ورهين أيضاً بعدم إلغاء حكم الإحالة من محكمة أعلى إذ به تزول حجيته.

فلهذه الأسباب

 حكمت المحكمة بالتزام محاكم مجلس الدولة بالفصل في الدعاوى المحالة إليها من جهة قضائية أخرى طبقاً للمادة 110 من قانون المرافعات ولو كانت تخرج عن الاختصاص الولائي المحدد قانوناً لمحاكم مجلس الدولة وأمرت بإحالة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة الإدارية العليا لتفصل فيه وفقاً لذلك.

(المحكمة الإدارية العليا – دائرة توحيد المبادئ – الطعن رقم 3803/35 ق عليا – جلسة 6/6/1992 – س 37 ص22) .[1]

عدم جواز الإحالة من محكمة الموضوع إلى محكمة الطعن:

المبدأ (1) –             تطلب المادة 44 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 أن يقدم الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا من ذوي الشأن بتقرير يودع قلم كتاب المحكمة موقع من محام من المقبولين أمامها ويجب أن يشتمل التقرير بالبيانات المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم وبيان الحكم المطعون فيه وتاريخه – بيان الأسباب التي بني عليها الطعن وطلبات الطاعن – عدم إتباع هذه الإجراءات – لا يكون هناك مجال لإعمال المادة 110 من قانون المرافعات التي تلزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها – لا يجوز لمحكمة الموضوع أن تحيل الدعوى إلى محكمة الطعن – التزام محكمة الطعن بحكم الإحالة الصادر من محكمة الموضوع يتعارض مع سلطتها في التعقيب على هذا الحكم الأمر الذي يتجافى مع نظام التدرج القضائي في أصله وغايته – نتيجة ذلك: عدم جواز إحالة الدعوى من محكمة الموضوع إلى المحكمة الإدارية العليا – حق صاحب الشأن في أن يسلك الطريق الذي يتفق وحكم القانون إذا شاء الطعن في قرار مجلس التأديب ألاستئنافي مثار المنازعة أمام المحكمة الإدارية العليا صاحبة الاختصاص.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم جواز إحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا.

(الطعن 568/22ق عليا – جلسة 20/12/1980 – س 26 ص 183 – وفي ذات المعنى: الطعن رقم 543 لسنة 18 ق عليا جلسة 20/5/1972 – والطعن رقم 5/24 ق عليا ـ جلسة 6/11/1982- س 28 ص 28 – والطعن رقم 5476 لسنة 45 ق عليا جلسة 25/11/2001 )

    قضاء المحكمة بشأن الفصل في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ينطوي على فصل في الاختصاص بنظر الدعوى – أثر ذلك: تقيد المحكمة بما فصلت فيه من اختصاصها بنظر الدعوى:

 ومن حيث إنه عن الدفع بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بنظر الدعوى محل الطعن الماثل فإن قرار رئيس مجلس الدولة بإنشاء دائرة لمحكمة القضاء الإداري بالمنصورة قد جعل اختصاصها شاملاً المنازعات المتعلقة بالعاملين بمحافظات : الدقهلية ، ودمياط ، وإذ الثابت أن المطعون ضده يعمل بمنطقة من المناطق التابعة للهيئة الطاعنة بمحافظة دمياط وتعتبر هذه المنطقة هي الجهة المتصلة بالمنازعة موضوعاً بحسبانها الجهة التي تيسر للقضاء بلوغ الحقيقة في الدعوى ولا يشترط في هذه الجهة الشخصية المعنوية وعلى ذلك فإن محكمة القضاء الإداري ( دائرة منازعات الأفراد ج ) وقد فصلت في طلب وقف التنفيذ فإنها تكون مقيدة بما فصلت فيه من اختصاصها بنظر الدعوى ، خاصة وأن الثابت من الإطلاع على محاضر جلسات المحكمة المذكورة عند نظر طلب الإلغاء أن الحاضر عن هيئة قضايا الدولة لم يدفع أمام المحكمة بعدم الاختصاص المحلي في أي من جلسات المرافعة ومن ثم فإنه لا وجه لهذا النعي على الحم المطعون فيه.

(الطعن رقم 541 لسنة 36 ق عليا – جلسة 29/12/1996)

   اختصاص – ما يخرج عن الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة – المنازعة في القرارات التي يصدرها وزير العدل وتكون متصلة بالإجراءات المرتبطة بالدعوى الجنائية – مثال: قرار الترخيص للمحامين الأجانب بالحضور والمرافعة أمام المحاكم المصرية في جناية محددة – قاضي الأصل هو قاضي الفرع:

ومن حيث إنه عن وجه النعي على الحكم المطعون فيه, بعدم الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة بنظر الدعوين فإن من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة، أن المشرع إذا أسند إلى محكمة معينة اختصاصاً بنظر نزاع معين، فإنه يكون قد خولها دون سواها الاختصاص بالفصل في هذا النزاع وكل ما يتفرع عنه من منازعات، إعمالاً للأصل العام المقرر بأن قاضي الأصل هو قاضي الفرع، لما يحققه ذلك من تركيز عناصر المنازعة أمام محكمة واحدة، بما يكفل سرعة الفصل فيها، ويحول دون تقطيع أوصالها نتيجة توزيع ذلك الاختصاص بين محاكم مختلفة قد تصْدر أحكاماً متناقضة.

ولما كان الترخيص مثار النزاع، يتعلق بحضور المحامين الأجانب والمرافعة أمام المحكمة الجنائية في القضية المشار إليها، فمن ثم تكون المحكمة الجنائية المختصة بنظر المنازعة الأصلية، تكون هي المختصة بالفصل في جميع المسائل الأخرى التي يتوقف عليها الحكم في الدعوى الجنائية المرفوعة أمامها؛ إعمالاً لحكم المادة (221) من قانون الإجراءات الجنائية, بما مؤداه أن المسائل العارضة التي تثار أثناء نظر الدعوى الجنائية المذكورة، تختص المحكمة الجنائية بالفصل فيها مع الدعوى الأصلية.

ومن حيث إنه ومن ناحية أخرى, فإن القرارات التي يصدرها وزير العدل وتكون متصلة بالإجراءات المرتبطة بالدعوى الجنائية، ومنها قرار الترخيص للمحامين الأجانب بالحضور والمرافعة أمام المحاكم المصرية في الجناية المحددة, لا يعد بحال قرارا إداريا بالمعنى القانوني الصحيح منسوبا لجهة إدارية، لما هو مستقر عليه من أن مجرد صدور القرار من جهة إدارية لا يخلع عليه في كل الأحوال وبحكم اللزوم وصف القرار الإداري، وإنما يلزم حتى يتحقق له هذا الوصف، أن يكون كذلك بحسب موضوعه وفحواه، والقرارات المطعون فيها، لا تعدو أن تكون إجراءات تنظيمية لحضور المحامين الأجانب أمام المحاكم الجنائية المصرية في قضية معينة بالتنسيق مع نقابة المحامين، ولا يعبر عن إرادة ذاتية للجهة الإدارية, وإنما تتصل بدعوى جنائية منظورة أمام محكمة جنايات القاهرة، مما يفقد تلك القرارات وصف (القرارات الإدارية) التي يقبل الطعن عليها بدعوى الإلغاء أمام محاكم مجلس الدولة.

ولا ينال من سلامة ما تقدم، ما أثير من أن المنازعة موضوع الحكم المطعون فيه, قد وردت على قرارات إدارية تدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري, إعمالاً لحكم المادة (172) من الدستور؛ ذلك أن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة وقضاء المحكمة الدستورية العليا، أن عموم ولاية محاكم مجلس الدولة بنظر المنازعات الإدارية على تباين صورها، لا يعني غل يد المشرع عن إسناد الفصل في بعض هذه المنازعات إلى جهات قضائية أخرى، وفي هذه الحالة يتعين على محاكم مجلس الدولة عدم التغول على هذا الاختصاص بذات ودرجة حرصها على إعمـــال اختصاصها المقرر طبقاً لأحكام الدستور والقانون، دون إفراط أو تفريط، وأداء رسالتها بإنزال رقابة المشروعية المقررة لها في حدود ولايتها دون تجاوز أو إنقاص، وأنه وفقاً لأحكام المادة (221) من قانون الإجراءات الجنائية المشار إليها، فإن المحكمة الجنائية التي تنظر الجناية المنوه عنها، تكون هي المختصة بنظر المنازعة حول مدى سلامة قرارات وزير العدل بالترخيص لبعض المحامين الأجانب بالحضور والمرافعة أمام محكمة جنايات القاهرة في الجناية المذكورة، باعتبارها متصلة بإجراءات مرتبطة بالدعوى الجنائية المذكورة، إعمالاً لقاعدة أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع والمسائل المرتبطة به.

ومن حيث إنه ترتيباً على كل ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن النزاع الماثل يتعلق بالطعن على قرارات وزير العدل بالترخيص لبعض المحامين الأجانب بالحضور والمرافعة في الجناية المذكورة التي تنظرها محكمة جنايات القاهرة، وكانت هذه القرارات تتعلق بإجراءات التداعي أمام محاكم جهة القضاء العادي، فمن ثم فإن هذه المنازعة لا تدخل ضمن اختصاص محاكم مجلس الدولة، وإنما ينعقد الاختصاص بنظرها للمحكمة الجنائية التي تنظر الجناية المذكورة، باعتبار أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع؛ حتى لا تتقطع أوصال النزاع.

ومن حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى غير ذلك وقضى باختصاصه بنظر الدعوى وبوقف تنفيذ القرارات المطعون فيها، فمن ثم يكون قد شابه الخطأ في التطبيق الصحيح للقانون، مما يتعين معه القضاء بإلغائه، والقضاء مجدداً بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر النزاع، وإحالته بحالته إلى المحكمة الجنائية المختصة بنظر الجناية المشار إليها.

(المحكمة الإدارية العليا – الطعن رقم 8807 لسنة 55 القضائية – جلسة 19/6/2010 – مكتب فني س 55 ص 564)

(1) راجع  الدكتور/ مصطفى كمال وصفي – أصول إجراءات القضاء الإداري – ص 407 وما بعدها.

(1) المحكمة الإدارية العليا – الطعن رقم 64 لسنة 3 ق –   جلسة 18/1/1958.

(2) المحكمة الإدارية العليا – مجموعة العشر سنوات – رقم 51 – جلسة 21/21/6491

(1) أنظر في المزيد من المبادئ القانونية في هذا المؤلف الكتاب – الأول – »الاختصاص القضائي لمحاكم مجلس الدولة«.

(1) استقر هذا المبدأ فى القضاء اللاحق لمحاكم مجلس الدولة ، ومن الأحكام المؤكدة له: الطعن رقم 3053/39 ق عليا – جلسة 9/6/2001 .

Comments are closed.

xnxxbf